حوارات ولقاءات

السريرة مكي: الرئيس كسر البروتوكول عشاني.. ما دايرة أكتر من كدا

[JUSTIFY]نعم؛ للوقار طول وعرض وعيون وهامة سامقة اقترن اسمها بومضات وإشراقات من تاريخ بلادي.. والحال كذلك، فمن خلال قسماتها وتفاصيل وجهها يمكنك أن تضيف للقواميس معنىً جديداً للحكمة، والإلهام وباذخ السيرة، تنحته صورة الحاجة السريرة.. عيننا باردة؛ بلسان الرباطاب (الفصيح) مع ذاكرة متقدة ومحتشدة بالتفاصيل لن يسعنا سوى القول (ما شاء الله).. بنت الهاشماب الأمدرمانية المولودة في العام 1928، خلف عينيها تكمن ألف حكاية عايشت فصولها.. لم تنحن ابداً وظلت شامخة على سارية الوطن مثلها وذاك العلم ذي الألوان الثلاثة، الذي طرّزته أناملها رمزاً لسودان ما بعد الاستقلال.

مطلع كل عام وإعلان الاستقلال تتجدد عليها المواجع.. تتعبها الذاكرة المكتوية بكل آهات وأوجاع تلك الحقبة من عمر الاستعمار، تمحوها عنها حلاوة استقلال البلاد من بعد (استغلال)..

حسناً؛ لن ننسى أن نذكّر – بين يدي (ما شاء الله) ذاتها – أنّها معلمة، مربية، شاعرة، ومناضلة في آن، لعلّها المفردات التي شكلت شخصيتها، لتجمع في شخصيتها كل معاني الأنفة وعزّة النفس والإباء، مع سمت التفوق.. بذاكرة قوية لم تتأثر بالأعوام ولا المشاغل، وجسد متماسك البنيان.. من خلال دمعة تقطر، وصوت على تكسّره تستبين قوته وصلابته.. بلغة تحذقها ابنة قاضي المحكمة الشرعية، وزوجة ضابط السجون.

اتكأت السريرة على الوجع حيناً، فدوّنا كل تنهيدة خرجت من أعماقها وهي تحدثنا عن الوطن.. زيارة (اليوم التالي) الخاصّة لمنزلها بالثورة الحارة الرابعة، جاءت بغرض اقتفاء بعضاً من أثر تلك الفترة الاستعمارية، بين يدي ذكرى الحدث ابتغاء التوثيق.. وجدناها تقلب في صفحات (اليوم التالي) ذاتها، وتمعن النظر فيها، وإلى جوارها مجموعة من الصحف الأخرى.. مرحباً الحاجة السريرة مكي عبد الله الصوفي.

**

* كل سنة وانتي بخير وصحة

– أهلاً بيكم.. وكل عام وأنتم بخير، والسودان بخير.

* السريرة؛ المعلمة، بت القاضي، وزوجة ضابط البوليس..

– انا بنتمي لي قبيلة (الرباطاب).. والدي الخليفة مكي الصوفي كان يعمل قاضياً بالمحكمة الشرعية، كان خليفة الشريف يوسف الهندي في بري الشريف، وكذلك والدتي الحاجة نفيسة الحسن عوض الله من أوائل البنات اللائي درسن بمدرسة بابكر بدري للبنات برفاعة، وجدت بيئة جيدة عشان احقق حاجاتي، زوجي المرحوم العميد شرطة محمد عوض الله الحسن هو ابن خالي لم يقف في طريقي، بل بالعكس كان خير معين لي ساعدني بالكتب وأوراق الرسم لأني أصلا رسامة وفنانة وتشكيلية، حتى تصميم العلم وشجعني أن أرسله للاذاعة، الرجال كانوا ضاغطين، لكن النسوان الآن ضاغطات؛ الآن وزيرات، المرأة طوّرت أي شيء بإبداعها وتفكيرها.

* نقيف مع السريرة المعلّمة؛ معلمة بيوت آل المهدي وصاحبة التجربة في إنشاء مدارس في مناطق أخرى..

