تحقيقات وتقارير

السيد الإمام: عبقرية القفز من (تهتدون) إلى (تتراضون)

S Mahd1e[ALIGN=JUSTIFY]الحركة بعد مؤتمر جوبا: الوحدة قدر ومصير
سلفاكير تجاوز «فخ» أبيي ومخطط الشيوعيين بقطاع الشمال

الرأي العام: إسماعيل العتباني
… من المؤكد ان المؤتمر العام للحركة الشعبية قد نجح.. وتفادى حالات من الانقسامات والتشققات أطلت برؤوس عناوينها.. وكانت هناك مجموعة من التنازلات والتعديلات في اللوائح والمواقف.. ولذلك يمكننا القول بإن الجميع قد إتفق ان المرحلة الحالية لا تحتمل غير قائد واحد وهو الرئيس سلفا كير.. حيث تم الاجماع على سلفا كير لإعتبارات عديدة منها:
اولاً: أنه آخر من بقى من القيادة التاريخية المؤسسة والمكونة من ستة قادة للحركة الشعبية.
ثانياً: ومن ناحية اخرى فهو يمثل شوكة قبائل الجنوب الممثلة في قبيلة الدينكا.. كما انه حتى في قبيلة الدينكا يمثل عمق الدينكا ذلك انه من منطقة (قوقريال) في بحر الغزال وهي المنطقة التي تعتبر البحر الذي يغذى الحركة الشعبية بالرجال.
أما الأمر الثالث: فإن القائد سلفا كير يمثل جماع الشخصية الجنوبية.. كما انه من ناحية اخرى الوحيد القادر على تبني قضايا الجنوب.. والقادر على التواصل مع المؤتمر الوطني في الخرطوم.. والتواصل مع رئيس الجمهورية المشير عمر البشير.. كما ان سن رئيس الجمهورية ونائبه الأول متقاربة ومن ناحية اخرى فكلاهما من خريجي المؤسسة العسكرية السودانية وكلاهما يؤمن بوحدة السودان.
ولعل النصر الأكبر في المؤتمر العام للحركة الشعبية هو انحياز الحركة الشعبية بمؤتمرها العام إلى قضية الوحدة ولشعار الوحدة.
وإلى وقت قريب كان هناك كلام كثير بأن النخب الجنوبية تفضل الانفصال.. وأن النادي الجنوبي ناد انفصالي.. وأن رؤيته للشمال رؤية سلبية.. ولكن ان يبرز مسمى (الوحدة) بطريقة طوعية واختيارية من ابناء الجنوب من خلال مؤتمرهم العام.. وان تطل (الوحدة) من (جوبا) نفسها.. فهذا يعد تجديداً لمؤتمر (جوبا) (العام 1947م).. وهو تأكيد بأنه في العام (1102م) سيذهب الجنوبيون للوحدة.

تفادي الانقسام
ورغم ان المؤتمر لم يتم فيه تجديد لقيادات الحركة الشعبية.. وذلك تفادياً للانقسام والمواجهات، حيث تم الابقاء على نفس الوجوه القديمة عن طريق (التزكية) والتراضي ودون انتخاب مباشر ما عدا الرئيس سلفاكير الذي انتخب من قبل المؤتمر العام وليس مجلس التحرير وهذا يعطي له شرعية الزعامة والرئاسة.. ولكن الوجوه القديمة كذلك ومهما قلنا فيها.. ومهما تحدثنا عن الاختراق اليساري للحركة الشعبية.. واختراق مبرمج من مجموعات الحزب الشيوعي السوداني لمواعين الحركة الشعبية.. إلاَّ انه من الأسلم والأحوط ان تظل هذه المجموعات لأنها على الاقل مجموعات وحدوية.. ولأن وجود عناصر من الشمال كمالك عقار وياسر عرمان وعبد العزيز الحلو ومحمد يوسف محمد المصطفى والواثق كمير وغيرهم يدل على تأكيد المزاج الوحدوي في الحركة، ولكن مع ذلك هناك بعض الملاحظات حول هذا المؤتمر.. فالملاحظة الأولى.. ان الكلمة الثانية في المؤتمر بعد كلمة سلفا كير كانت (لفاولينو ماتيب).. وهذا يؤكد ان الحركة الشعبية اصبحت جبهة واصبحت نادياً لكل الجنوبيين ولأننا نعلم ان فاولينو ماتيب كان من خصوم الراحل قرنق وكان من خصوم الحركة الشعبية، ولكنه الآن تسنم موقع نائب القائد العام لجيش الحركة برتبة فريق.. كما ان ظهور فاولينو ماتيب في المؤتمر هو الذي دعم وجود د. ريك مشار ومستقبله كنائب لرئيس الحركة الشعبية لأن (النوير) اصبحوا قوة لا يستهان بها.. كما ان البترول يوجد في مناطقهم.. كما انهم لم يخفوا نواياهم انهم اذا لم يمثلوا بوزنهم الحقيقي فإنهم سيقودون حرباً ضد الحركة الشعبية.

