المقالات
الهواتف الجوّالة.. نظم استشعار مطورة
* رصد الجوال
* وإذا تم الحفاظ على هذه الإشارات من دون تسمية مصدرها، حتى يمكن تتبع حركات الجوّال من دون ربطها بشخص ما، فسيكون من الممكن استخدامها في أغراض تجارية من دون التعدي على الحقوق الشخصية. ويقول رودجر دنيس، وهو زميل ببيت الخبرة «إنوفرو» إن هذه التطبيقات المحتملة فعّالة بعد أن أصبحت الهواتف الجوالة وسيلة للتعقب يفرضها الواقع. ويضيف ان تدفق موجات من البشر سيتيح استخدام هذه التطبيقات في أي مكان توجد فيه هذه الموجات. وستستخدم إدارات النقل هذه التقنية بشكل أساسي لمراقبة تدفق المسافرين على المحاور، وفي أماكن التقاء الطرق.
وقد أعلنت «باث إنتليجنس»، وهي شركة ناشئة في بريطانيا، أنها تجري محادثات مع المطارات والمتاحف والملاهي، وأماكن أخرى بشأن هذه التقنية. وتركز هذه الأماكن على نظام «فوت باث» (Foot Path) الذي يتيح تعقب الهواتف الجوّالة (والزبائن من دون تسميتهم) في الأماكن العامة. وتُستخدم الآن خدمة «فوت باث» في بعض المراكز التجارية، ومن الخصائص المهمة في الخدمة أنها تتيح معرفة المدة التي يقضيها الزبائن في المركز، ومن هنا يمكن لهم التعرف على ما يجعل الزبائن يقضون فترة أطول، وبالتبعية كسب المزيد من المال قبل أن يرحلوا.
وبهذه الصورة ستكون من السهل إقامة بعض الأنشطة المكملة، فعلى سبيل المثال، شعر مدير أحد المراكز التجارية بالإحباط من أداء مقهى في المركز، ولكنه تردد في إغلاقه لأنه يخشى أن يكون هو ما يجذب الزبائن إلى المحلات المجاورة له. وباستخدام «فوت باث» علم المدير أن الأمر ليس كذلك، ولذلك اغلقه، وتوجد الآن محلات مكان المقهى، وتمتاز هذه المحلات بأداء أفضل. وقد يفيد هذا البرنامج أصحاب المراكز التجارية في المفاوضات التي تجرى بشأن تحديد الإيجار، ففي إحدى المرات، طلب بائع تجزئة خفض الإيجار بسبب الكساد الاقتصادي، ولكن هذا الطلب رُفض بعد أن عرض عليه مدير المركز التجاري بيانات تظهرها خدمة «فوت باث» تشير إلى أنه لا يعاني من هذا الكساد.
* تعقب الزبائن
* وهناك وسائل أخرى لتعقب الزبائن، حيث يمكن التعرف على هذا عن طريق موجات الراديو بأن تطلب من الزبون حمل شارات التعريف بالهوية بالموجات اللاسلكية RFID tags. ولكن، بطبيعة الحال يحمل الزبائن الهواتف الجوّالة طوال الوقت، وعادة ما تكون قريبة منهم. ويمكن أيضا تعقب الزبائن باستخدام الكاميرات، ولكن لن يكون ذلك شيئا فعّالا.
وتركز بعض الشركات على متابعة حركة المرور على الطرقات عن طريق الهواتف الجوالة. وتعرض شركة «سلينت» نظاما يسمى «ترافيك سنس» (Traffic Sense) يرسل بيانات حول عدد مرات السفر وسرعات القيادة وتنبيهات بالحوادث عن طريق تعقب الهواتف الجوالة من دون تسمية صاحبها. وترى إدارة المواصلات في ولاية جورجيا الاميركية أن «ترافيك سنس» أفضل من أجهزة الاستشعار التقليدية الموجودة على الطريق، فثمن الأخيرة أغلى وهي تناسب الطرق السريعة الرئيسة في العاصمة، بينما النظم التي تعتمد على الهواتف الجوالة، أقل تكلفة ويمكن أن تغطي شبكة طرق كاملة مع الطرق الجانبية. ويقول مايكل أشكول، ممثل «سلينت» لقناة «سي ان ان» «ان العالم يحتاج إلى حلول فعّالة ذات تكلفة معقولة لمراقبة الطرق». وهو يرى أن هذه الخدمة تفيد وزارات المواصلات وشركات الملاحة والمسافرين أنفسهم. ويقول سي سميث، وهو المدير التنفيذي بشركة «آير سادج» بمدينة أتلنتا، إن تقديم البيانات المرورية عن طريق هذا النظام قليل من كثير. وكانت الشركة قد أصدرت العام الماضي مجموعات من تطبيقات «ترافيك ويز» تعتمد على إشارات الهواتف الجوّالة دون تسمية صاحبها. ويعتقد سميث أن أنماط الحركة دون تسمية المصدر ستسهم بشكل كبير في عدد كبير من التطبيقات التي تساعد على تطوير العقارات والتسويق والإعلانات وإدارة الطوارئ، بالإضافة إلى التخطيط العمراني وتخطيط المواصلات.