– أنا درست الكتاب في مدرسة العباسية، ونقلت إلى كلية المعلمات في أمدرمان معلّمة، ونقلت منها إلى مدرسة بنات أم روّابة شرق كردفان.. انتدبت أثناء وجودي في أم روابة لفتح مدرسة في الرّهد، بعد أن فتحت المدرسة، نقلت إلى كلية المعلمات أمدرمان مرّة ثانية، أدرّس الصباح مع الكتّاب، وبعد الظهر مع طالبات الكلية الخريجات معلمات.

* ……

– درّست وصال المهدي، عندي علاقة مع أهلها، السيّد عبد الرحمن كان جاب جواب للمديرة الإنجليزيّة وطلب منها فتح مدرسة لتعليم الكبار، لم تكن لديهم مدرسة في ذلك الوقت، عملوا المدرسة في العباسيّة، فكانت نساء السيد عبد الرحمن والسيّد الصديق يأتين، وبعض بناتهم في الدائرة في المدرسة ليلاً، والمعلّمات الكبار أمثال نفيسة عوض الكريم وسكينة توفيق يقيموا لهنّ المحاضرات.. عندما فتحت المدرسة كنت معلمة منذ أكثر من 4 سنوات، الكلام دا سنة 1944، وتم اختياري لأن أقوم بتقوية بعض الطالبات ممن لديهن مبادئ في الحساب والعربي في نفس المدرسة الليلية، والدة السيد الصادق كانت تأتي للمدرسة وفي الكُتاب، اكتوينا بنار الاستعمار ولم نستفد منه شيئا.. كنا بنتعرض لمضايقات، في معلمات إنجليزيات ومعلمات مصريات، لما تخطئ المعلمة السودانيّة كانوا بيجيبوها المكتب الكبير ويعملوا ليها استيضاح، ولكن المعلّمات الإنجليزيّات يغلطن أكتر من السودانيات ويغطوا على غلطهن.

* منو تاني من الناس الدرستيهم في تلك الفترة؟؟

– درّست طالبات كثر، منهن محاسن عبد العال، محاسن جيلاني، بنات الدرديري وبنات آل المهدي، مريم أبو القاسم، وخديجة محمد صالح، سيدة الدرديري، والتومة أحمد إبراهيم أخت فاطنة أحمد ابراهيم.. هن طبيبات وبعضهن مهندسات.. كنت ساكنة في الداخلية وبشتغل صباح ومساء.

* (السريرة دهب الكيلة).. شنو حكاية الاسم دا؟

– تلميذاتنا في المدرسة في ذلك الوقت كان عندهم اغنية لبعض المعلمات وانا كانوا بقولوا لي (يا ست سريرة دهب الكيلة، وست عمايم الوز العايم) وهي زميلتي أستاذة اسمها عمايم آدم لها الرحمة، حتى أحفادي في البيت لما أبوهم يقول ست سريرة يرددوا خلفه (دهب الكيلة)، وابني عمر عمل لي ديوان شعر باسمي (السريرة دهب الكيلة) وهو في المصنفات في انتظار الإجازة، به 18 قصيدة بعضها ضاع بسبب التنقلات الكثيرة مع زوجي، لكن كتبت قصائد كثيرة ،عندي قصيدة عن الاستقلال سلمتها للإذاعة لا اذكر منها غير مطلعه (يا وطني العزيز اليوم تم جلاك.. وبي همة رجالك والله نلت مناك).

* ومرحلة ما بعد التدريس…

– كنت بقدم برنامج مرّة في الأسبوع (حديث للأمهات وقصص للأطفال في الأسبوع الثاني).. استمرالبرنامج حتى سنة 1948 تركت العمل في التدريس، في زمن الاستعمار لم يكن هنالك عمل للمرأة بعد الزواج، وأصبحت ربة منزل، كان عندي اثنين من اولادي في الروضة.

