رأي ومقالات

ماجدة البدرى عبدالرزاق: على الشمال ان يتدخل لنصرة الشعب الجنوبى

رؤية سياسية غير موفقة تلك التى تتحدث عن شكل المسار الحكومي المحايد فى التعامل مع الازمة الناشئة بدولة جنوب السودان ، ذلك لان الوقائع تشير تجاه الجانب المظلم من وجه الشمال الذى سيتأثر بما تفرزه الاشكالية من نتاج يضر بمصالحه السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، مما يضعه فى حرج طارى يصعب التكهن بمآلاته على المدى المنظور ، فالحرب القبلية المستعرة الان بين الجنوبيين هى حرب لن تنطفى شرارتها الى قيام الساعة ، ومهما توسط المجتمع الدولى ليضع لها الحلول السياسية فسرعان ما سيشتد اورها من جديد وتتمدد اللسنة نيرانها لتقضي على الاخضر واليبابس من ارث الجنوب الديمغرافى لانها ببساطة عبارة عن حريق مفتعل ، وعبارة عن بروفة مخابراتية تمتحن من خلالها المخابرات العالمية قدرتها الخارقة على احداث الفوضى بمناطق المخزون الاستراتيجى لخام البترول ، فالاجندة الدولية – ونقصد بالدولية المنفستو السياسي والاقتصادى السري للولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص ، هى اجندة تعلى من حدة النزاع القبلى والجهوى بين الجنوبيين لضمان تأخر عملية انسياب البترول ولاقناع المارد الصيني بعدم الجدوى من المماطلة والانفراد بخيرات افريقيا الاقتصادية … اذاً القضية قضية تضارب مصالح بين قطبي اقتصاديات العالم ، والظاهر من خلاف بين ريك مشار وسلفاكير مجرد ذكاء استخبارى يرجح كفة اخلاقيات الصراع على حساب الدوافع الدنيئة التى تدير الحرب من خلف حجاب ! لهذا ستظل الاشكالية اطول مدة سجالاً بين الاخوة الفرقاء ولن تضع الحرب اوزارها الا بعد تجفيف الخليج العربي من مصدر ثروة النفط و اقتناع الصين بخطورة الاستثمارات فى افريقيا ، وحتى يتحقق ذلك لاصحاب المصلحة فأن اعوام عجاف كثيرة ستمر على الجنوبيين وستلقى بظلالها الكثيفة على الشمال ، لان الشمال جزء اصيل من ديناميكية استقرار الجنوب ، واذا انتقلت اليه عدوة الصراع بالصورة المرجوة ، تكون تلك الجهات تحرت الدقة فى ضرب عصفورين بحجر واحد ، وبالتالى تكرار التجربة الصومالية بما يعنى تحول السودان العريض الى ساحة للاقتتال الداخلى ، مادام الحركات المتمردة فى الشمال ستقوى من خلال منفذ الجنوب الذى سيستقطب كل الوان الطيف الاستخبارى العالمى … لهذا يجب ان تكون رؤية الشمال تجاه ما يجرى بالجنوب رؤية تقوم على حساب الربح والخسارة وتنهض على مبدأ التدخل المباشر لمناصرة الشعب الجنوبى لضمان استقراره ولافشال الاجندة التى تخطط لتحويله الى مفرزة تجارب مخابراتية تتصارع من اجل مصلحة شعوبها النائية فى القارات البعيدة ، فاذا لم يستغل الشمال الفرصة المتاحة ويشارك بالقتال الى جانب صف القوات المسلحة الجنوبية لدحر المتمردين بقيادة مشار ، فأن التاريخ لن يرحمه ! وقوى الاستكبار ستنال منه بالدرجة التى ستجعله يعض على يديه ويندم على الفرص المؤاتية التى لم يستغلها كما ينبغى ،
ماجدة البدرى عبدالرزاق