الطاهر ساتي
( نحن بعيدين لسع .. )
** الأثنين قبل الفائت ، توجست هنا هكذا ..( .. والد في شمال كردفان رمى ابنته بلا رحمة في بئر مهجورة ، عقابا لاهمالها الذي تسبب في ضياع بعض الغنم أثناء ساعات الرعي … وقبعت الابنة في قاع البئر أكثر من ثلاثين نهارا وليلة حتى أنقذها راع .. ثم جاء بها أهلها إلي الخرطوم للعلاج من رهق البئر .. ذهبت إليها الصحف لمعرفة كيف عاشت شهرا ونيفا في قاع البئر مع الثعابين والعقارب بلا ماء أو غذاء أو دواء ، فأجابت : كان رجل أبيض اللون يأتي كل فجر ويسقيني لبنا طازجا ثم يذهب لحال سبيله .. هكذا نص الخبر .. إذ ليس مهما للناس في الحياة نوع الرجل الذي كان يروي ظمأ الابنة ، فليكن إنسانا ، ملاكا ، جانا ..الرجل الأبيض يجب ألا يشغل وعي الناس في بلدى عن إدانتهم لفعل الأب في حال ثبوت الأدلة ..) ..هكذا توجست .. !!
** وللأسف حدث ماتوجست منه .. إذ لا يزال محور القضية في صفحات الصحف ومجالس الناس هو ذاك الرجل الأبيض الذي كان يروي ظمأ الابنة في قاع البئر ، أو كما قالت ، ولم يعد هناك أى ذكر للأب الذى رماها في البئر .. لو كنا دولة ذات وسائل واعية لانتفضت منظمات المجتمع المدني ولتظاهرت الحروف في الصحف ولاشتعلت ثورة الفضاءات والأثير نقاشا وحوارا ضد الأب وجريمته ، حتى لا يتكرر هذا النوع من الفعل من أي أب آخر في ابنة أخرى .. ولكن لأننا دولة طرائق تفكير وسائلها غير واعية ، تركت أصل القضية ، الأب والفعل ، وتشبثت بظلها ، الرجل الأبيض واللبن ..وهذه وسيلة غير حميدة لإخفاء الحقيقة ، وهى تنامى ظاهرة العنف ضد الأطفال حتى بلغ الأمر بأن تؤسس الشرطة إدارة لحماية الأطفال ، نشكر الشرطة وتلك الإدارة ، ولكن نؤكد بأن الشرطة وحدها لا تكفي لحماية الأطفال من كل أشكال وأنواع العنف .. نشر الوعي هوالحل ..والحديث عن رجل ابيض فى قضية تلك الطفلة لا يعد نشرا للوعي ، كما يظن تلفزيون البلد الذي نقل جانبا من الحدث ، وهو الجانب الذي يخص الرجل الأبيض واللبن على لسان الابنة … هذا ليس نشرا للوعي ، بل يعد خروجا عن ..( الوعي ) ….!!
** الملخص .. بعيدا عن تلك القضية .. هل عرفت لماذا نقارن وعينا العام كل نصف قرن بوعي الآخرين ، ثم نتوصل للنتيجة بكل يسر ، ونعترف : ياخى نحن لسع بعيدين … ؟؟ .. لأننا ندخل قباب القضايا بوجوهنا ثم نخرج منها بعد نقاش طويل ، ولكن بأدبارنا .. لنخفي الحقيقة ..!!
إليكم – الصحافة الاربعاء 03/12/2008 .العدد 5549
tahersati@hotmail.com
[/ALIGN]
والله يا ود ساتى هذا أروع ما قرأت من مقالات، لنخرج من أوهامنا أشياء ظلت تقعدنا للوراء كثيراً ،ولكن إيراد القصه بتك الصورة انما قصد بها أن الله لطيف بعباده فحفظ تلك الطفلة ، ولكن هذا فليعرفه الناس القاصى والدانى، اما الدوله فيجب ان ترى هذا الجرم والمجرم وتعاقبه ، أعانك الله
استاذ الطاهر وقرائنا الكرام كل عام وانتم بخير وانا علي اعتاب حجه ادعوا معي ربي يتقبل مننا ومن جمع الحجاج اصبت كبد الحقيقه ودي نفس العقليه التي تقبلت نحل جنوب الوطن وقروده اللي ازالت الالغام وهوما لم يحدث ايام ناس خالد بن الوليد وابرار الصحابه ولكنه حدث علي ايام عقولنا المتكلسه التي تقبل كل ماهو غير منطقي ونحمد الله ان عصر النت والعولمه قلص الفارق بين هذه العقول المتخلفه والحقيقه الوضيئه وعلي قول المصريين (سابوا الحمار وسرقوا البردعه) فالناس تركوا الرجل القاسي القلب المتحجر وانصرفوا عنه للرجل الابيض والرجل الاخضر ولله جند منها الرجل الابيض كل عام وانتم بخير