* من وين جات فكرة العلم؟ وليه الألوان التلاتة بالذات؟

– الفكرة جاتني وقلت إنّو المستعمر سيأخذ أعلامه معه، والسودان لم يكن لديه علم، والرئيس إسماعيل الأزهري في نفس زمن الاستعمار عندما ذهب للمشاركة في مؤتمر خارجي، ما كان عنده علم، وكان يرفع منديله الأبيض فقط، وقلت في نفسي لماذا لا أصمّم علما؟ حتى لو نفع أو ما نفع أكون قدّمت عمل بالمناسبة السعيدة.. الفكرة جاتني وخطّطت ثلاثة خطوط في الورق، ولوّنتها بالبوهية؛ عملت الخطّ الأوّل بالأزرق، والثاني بالأصفر، وخلطت اللونين مع بعض عملت اللون الأخضر.. عملت مفتاح مع التصميم وضّحت فيه إنّ الأزرق يرمز للمياه والنيل، والأصفر للصحراء، والرمال، والأخضر يرمز للزراعة.. أخذت التصميم وأعطيته لأخي حسن مكّي الصّوفي -كان حينها طالباً في المرحلة الوسطى- ووضعت التصميم، ومعه القصيدة في مظروف، وأرسلتهما للإذاعة. كنت بجيب كراسات الرسم والبوهية.. نحن الناس الانكووا بنار الاستعمار، وكنا زهجانين، وكنا عايزين “متيين ناخد استقلالنا؟”.. الناس كانت فرحانة وتتمنّى هذا اليوم، وعندما أعلن الاستقلال من داخل البرلمان وخرج الناس للشارع طلعنا معاهم.. كانت هنالك الإذاعة فقط في منزل صغير في الهاشماب، وكلّ زول فكّر يعمل حاجة؛ واحدين كتبوا قصائد ورسلوها للإذاعة.. أنا من ضمن الناس من شدّة الفرحة فكّرت أعمل شنو؟ كتبت قصيدة بعد يوم الجلاء، وسحبت الكراس والبوهية، وعملت ثلاثة خطوط بالألوان، وقلت لمّا ربّنا يجيب اليوم البطلعوا فيهو الإنجليز حيشيلوا أعلامهم الاثنين ويمشوا بيهم، وحيبقى السودان بلا علم، ولم يفكر شخص في ذلك الوقت في العلم.

* وشنو قصّة اختيار تصميمك لاحقاً ليكون علماً لسودان؟

– لم تكن هناك مسابقة أو اختيار، ولم ينتبه أحد لمسألة إنّ السودان ليس لديه علم، وكان تصميمي للعلم هو التصميم الذي وصل للإذاعة، حوّلته الإذاعة للمجلس.. كان في حكومة ومعارضة قبل خروج المستعمر.. عند عرض التصميم وافقت الحكومة عليه، وعرضته على المعارضة، ووافقت عليه هي الأخرى، وتم اختياره علماً للسودان، وأيّ شخص يحضر شيء بمناسبة الاستقلال تذاع على الهواء مباشرة، وتمّت إذاعة القصيدة، أما التصميم فلم أكن أعرف عنه شيئاً، إلى أن جاء يوم رفع العلم، وعندما رفعه أزهري، وأنا أشاهد مراسم رفع العلم، بكيت من شدة الفرح إنّه ذات العلم من تصميمي يرفعه الأزهري؛ علماً لإعلان استقلالانا من المستعمر البغيض.

* وزعلت لما شفت العلم عند شخص آخر وأنت صاحبة الحق الأصيل فيه؟

– زعلت شديد، وحسيت إنّي مظلومة؛ إنّه حقّي ما يحفظ لي، لما شفت حواء الطقطاقة في مسيرة الاحتفال بإعلان الاستقلال ترتدي ثوبا من العلم الذي صمّمته.. ما سألتها لكن زعلت، لكن فرحتي بعد شفت العلم يرفرف خلّتني بكيت من شدّة الفرح.. ما في أحرّ من البكاء لأنّه أصعب من الهوان والذلّ.