فخ أبيي
ولذلك كان من الحكمة الابقاء على الدكتور ريك مشار في منصبه وكان من الحكمة ايضاً السماح لفاولينو ماتيب بمخاطبة المؤتمر.

أما الملاحظة الثانية.. فانه كانت هناك محاولات لنسف مؤتمر الحركة الشعبية وقاد هذه المحاولات للاسف الشديد نخبة من ابناء (أبيي).. الذين ظنوا انه لا نجاح أو فلاح للجنوب أو مؤتمره دون تحقيق مكاسب لنخبة (أبيي) وذلك بجعل ملف أبيي هو الملف الحي والاساسي في المؤتمر.. ولذلك حينما بدأ سلفا كير خطابه وقف أحد الاعضاء من أبناء (أبيي) وهتف (لاسلام بدون أبيي) فأسكته رئيس الحركة واجلسه. ويبدو ان السيد النائب الأول رئيس حكومة الجنوب والحركة الشعبية أفلح في ان لا يقع في فخ ابناء (أبيي) الذين يسيطرون جزئياً على المؤسسة العسكرية الجنوبية.. وحتى عندما قامت قوات الحركة الشعبية بدفع من قيادات دينكا (نقوك) العسكرية والسياسية في أيام انعقاد المؤتمر بالهجوم على مدينة (أبيي) ومقر اللواء (13) للقوات المسلحة رفض ابناء دينكا (واراب) ودينكا (توج) وقوات النوير في ولاية الوحدة مناصرتهم بدعوى ان مثل هذا الصراع يورطهم في صراع مع القوات المسلحة وأبناء المسيرية وحركة سومي المكونة من أبناء النوير وأمنوا جميعاً على ان حل مشكلة أبيي يكمن في الاحتكام إلى قرارات مؤسسة الرئاسة.

اسكات الهتيفة
وفي الحقيقة.. ان هناك مشكلة في (أبيي).. ولكن المشكلة من صنع أبناء أبيي انفسهم الذين تسيطر عليهم الشهوات ودخل عليهم (الاجنبي).. ولا يريدون ان يسمعوا صوت العقل.. ولذلك تمت هزيمة تيارهم الذي كانوا يقودونه في المؤتمر، حيث لم تصبح (أبيي) محوراً اساسياً في المؤتمر وكما قلنا وحتى عندما وقف رئيس الحركة سلفا كير لالقاء كلمته اسكت (الهتيفة) الذين نادوا بـ (لا سلام بلا أبيي)..
ثالثاً: قامت قوات من الجيش الشعبي بدفع من القادة السياسيين والعسكريين لدينكا (نقوك) بالدخول إلى مدينة (أبيي) ودخلوا في صراع مع حركة (سومي) التي قوامها النوير وليس الجيش السوداني أو المؤتمر الوطني.. وما كان للجيش السوداني ان يقف مكتوف الأيدي وحينما تحرك الجيش صمت الجميع.. وتم اخراج حركة (سومي) وتم اخراج جيش الحركة الشعبية من أبيي إلى ما وراء بحر العرب.. ولكن وكما رأينا في الفضائيات كانت التكلفة غالية.

