هدية علي : الجنوب وسيناريو النفط مقابل الغذاء
وربما يقود الصراع بتطوراته المتلاحقة، في حال استمرار غياب هذه النخب عن المشهد، إلى تقسيم الجنوب لعدة دويلات ما بين يوغندا وكينيا والكنغو وإثيوبيا والسودان، خاصة وأن هذه الدول معروفة بالتداخل القبلي العنيف فيما بينها، إلى جانب حدودها المفتوحة الخالية من الموانع الطبيعية.
وتدخل التلميحات التي أشار إليها الرئيس اليوغندي يوري موسفيني لترجيح الموقف لصالح سلفا كير في دعم السيناريو القادم لتقسيم دولة الجنوب خصوصاً في حال عدم قدرة الرئيس سلفا كير في الفترة المقبلة على حسم الوضع في الجنوب لصالحه، وإذا استمر نائبه السابق رياك مشار يحتل بعض المدن ويتمركز في المناطق التي تضم حقول النفط. وتمادي أمد الصراع في دولة حديثة التكوين وهشة مثل الجنوب ربما يفتح مساراً آخر يقضي بوضع نفط الجنوب تحت الوصاية الدولية، وليس ذلك ببعيد، فقد حدث هذا عندما احتلت العراق وتعطلت تماماً حركة الإنتاج، فيما تدخل الخواجات وعينوا حاكماً عسكرياً وطبقوا برنامج النفط مقابل الغذاء، ومن عائدات هذا البرنامج دفعوا لمتضرري حرب الخليج. والجنوب بوضعه الحالي مرشح أيضاً لبرنامج النفط مقابل الغذاء.
فالمواطن الجنوبي لا يملك شيئاً آخر يؤمن به قوته ويدرأ به شرور نيران الحروب العصبية غير النفط كمشروع اقتصادي جاهز ومحمي دولياً، وما يؤهل لمشروع النفط مقابل الغذاء في الجنوب، أن سلفا كير لم يحسم الصراع لصالحه، وفي المقابل برز مشار يناور دول الجوار مثل السودان والعالم بورقة النفط بحديثه عن حمايته للنفط وعدم ممانعته في استمرار تدفقه. ولا أعتقد أن العالم أو ما يعرف بالمجتمع الدولي يجهل ما يجري داخل الجنوب بين فرقاء الحركة الشعبية الحاكمة، إنما ينتظر الطبخة لتنضج على نار هادئة، وإلا لماذا سارع هؤلاء في التدخل في إفريقيا الوسطى لمجرد نزاع داخلي محدود، وأصروا أن يبقوا على ما يجري داخل الجنوب الذي خططوا لمشروع انفصاله وتآمروا لقيام دولة مستقلة عن الدولة الأم تحت قبعة الإيقاد في مجال شرق إفريقيا، ولكن إلى حين اكتمال رسم خريطة تقسيم المصالح بين الصين وأمريكا في الجنوب، يبقى الخاسر الأكبر هو السودان الذي تحيط به المخاوف عن الولوج بنفوذه في قضية هي واحدة من مجالات نفوذه الحيوي، فاختار قبعة الإيقاد علها تقيه من سهام خصومه وتبعات فاتورة نزاع الجنوب ولسان حاله يقول «الفينا مكفينا».
صحيفة الإنتباهة