* رصد المواقع والبيئة
* ومن المحتمل أن تكون نظم «جي بي إس» لتحديد المواقع الجغرافية، من وسائل التعقب على الطرق، ولكن قد يحتاج هذا الى مزيد من نطاق الترددات اللاسلكية التي يمكن أن تظهر إشارات الهواتف الجوّالة. ومن الممكن استخدام هواتف مزودة بخدمة «جي بي إس»، وقد قامت شركة نوكيا بإجراء تجارب مراقبة مرورية عن طريق هذه الهواتف في كاليفورنيا، ولكن القليل من الهواتف الجوّالة التي توجد بها هذه الخاصية. وقد تستخدم الهواتف الجوّالة في متابعة التغيرات البيئية. وقد يحس البعض أن هذا صعب المنال، ومع هذا تسعى «إنتل» و«نوكيا» وبعض الشركات المماثلة إلى تزويد الهواتف الجوّالة بأجهزة حساسة لقياس الإشعاعات ودرجات الحرارة ودرجة تلوث الهواء. وستكون الآلاف من الهواتف الجوّالة المزودة بهذه الأجهزة الحساسة بمثابة سلاح جديد في يد العلماء والحكومات والمواطنين لمواجهة الأخطار العامة. ويذكر أن منظمة الصحة العالمية تقدّر أن تلوث الهواء يتسبب في وفاة أكثر من 2 مليون مولود كل عام.
وبهذه الطريقة، سيمكن الكشف عن بعض الأخطار المحلية غير القانونية التي تضر التجمعات السكنية. ومع هذا، فثمة معوقات لمثل هذه الأفكار، فإضافة جهاز حساس إضافي سيستهلك بطارية الهاتف الجوّال، كما سيحتاج نقل البيانات التي تم تجميعها إلى شبكات ذات ترددات أعلى. ولكن يقول دانيل سكوكا، مؤسس خدمة إخبارية عن الهواتف الجوّالة في اليابان، إنه ربما يحصل مستخدمو مثل هذه الأجهزة على خصومات معينة. ويرى سكوكا أنه إذا ما تم التغلب على هذا الأمر، فستكون هذه التطبيقات الجديدة على الهواتف الجوّالة بداية لاتجاه جديد. ويشير إلى أنه «لم يكن من المستطاع القيام بمثل هذا الأمر من قبل، فالهواتف الجوّالة هي العامل الأساسي في أي من خدمات التعقب من هذا النوع».
ويعقد ألويسيس تشونج، وهو محلل بشركة «أي دي سي» للأبحاث، مقارنة لإظهار كيف يمكن للهواتف الجوّالة أن تقوم بهذه المهمة: «تشبه الاتصالات عن طريق الهواتف الجوّالة في الوقت الحالي النمل الذي يتصل ببعضه بعضا عن طريق قرون الاستشعار، فعن طريق تقارب الحركة وخدمة الإنترنت يمكن أن تكون الهواتف الجوّالة مثل الأعين والآذان المرتبطة بجهاز عصبي مركزي».
ولذا، يمكن تشبيه الآدميين الذين يحملون الهواتف الجوّالة بالنمل الذي لديه قرون استشعار، وهناك الآن مليارات من الآدميين ومعهم الهواتف الجوّالة يجوبون الكرة الأرضية.
الشرق الاوسط [/ALIGN]