مقالات متنوعة

رمضان أحلى في السودان

رمضان أحلى في السودان
لا يختلف أثنان على أننا شعب نسيجه وحده، زهجنا براهو، فضولنا وشماراتنا، لومنا وزعلنا من بعض، مشاويرنا الكتيرة، ترابطنا وحنيتنا، وحتى فلسنا وجونا الحار براهو.. ورمضان عندنا شيتا كتر، ويعني شيء مختلف، شايفة الحناكيش كتروا شديد خاصة أصحاب الجيم المعطشة، كما أن حرف «التاء» عطش أيضًا مؤخرًا لمن ريقوا نشف، والتعطيش كلمة متعارفة تعني نطق الحرف بطريقة معينة لن تعرفها إلا بالسمع وهي خاصة بالنساء، «وتجيد هذا التعطيش النجمة رجاء الجداوي في أدوار الست هانم الغنية».
طريقة استعدادنا لهذا الشهر الكريم تختلف، وقد حكت صديقتي أنها وجارتها أتخذتا من حوش المبنى الذي تسكنانه مكانا لحش «بصلة رمضان» لرائحته النفاذة داخل الشقة، فمر بهما رهط من العمال البنغالة في طريقهم لداخل المبنى، وغابوا فترة من الزمن، ثم خرجوا فوجدوهما لا تزالان «متفنتين» على البنابر وشوال البصل ملقي تحت قدميهما، فتجرأ أحدهما وسألهما عن الشيء البسووا فيه دا، فردت عليه بسؤال: تعرف العصيدة؟ فهز رأسه بالإيجاب فأخبرته أن هذا البصل للعصيدة الرمضانية، ولما بدأ لها أنه لم يقتنع، أفهمته بإنجليزية «دراب» تشابه إنجليزيته، بأن الحر الشديد يجعل الدخول للمطبخ صعبًا في رمضان وأن هذا البصل يختصر الزمن.
إجراءات «البلبيل» التي تقوم بها السيدة في الصباح الباكر «بل الكبكبي والآبري والعرديب وغيره»، هذا الإجراء لا تشاركنا به أي سيدة في العالم، والحمد لله أن لدينا هذه البدائل متوفرة، فالمنقاية الصغيرة تباع الواحدة بأربع جنيهات وقس على ذلك إذا أردت صنع عصير من الفواكه الطازجة، كما لاحظت تركيزا في فضائياتنا على أكلة «السخينة» وكالوا لها المدح خاصة بعد إضافة الدكوة، يا أخوانا لو الكبار أكلوا السخينة الصغار ياكلوا نيم؟!.
وعلى سيرة القنوات الفضائية فقد قل شغف النساء المعروف بمتابعة برامج الطبخ وأخراج كراسات الوصفات، لأن معظم مكونات الطبخة بالشيء الفلاني، عليه أخير لينا «نتفجخ» وناكل أكلاتنا التقليدية دي فهي أرخص نوعا ما والبركة في الويكة فهي منذ القدم وعلى مر السنوات صامدة.
هناك «بلبيل» من نوع آخر وهو بلبيل الثياب والعراريق لدرء الحر والسموم من الأجساد، وما زال هذا الطقس يمارس في القرى والبوادي التي لم تصلهم فيها خدمة الكهرباء رغم نهر النيل المتمسح وراقد ساي دا، ولعل الأجر والثواب أكثر بحسب مايلاقونه من عنت ومشقة، سكان مدينة بورتسودان أيضًا اتخذوا من ثلاجات الفواكه ملاذًا يقيهم شر الحر والسموم، وحكى القادمون من هناك أن تلك الثلاجات يؤجرها أصحابها بالساعة، ولقد أصر بعض السكان على الصوم برغم الفتوى التي أباحت لهم الإفطار، جاء في الحديث القدسي برواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام «ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه»، كدا افتكر اتيقنتوا شوية.

فاطمة محجوب كرار
صحيفة الانتباهة