تحقيقات وتقارير

صراع الجنوب وحربه بعيون خبراء إستراتيجيين

[JUSTIFY]لا أحد كان يتوقع ما يجري الآن في جنوب السودان، أكثر المتشائمين كان يتوقعها قضية ساعة أو يوم على الأكثر لتتناثر شرارات الاحتراب، لم يجزم أحد أين مصدرها، مشار متهم بافتعال انقلاب وفي الجانب الآخر مشار نفسه ينفي ذلك لتصل الشرارة إلى حد حمل البندقية، والصراع هذه المرة يأخذ منحنى قبليًا في رأي وعيون الخبراء والسياسيين، والبعض الآخر يصفه بأنه صراع على السلطة، وتمر الأيام وها هي الحرب بين سلفاكير ومشار تبلغ ذروتها والنار تأكل كل ما يقابلها نار سلفاكير ومشار ومعاونيه، لجأ الآلاف من مواطني الجنوب إلى مقار الأمم المتحدة، تتأجج النيران والحال لا يمكن وصفه هناك والخاسر النهائي في رأي عدد من الخبراء الإستراتيجيين وأصحاب الباع الطويل في الحقبة السياسية هو الدول الصديقة والمجاورة لجنوب السودان.
(أخبار اليوم) استنطقت أولئك فأيقنوا أن شمال السودان سيتأثر في الوقت القريب أو البعيد بمآلات الاحتراب الدائر في الجنوب وستجر الحرب دولًا أخرى إلى مربع الخسارة السياسية والاقتصادية، والحديث هنا عن يوغندا وأريتريا وإفريقيا الوسطى وإسرائيل وأمريكا باعتبارها الدول المنتفعة من جنوب السودان، بينما قلل البعض من خسارة الجنوب باعتباره الخاسر سلفًا منذ انفصاله عن الشمال فإلى محاور الاستطلاع:
حرب متوقعة
البروفيسور بركات موسى الحواتي المحلل والناشط السياسي يرى أن الصراع الدائر الآن بين قبيلتي الدينكا والنوير صراع قديم منذ اغتيال الزعيم جون قرنق في وقت لم يكن فيه النزاع على السطح، ظهر في ذاك الوقت في من سلوكيات كثيرة لوحت بحرب ستقوم في المستقبل، وأشار الحواتي إلى أن تيار باقان أموم منذ اغتيال قرنق بدأ في إظهار عدائه بصورة غير واضحة تجاه سلفاكير، مشيرًا إلى أنه تيار خفي والآن وصل الأمر إلى حد الاشتباك العسكري.
الشمال.. الضرر القادم
ويرى الحواتي أن شمال السوداني سيتأثر بصورة مباشرة بما يدور في الجنوب من النواحي الاقتصادية والأمنية، ودعا إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الحكومة لأنه في الوقت القريب أو البعيد سيتأثر السودان كثيرًا وكذا دولة القرن الإفريقي ودول الشمال خصوصًا يوغندا وأريتريا وكينيا.
إسرائيل .. باي باي
ووصف الحواتي إسرائيل بالخاسر الأكبر بعد أن وجدت لها موطأ قدم في جنوب السودان، وقال إن إسرائيل كانت تعول كثيرًا على دولة الجنوب من واقع ما تزخر به من موارد طبيعية وولايات إستراتيجية يمكن من خلالها أن تصل إلى مطامعها باعتبار الجوار الذي يربط الجنوب مع السودان، مبينًا أن أمريكا ستفقد ذراعًا من أذرعها في المستقبل القريب، موضحًا أن إسرائيل لن تستطيع النيل من شمال السودان بعد الآن بعد أن فقدت ما كانت ترتكز عليه.
مرارة القبيلة
الباحث في العلوم السياسية والمحلل السياسي بجامعة بحري د. حمد عمر حاوي، أشار إلى أنه يتوقع حدوث تسويات من دول الجوار وأن تكون أقرب للوصايا من قبل الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي. وفيما يخص الوضع الميداني في الجنوب صرح حاوي بأن الفظائع في دولة الجنوب لم تكتشف بعد وقد يكون الضحايا بالآلاف، ومن المتوقع أن تظهر مقابر جماعية أكثر ستكشف عنها الأيام القادمة، ورأى أن استمرار الحرب بهذه الطريقة إلى حين التدخل سيخلف الآلاف من القتلى باعتبار أن كثيرًا من ردود الأفعال من القبيلتين لم ولن تتوقف سواء أكان من الدينكا على النوير أو العكس في غياب الوعي والإحساس بالمرارة والغبن.
ملكال.. العودة المرتقبة