توريط أمريكا
ثم حاولت نخبة أبناء أبيي توريط طرف من الإدارة الامريكية في قضية داخلية وذلك بتعيين (روجر ونتر) مستشاراً لحكومة الجنوب.. واشركته في مؤتمر صحفي اقامه في جوبا (إدوارد لينو) وتحدث فيه (روجر ونتر) بلسان الإدارة الامريكية وكال الاتهامات والتهديدات للحكومة المركزية، وهنا لا بد من وقفة ومراجعة تقوم بها الحكومة ومؤسستها الدبلوماسية.. فكيف يطالب هذا الروجر ونتر قوات الامم المتحدة بتدويل القضية وإنزال قواتها الى داخل أبيي.. ومن العجيب عندما كتبنا في مقال سابق ان هذا الروجر ونتر كان (عراب) قرار الحركة الشعبية بالانسحاب من الحكومة.. قامت القيامة علينا، ونفت الحركة الشعبية ذلك وكنا قد ذكرنا ان (روجر ونتر) دخل الجنوب بواجهة مساعد منسق المعونة الامريكية في شرق افريقيا لكننا كنا نعلم انه معلم استخباري متقدم لـ (CIA) وكالة المخابرات الامريكية.. فاذا به يظهر علينا هذه المرة كمستشار لحكومة الجنوب.. والسؤال مستشار لماذا؟
ومن العجيب ان ادوارد لينو مسؤول استخبارات الحركة الشعبية بات يعرف الآن ان سلفا كير وكثيراً من أبناء الحركة أرادوا التخلص منه ومن ضغط أبناء (أبيي).. وقالوا له اذا كان تعيينك والياً أو حاكماً على (أبيي) سيحل المشكلة فقد عيناك فاذهب وجرّب حظك.. وها هو (إدوارد لينو) يبدو غير قادر على إدارة معركته ليس فقط مع المسيرية، ولكن كذلك مع النوير والنوبة وبعض فصائل الدينكا الاخرى في (واراب) و(توج) دعك من ان يجد حلاً مع المكونات الاخرى كالرزيقات ثم الحكومة المركزية.. ولذلك نفهم مغزى استنجاده (بروجر ونتر).
ولقد كان فخ (أبيي) كبيراً لأن أبناء (أبيي) في الحركة الشعبية ارادوا ان يشعلوا الحرب في وقت انعقاد المؤتمر العام.. وبدلاً ان ينتبه المؤتمر لقضية الوحدة والشراكة وقضية تطبيق اتفاقية السلام وقضية انتخاب دستور الحركة الجديد وترتيب البيت من الداخل باعادة هيكلة الحركة.. ارادوا ان تصبح (أبيي) هي القضية المحورية.
ويذكّر ذلك تماماً بما حدث في أكتوبر المنصرم حينما توجهت الانظار إلى حل مشكلة دارفور وعقد مؤتمر (سرت) فاذا بأبناء (أبيي) الذين يسيطرون على مؤسسات الحركة بمن فيهم وزير الخارجية الحالي ينسحبون من الحكومة.. والقاسم المشترك بين الحادثتين كان تواجد (روجر ونتر) في جوبا.
ولذلك فان نجاح الرئيس سلفا كير في تجاوز فخ (أبيي) يعد انجازاً كبيراً.

الشيوعيون.. والقبيلة
ولكن لم يكن فخ (أبيي) هو الفخ الوحيد الذي نجح الرئيس سلفا كير في تجاوزه.. فهنالك كان فخ اليساريين والشيوعيين الذين فبركوا انتخابات القواعد واللجان في قطاع الشمال، وافلحوا في ابعاد العديد من أبناء جبال النوبة والجنوبيين المستقرين بالشمال.. ودفعوا بها إلى المؤتمر العام.. وقد نجح الرئيس سلفا كير في التصدي لهم ووضعهم في حجمهم.. ولم يتم تصعيد عدد من الرؤوس الى مجلس التحرير الوطني.. كما لم يدخل بعضهم المكتب السياسي..
ولكن (الفخ) الذي فشل سلفا كير في تجاوزه هو (فخ) (القبلية).. فالحركة الشعبية في النهاية هي تحالف لأكبر اربع قبائل في الجنوب مضافاً إليها ممثلين لمنطقتين.. وهي المجموعة الإستوائية التي ربما يمثلها (جيمس واني) والدينكا التي يمثلها سلفا كير ذاته والنوير ريك مشار وتعبان دينق وفاولينو ماتيب.. والشلك باقان أموم ولام أكول.. والنوبة عبد العزيز الحلو.. ومجموعة النيل الازرق مالك عقار.
والمناصب كانت محدودة.. هي الرئيس ونوابه الثلاثة والأمين العام ونوابه الاثنان، ولكن تحت الضغوط اصبح هناك ثلاثة نواب ومساعد أمين عام حتى تتسع الحلقة لكل الحلفاء.. ولكن مع ذلك تم اسقاط بعض الشخصيات المهمة كالدكتور لام اكول الذي جاء محمولاً على أبناء أعالي النيل الذين لا يبدو انهم سيقبلون بهذه التسوية.
أما النجاح الأكبر للمؤتمر العام هو وضع الحركة في مسار الوحدة.. بحيث اصبحت الحركة وحدوية في إطار الجنوب اولاً.. مما عنى هزيمة كبرى للإنفصاليين.. ولكن هل سيسكتون؟.. وقد برز هذا الانتصار في الصدمة التي اصابت الصحافة الجنوبية الانفصالية، حيث بدت وكأنها في مأتم حداد.. وفشلت حتى في تغطية مراسم المؤتمر.. ولكن ما سكت عنه المؤتمر كذلك.. هو ماذا عن الجيش اليوغندي في الجنوب.. وماذا عن الاستخبارات اليوغندية التي اصبحت تسيطر على بعض مكاتب الحركة الشعبية ككتبة وفنيين لإدارة الحواسيب وغيرها.