* لماذا لم تصمّم السريرة ثوباً من علم السودان، أو حتّى تحتفظ به مثل ما فعلت المرحومة حواء الطقطاقة؟

– طبيعتي ما برتدي ثوب ملوّن منذ أن كنت معلمة.. بلبس الأبيض فقط، وأنا عملت العلم دا من أجل فكرة وطنيّة؛ أن يمثل السودان وليس لأن يقتصر على ثوب تلبسه امرأة، لكن في أشخاص من الحزب الاتحادي صمّموا علم بالقماش، ونصبوه على مدخل منزلي.

* فرّطت السريرة في حقّها في حفظ هذا العمل التاريخي أكثر من (54) سنة من عمر الاستقلال؟

– طيلة الفترة لم يسأل أحد عن الذي صمّم العلم، وأنا نفسي لم أهتم بالموضوع، طوال (14) سنة ظلّ فيها العلم يرفرف.

* ولكن ليه؟ دا سؤالنا..

– بعد الاستقلال غادرت الخرطوم لولايات أخرى مع زوجي الذي كان يعمل ضابطا في شرطة في السجون.. مشيت بورتسودان، بحر الغزال، مدني، وعندما عدت الى الخرطوم طيلة الفترة العلم مرفوع، ولا أحد يعلم من الذي صمّمه؟! حتّى المسؤولين لم يسألوا من الذي صممه؟ في مرّة ذهبت إلى الإذاعة، وكان عندي برنامج قدّمته اسمه (رائدات من جنوب الوادي).. في البرنامج تحدثت عن أننّي أنا المرأة التي صممت العلم، ولكن لم يسأل أيّ شخص عن الموضوع.

* ولحظة الاكتشاف الفعليّة متين كانت؟

– في العام 2009؛ عندما تمّ تكريم رموز الاستقلال احتجّ أبنائي وقالوا: كيف حواء الطقطاقة تلبس التوب من تصميمك وتكرّم، وإنتي تكوني مظلومة؟ ولكن من يوم أثبت حقّي، وحتّى الآن، لديّ 15 تكريما، الآن ما شاعرة إني مظلومة.

* يوم شفتي العلم بعد سنوات ولقيتيهو مُختلف عن الصممتيهو.. أكيد احساسك اختلف؟

– بعد أن رفع العلم أنا طلعت من الخرطوم ولما رجعت الخرطوم واستقريت (اتحطّمت) لما لقيت العلم تغيّر، لأنّو مشروعي وفكرتي الأولى تمّ إلغاؤها، ولكن عندما سألت لماذا تغيير العلم؟ قالوا إنّ كلّ الدول العربية أعلامها من أربعة ألوان، لذلك غيّروهوا من ثلاثة ألوان إلى أربعة ليتماشى مع أعلام الدول حولنا.. هو العلم المستمر الآن، وصمّمه عبد الرحمن الجعلي، وهو قريبي، لكن بحس إنّو الشيء العملته ضاع، وبزعل عليه، لأنّه كان ممكن يكون لحدّي الآن موجود، رغم إنّه في وقتها مثّل رمز سيادة السودان.

* الأزهري أو أيّ مسؤول في الحكومة هل سألوا عنك في تلك الفترة ومن صمم العلم؟

– لا.. ما في زول سأل، والأزهري ما كان عارف الصمّمو منو، وأنا ما طالبت ولا سألت.. عملي كان حبّا للوطن، وما كان عندي فيه أمل بأن اتكسّب من ورائه، أو أصل به لشهرة ولا غيرو، زعلت لأنّني كنت عايزة حقّي الادبي وأخذته الآن.

* إنت من الرعيل الأوّل ممّن وضعوا بذرة الاستقلال، في تقديرك ما الذي ينقص السودان ليمضي إلى الأمام؟

– الاتحاد اهم شيء، إذا اتحد الناس رجالا ونساء وشبابا وشابات، يمكن أن يمضي للأمام، البلاد فيها خيرات ونعيم، لكن عدم التوافق السياسي مع بعض هو الذي يضر الآن بالبلاد.

