مشروع الجزيرة المعجزة الإلهية التي فرطنا فيها
من نعم الله علينا في السودان أن أمدنا بأرض الجزيرة الغراء التي أحاطت بها ثلاثة من أكبر الأنهار في العالم (النيل الأبيض من الغرب , والنيل الأزرق من الشرق , ونهر النيل في قمة المثلث عند ملتقى النيلين في الشمال.
ومن نعم الله علينا في السودان , أن سخر لنا قوم ذوي علم وبأس (الإنجليز) أبان العهد الإستعماري, قاموا بترويض نهر النيل الأزرق للمرة الأولى في تاريخ البشرية. كان ذلك في عام 1925 عندما قام مهندسو وييتمان بارسون Weetman Pearson بتصميم وإنشاء خزان سنار , وتشييد وإنشاء ترعة الجزيرة. ومما يحكى أنه وفي بداية القرن العشرين وخلال دراسة الجدوى لمشروع الجزيرة قال أحدهم قولة جميلة جدا, هي أن هذه الأرض ( ويعني أرض الجزيرة) تبدو وكأنها خلقت خصيصا للزراعة بسبب ميلانها وإنحدارها المثالي ؛ حيث أنه لو إجتمع افضل مهندسي المساحة بعلمهم وبأدواتهم لكي يمهدوا هذه الأرض للزراعة, لما جعلوها بالميلان المثالي الذي وخلق الله تعالى به هذه الأرض.
وعلى ذلك يمكن أن نقول أن هذين المشروعين (خزان سنار, وترعة الجزيرة بفروعها كلها) , إنما هما من أبدع ما قام به الإنسان في مجالي الهندسة المدنية وهندسة الري في بداية القرن العشرين, حيث أنهما شكلا أجمل مثال لما يمكن أن يقوم به الإنسان لرعاية وعمارة الأرض بشكل سليم. وقد زاد من فعالية المشروع إنشاء خزان الروصيرص , وساهم ذلك في زيادة السعة التخزينية للمياه المتاحة لري الأراضي الزراعية الضخمة على ضفتي النيل الازرق. كما قامت الحكومة الوطنية في أوائل عهد الإستقلال, بإنشاء ترعة المناقل التي يكاد حجمها يضاهي ترعة الجزيرة. وقد كان لإنشاء ترعة المناقل الفضل الكبير في زيادة الرقعة الزراعية بشكل كبير وأتجه مشروع الجزيرة غربا حتى كاد يلتحم بالنيل الأبيض عند المناقل.
ويعد مشروعي الجزيرة والمناقل أكبر المشاريع المروية بالري الإنسيابي في العالم, وهذا إنما جدير بأن يكون مصدر عزة وفخر لكل أبناء السودان في كافة بقاعه وإتجاهاته.
و يمكن أن نقول أن النيل الأزرق وخزاني سنار والروصيرص, وترعتي الجزيرة والمناقل , والأرض الخصبة على ضفافي الأزرق هي المعطيات والأساسيات المادية المكونة لمشروع الجزيرة والمناقل. كما أن المكونات الرئيسية الاخرى هي الإدارة الصحيحة والمزارعين المؤهلين لحرث ورعاية وحصاد ما تنتجه هذه الأرض الطيبة. ولأهمية مشروع الجزيرة والمناقل في دعم الإقتصاد السوداني منذ عهد الإستعمار , فإن منصب محافظ مشروع الجزيرة كان يضاهي منصب نائب رئيس الجمهورية , نظرا للمسئولية الجسيمة الملقاة على عاتق من يتولى ذلك المنصب. كما أن المزارعين هم الحلقة القوية و رأس الرمح في استثمار كل هذه الإمكانيات الطبيعية والمادية والإدارية وترجمة كل ذلك إلى محاصيل زراعية صحيحة, بإنتاجية عالية الجودة. ونسبة لأهمية المزارع في نجاح المشروع, تكاتف المزارعين تحت إتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل حتى تتكاتف جهودهم وتتناسق من أجل خيرهم وخير البلاد جميعها.
وبكل مكونات المشروع المذكورة أعلاه, فقد مضى مشروع الجزيرة في أداء دوره بنجاح باهر , ساهم فيه بفعالية في دعم الإقتصاد السوداني , مما إنعكس إيجابا على الإقتصاد, و العملة, والصحة والتعليم , والصناعة والدفاع وغيرها من المكونات التي تؤدي إلى نجاح وتقدم الامم. وكان الإنسان السوداني يشار إليه بالبنان , كمثال للوعي الذهني , والعلمي والثقافي, والتقدم الإقتصادي.