قال حاوي فيما يتعلق بسقوط ملكال عاصمة أعالي النيل في قبضة مشار وقاركوث، قال إنها حرب كروفر وإن المناطق في الجنوب سيتم احتلالها وتحريرها في نفس الوقت، متوقعًا أن تعود ملكال إلى أحضان سلفاكير وستدور الساقية هكذا إلى حين وجود حلول تمكن الطرفين من وقف الصراع.مشار… المتهم بريء
صرح حاوي بأن رياك مشار رجل خلوق ومثقف وهو مصدر قوة للحركة الشعبية، ونفى أن يكون مشار قد قام بالانقلاب على سلفاكير، ورأى أن مشار يتحدث باسم الجنوب أجمع لا باسم قبيلة النوير وأنه رجل يدافع دائمًا عن الحريات.
تدخل أمريكا
ينبغي معرفة الموقف العسكري والموقف العام في جنوب السودان حتى يتسنى للدول الأخرى وضع الحلول المناسبة والتدخل لحسم الأزمة، هكذا ابتدر الخبير الإستراتيجي والناشط العسكري والأمني اللواء العباس محمد الأمين حديثه معتبرًا أن تدخل أمريكا في الوقت الحالي من شأنه أن يتيح فرصًا للطرفين للجلوس على منضدة التفاوض، وتوقع أن يجد الجنوب دعمًا من الدول المجاورة، أما بخصوص ملكال والمدن التي تم احتلالها من قبل مشار أشار إلى أن دولة الجنوب دولة تقليدية وأنه يمكن إعادة المدن المحتلة بسهولة خاصة ملكال.
الحسم بالتنازلات
حسم الصراع بين مشار وسلفاكير بعيون الخبير د. صلاح الدومة أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية، واضح من رأيه الصريح أن أمريكا ستتدخل وتحسم الأمر بعمل تنازلات من الطرفين ولا مناص من أن يتنازل طرف للآخر حتى إذا لم يتمكن مشار من فرض شروطه لابد أن يرضى بما يمكن أن يسيّر الأمور ويوقف الاحتراب بين القبيلتين، خاصة أن مشار اعترف بأخطائه.
سلفاكير مسيطر
ويواصل الدومة حديثه وهذه المرة السؤال عن ما يدور في ميدان الحرب رد الدومة قائلًا: إن سلفاكير ميدانيًا هو المسيطر وسيظل يسيطر على جوبا، في حين أن مشار يسيطر على النفط في ولايات الوحدة وجونقلي، مبينًا أن السودان سيستفيد من ضخ النفط عبر أراضيه في حال تنصيب مشار لنفسه رئيسًا أو بقاء سلفاكير في حال تغلبه على مشار وهذا ما استبعده الدومة من واقع الحال، وأشار إلى أن الحديث عن تضرر إسرائيل من الحرب هو حديث سابق لأوانه ولا يمكن التكهن به في الوقت الراهن.
المواطن الجنوبي.. الخاسر الأكبر
أستاذ العلوم السياسية بجامعة إفريقيا العالمية د. حسن مكي ذهب مع اللواء العباس في أن الوصايا ستحسم ما يدور في الجنوب وليس الجنوب وحده بل السودان ومصر وإفريقيا الوسطى ويوغندا كل تلك الدول ستحتكم للوصايا الدولية تحت مسميات الديمقراطية وحقوق الإنسان وإيقاف الحرب.
إسرائيل.. زعزعة أمن السودان
ويرى مكي أن إسرائيل لن يهدأ لها بال حتى تتمكن من النيل من الشمال عن طريق جنوب السودان وصداقة الجنوب، واعتبر إسرائيل المستثمر الأكبر من الثورة في الجنوب ومن ناحية أخرى تنظر إلى سوق الجنوب نظرة ثاقبة، وأبان دكتور حسن مكي أن الخاسر الأكبر من الحرب في الجنوب هو المواطن الجنوبي لأن الحرب دخلت مدن الجنوب والمدن باتت لا تحتمل صوت الرصاص في وقت توقف فيه الامداد الغذائي والكهربائي بسبب الصراع القبلي بين الدينكا والنوير.
استمرار المعارك
يرى المحلل السياسي والخبير في الشؤون السياسية د. صفوت فانونس أن الحرب لن تتوقف حتى يتم إضعاف أحد الأطراف عسكريًا، ورجح أن يحسم سلفاكير المعركة في النهاية من واقع قوته التي وصفها بالأقوى مقارنة مع قوة مشار ووصف قوة مشار بالأقل فاعلية، وتوقع فانوس أن يستعيد سلفاكير مدينة ملكال خلال الأربعة أو الخمسة أيام المقبلة حسب مجريات الواقع على حد قوله.

إستطلاع : علي هاشم: صحيفة اخبار اليوم [/JUSTIFY]