* عندك ذكريات مع الجنوب؟

– حزنت لانفصال الجنوب لكن التغيير بحصل دايماً والحياة ما بتمشي على متيرة واحدة بحصل يكون في انفصال في أي جزء، استقريت في الجنوب فترة طويلة مع زوجي كان في إدارة السجون في بحر الغزال واو والتونج وكان لدي صداقات مع نساء الجنوب وعشت لحظات عصيبة إبان اندلاع أحداث التمرد الأول.

* هل أحسست بأنّ الاستقلال ناقص بعد كلّ هذه السنوات بسبب عدم حفظ حقك في تصميم العلم؟

– شعوري ما قدرت أتملكه.. زعلت وما رضيت، لكن الآن ظهر الحق وزهق الباطل.. الآن أخدت حقّي بالزايد شويّة، الرئيس كسر البروتوكول ونزل من المنصة لتكريمي، أنا ما دايرة أكتر من دا.

* في ناس بتقول التكريم ووسامك الاستحقيتيهو الأيام الفاتت دا جاء متأخر.. يعني بعد أكثر من (54) سنة؟

– فعلا جاء متأخر، وفي ناس كرّموني، لكن تكريم الحكومة والرئيس هو الذي جاء متأخرا، لكن أشكره لأنه حفظ لي حقّي، وكرّمني، في المناسبة السعيدة على قلبي.

* السودان في عيده الـ(58) للاستقلال كيف تراه الحاجة السريرة؟

– نحن زرعنا البذرة الأولى لكن الناس والحكومات المتعاقبة ومن جاءوا بعدنا ما قدروا يرعوها.. لو رعوا أعمالنا التي قمنا بها في الأوّل، لكان حال السودان، ونساء السودان، تغيّر إلى أحسن من ذلك. نحن قاتلنا، ووضعنا لبنات من أجل المرأة، وأقمنا الاتحاد النسائي.. كنّا شغالين ما قاعدين ساي.. الناس ما تابعوا تلك الأعمال التي تمّت في تلك الفترة بشكل جيّد، والعمل ماشي بطيئ. تجربة النساء الرائدات الآن النساء شغالات أكثر من الرجال.. النساء أوصيهن يعملن أكتر من الذي يتم الآن، فهن المسؤولات عن تربية الأولاد وإدارة البيت والزوج وكمان المجتمع.

* ما هي وصيتك للممسكين بزمام أمر البلاد؟

– يجب أن يظهر الشباب ويمسكوا أمر البلاد لكي تتطور.. الشباب أكثر نشاطاً من الكبار ويجب أن يعول عليهم.. الكبار أدّوا رسالتهم، البلاد دي بي خيرها ونعيمها فقط تحتاج للأيادي العاملة وكل شيء ممكن يتطور لكن عدم اتحاد الناس هو المشكلة.

* مقارنة بين فترتكم بعد الاستقلال والآن.. أيهما الأفضل؟

– كل زول بي عمله، الأزهري ما حاجة ساهلة ولولاه لما وصل الناس لما هم فيه الآن، بتمنى إنو الحكم يتطور ويمشوا لأحسن منها، الآن هم شغالين لكن عليهم أن يعملوا أكتر ويطوروا البلاد أكتر.. نحن وضعنا البذرة الاولى.

* الرئيس قال ليك شنو في التكريم وبماذا نصحته؟

– الرئيس كان بقول لي يا حاجة أرفعي رأسك أثناء التقاط الصورة، وأنا كنت مستحية من الرئيس.. وهيبة وهامات ممن تكرمت في وسطهم ناس الصادق المهدي، وابن الميرغني والوزراء، والرئيس دعا لي بأن ينعم الله علي بالصحة والعافية و”يخليك للبلاد”، وشكرني وبارك لي الاستقلال، وأنا شكرته على التكريم.. تكريم مشرف بعد كل تلك الأعوام من ضياع حقي تكريم عام في القصر وفي المكان الذي رفع فيه العلم.