ثم , ماذا حدث ؟ ولماذا تدهور الحال إلى ما نراه الان؟ وماذا حدث لمشروع الجزيرة , هذا العملاق الذي يستحق أن نطلق عليه قلب السودان النابض؟ ولماذا أصاب الوهن هذا القلب, وانتشر ضعفه في سائر الجسد السوداني ؟
لمعرفة أسباب الخلل, لابد من الرجوع إلى الأساسيات, والنظر في كل المكونات الخاصة بالمشروع, لإجراء مقارنة بما كان حالها في الماضي وحالها الأن. وفي مقال سابق بعنوان ( سد النهضة الأثيوبي دروس وعبر من سدود دول المصب) https://www.alnilin.com/news-action-show-id-79865.htm كنا قد عرضنا في ذلك المقال بعض الخواص الهندسية لخزان سنار, وكيف أن تصميمه التقدمي أتاح الموازنة بين خزن المياه , وتصريف الطمي من أجل المحافظة على خصوبة أرض الجزيرة الغراء. وذكرنا في ذلك المقال كيف أن إهمال إدارة السدود والخزانات منذ سبعينيات القرن الماضي قد أدى إلى تدهور كبير في سعة خزاني سنار والروصيرص. ولا شك أن بعض المعالجات التي تمت مؤخرا (كتعلية خزان الروصيرص) إنما تصب في الإتجاه الصحيح نحو تحسين الوضع للمشروع ككل.
ولاشك ان الخلل إمتد ليشمل كافة المكونات الأخرى للمشروع بإثتثناء المكونين الطبييعين وهما النيل الأزرق والأرض الخصبة.
نريد هنا من هذا المقال المتواضع ان نستنهض الخبراء والمزارعين في إدارة مشروع الجزيرة والجهات الحكومية والجامعات ومراكز الأبحاث الزراعية , والإدارية والإقتصادية, والهندسية في إحياء القيم والمثل التي أسس عليها مشروع الجزيرة وادير بها المشروع بنجاح منقطع النظير منذ عشرينيات القرن الماضي ولفترة تناهز الخمسة عقود منذ ذلك الحين.
إن أهمية هذا المشروع بمكان في كينونة وصحة دولة السودان ككل. وهذه الأهمية ليست تقليلا من المكونات الإقتصادية الأخرى كالبترول والمعادن والمشاريع الزراعية الأخرى في شرق وشمال وغرب السودان. لكننا يجب علينا جميعا بكل التخصصات المهنية العمل من اجل إعادة دستور مشروع الجزيرة إلى سابق عهده, من أجل خير بلادنا. ويجب الا نألوا أي جهد من أجل تحقيق ذلك الهدف , بالإستعانة ببيوتات الخبرة الزراعية والهندسية والإدارية والإقتصادية الصحيحة , حتى وإن كان بعض ذلك من الخارج, من أجل إعادة صقل الخبرة السودانية , وإرجاعها إلى رونقها الذي كان دائما هو ديدنها.
والله ولي التوفيق.
مهاجر في بلاد الله.
مراجع References
1. Ahmed, Abdalla Abdalsalam & Usama Hamid A.E. Ismail, Sediment in the Nile River System, UNESCO International Hydrological Programme, International Sediment Initiative, 2008 page 11
[B[frame=”1 80″]
]بإختصار شديد جداً :
السؤال لماذا يهدم مشروع الجزيرة … وتحارب الجزيرة وأهل الجزيرة !
إذا كانت زراعة القطن غير مجدية ، لماذا لا يتم تحويل زراعة
المشروع إلى زراعة القمح والسكر فقط ؟ وهى سلع استراتجية
ولماذا لا نتوسع في زراعة السكر ،طالما أننا نمتلك مقومات الإنتاج
ونحاول الإكتفاء والتصدير للدول الإفريقية والعربية ؟
ياترى هل عقمت حواء السودان ؟ وأين هم مهندسي الزراعة
وكليات الزراعة التي إمتلأت بها الجامعات والمدن ؟
بس كل الإعلام شابكنو القطن المحور … القطن المحور ![/frame]
[/B]
حقيقة ان مشروع الجزيرة يعتبر من اكبر المساحات الصالحة للزراعة بالري الانسيابي في العالم وهو نعمة كبيرة من المولى عز وجل والزراعة من أفضل الثروات
الاقتصادية وكان يمكن السودان أن يكون سلة غذاء العالم أو على الأقل سلة غذاء
العالم العربي لكن للأسف وبفضل السياسات الفاشلة والتي آخرها التقاوى الفاسدة لم نستفد من هذه النعمة واصبحنا متسولين نستورد كل المنتجات الزراعية من بلدان مساحتها تساوى مساحة المشروع واصبحت عندنا ازمة في كل شيئ القمح البصل العدس الخضروات والله من المخجل أن تجد حليب السعودية في الاسواق فالارض موجودة والماء ميسور فقط ينقصنا اناس يتحلون بجزء من الضمير وقليل من مخافة الله حتى يقف المشروع على رجليه عيب والله يكون المزارع هو الأجوع والأفقر وابناء المزارعين يتشردون في بلاد العالم ويعملون في المزارع ويرعون الحيوانات التي كان من المفترض تكون ملكهم في بلدهم