* ولحظات التكريم هل عادت بالحاجة السريرة إلى الوراء 58 عاماً؟

– فعلاً التكريم رجع بي لي وراء، تذكرت صورة الزعيم الأزهري ورفع العلم والحشود التي زحفت للقصر تلعن الاستعمار البغيض، وخطرت في بالي لحظات أول يوم فكرت فيه في تصميم العلم، وبكيت ودموع الفرح في عيوني.

* علاقتك مع من نساء المسؤولين؟

– بعرف فاطمة خالد حرم الرئيس البشير، اجتمعت معها مرة في قاعة الشارقة شربنا الشاي كان في اجتماع بخصوص الإيدز كانت مشرفة الاجتماع، اتناقشت معاي وتعرفت علي وعرفتني بي نفسها.

* لماذا لم تتقلدي منصبا وزاريا أو قيادي مثل بنات جيلك في ذلك الزمن؟

– نحن نشاطنا وقف من فترة، وتقلدت نفيسة أحمد الأمين منصب وزيرة ولم تستمر فيها، لكن أنا أولادي كانوا أطفال، وانشغلت برعايتهم ومشاغل البيت والسفر لحدي ما سويتهم ناس كبار، (ضحكت).. ضيعوا مني فرصة أن أبقى وزيرة أو حتى أواصل في نشاطي.. التعليم الآن ماشي لي قدام لأننا لم نجد حظ أن ندرس أكثر من المرحلة الثانوية في البنات ولم تكن هنالك جامعات.

* الاتحاديّون أو أيّ حزب آخر هل حاولوا استقطابك وضمّك لحزبهم في وقتها؟

– لا لا، أنا امرأة قوميّة ما بنتمي لي حزب، في ذلك الوقت لم تكن هنالك أحزاب كثيرة، ولم تكن لديّ علاقة بالاحزاب السياسية، أنا (حزبي السودان والوطن).. أولادي فيهم من يعمل مع الحكومة؛ الآن طارق في مراسم رئاسة مجلس الوزارء، والحرس الشخصي لرئيس الجمهورية لفترات، وهند محمد عوض الله المستشارة القانونيّة ومديرة إحدى الإدارات بوزارة العدل، وعمر مراسم وعلاقات عامة بوزارة النقل، لكن أنا ما كان عندي انتماء لحزب سياسي.

* يبدو إنك مهتمة بالصحف من كم الجرايد على (التربيزة).. البقراها ليك منو؟

– زمان كان في جريدة أو جريدتين، لكن الآن بطلب الجرايد وبقراها براي ونظري كويس، بقرأ الصحف وبطلع على الكتب وبحب الاطلاع والقراءة بدون نظارة في حين إنو أولادي كلهم بيقروا بالنظارات.. وبدخل الإنترنت أولادي يفتحوا لي (اللابتوب) وأتصفح المواقع وأشوف العالم فيه شنو؟ (ضحكت).. أنا مرأة (متحضرة) وأولادي عملوا لي صفحة في (الفيسبوك) باسمي؛ السريرة مكي الصوفي مصممة علم استقلال السودان

سلمى معروف: صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]

‫3 تعليقات

  1. الله يمتعك بالصحة والعافية ويطول عمرك في طاعته، ليت الناس تهتم بتاريخ السودان الحديث وتسجله ممن مازالوا على قيدالحياة

  2. الحمد لله الذي جعلك تبتعدي عن الحزبية الضيقة فنلتي حب جميع السودانيين دون فرز لأنك قومية فعلاً. و الحمد لله الذي أقر عينك بهذا التكريم الذي تستحقينه يا أمنا الغالية. نسأل الله أن يمد في أيامك و يمتعك بالصحة و العافية، و يوفق أبنائك و يقر بهم عينك.تقبلي حبي و إحترامي لك دوماً

    إبنك المحب لك : أبو محمد

  3. يا فخرنا بك وانتى تنسجين الوانا زاهية لرمزنا الرائد
    كنت فخرا وستظلين