جيش الرب
وماذا عن جيش الرب.. وماذا عن العلاقات مع يوغندا. ويوغندا كانت تقف ضد اعلان الحركة الشعبية حركة وحدوية.. لأن يوغندا كانت تطمع دائماً في الوصاية على الحركة الشعبية.. ولأن هناك من اتهم يوغندا بلعب دور في اغتيال جون قرنق لأنه وحدوي.
وماذا عن العلاقات الخارجية للحركة.. وماذا عن مصير اولاد قرنق واليساريين.
كما أن كل الاحزاب الجنوبية السياسية الاخرى لم يبرز لها صوت في المؤتمر.. واصبح المؤتمر نادياً للجنوبيين المنضوين تحت لواء الحركة الشعبية والمتحالفين معها.. كذلك هناك اشكاليات حركة المجتمع المدني في الجنوب، لأنه ثبت عملياً انه بدون عشيرة أو قبيلة سيتخطفك الطير.. ولا مستقبل لمنظمات المجتمع المدني إلاّ بدعم من كبير أو وزير.. وكذلك ضاع الصوت الاسلامي وضاع مسلمو الجنوب بذات الصورة التي ضاعت بها الاحزاب الجنوبية التي لم يبرز لها صوت أو رأي في تشكيل مستقبل الجنوب.
ولكن كذلك ومع نجاح مؤتمر الحركة فإن المدافع لم تسكت في (أبيي) وإن سكتت بعد المؤتمر فإن الشحن مازال موجوداً.. والغضب موجوداً.. والمؤامرات موجودة.. ونحن نرى مع الرئيس البشير ان حل مشكلة (أبيي) لا يمكن ان يكون حلاً منفرداً.. ولا يمكن ان يصبح الاطار المرجعي له تقرير الخبراء.. وان حل مشكلة أبيي يكمن في تطوير منطقة (أبيي) وفي تنميتها في ظل إدارة مشتركة بين أبناء المنطقة سواء أكانوا من دينكا نقوك أو المسيرية.. وان مستقبل (أبيي) وهي منطقة واعدة بالنفط وواعدة بالمرعى والزراعة.. ان تصبح منطقة تجاذب وتكامل لكل السودانيين، وبدلاً من الاقتتال وادعاء ان (أبيي) جنوبية أو شمالية يجب اعلان منطقة (أبيي) منطقة تكامل وجذب للاستثمارات حتى تصبح (أبيي) نموذجاً للسودان الجديد ويمكن ان تصبح أهم من منطقة سد مروي.. والآن إذا كانت منطقة سد مروي بدأت تدب فيها الحياة بفضل الخزان وبفضل المطار الدولي وبفضل شبكة الطرق والكباري التي عمتها، فإن (أبيي) بفضل التلاقح والتعايش ومد شبكات الطرق وكمنطقة نفطية ورعوية وزراعية يمكن ان تضم المطار الدولي لتصبح منطقة حرة للتبادل التجاري.. وبذلك بدلاً من ان يضيع أبناء أبيي في (محرقة) صراع لا معنى له، ذلك ان كل السودان الآن يتقدم باستثناء أبناء (أبيي) يتأخرون.. وبدلاً من ان يصبح النفط دعماً لأبناء أبيي ومواهبهم ودفعاً لقدراتهم.. أصبح الآن أبناء أبيي في اسفل القائمة.. تغلق المدارس والمستشفيات ويصبح أبناء أبيي مرهونين لقضية لا يمكن حلها، وهل هي جزء من كردفان أو بحر الغزال.. وتدور الحروب ويدفع ابناء المنطقة الثمن.. بينما يظل الاحوط والاكمل ان تنفتح أبيي للبترول والتنمية وان يذوق أبناء أبيي نعم التنمية والدراسة.. ليبرز ابن (أبيي) المتعلم على نهج (فرنسيس دينق) بعد خمس أو ست سنوات ويصبح هو الاقدر على حل مشكلة أبيي. ولذلك لا مناص إلاّ بالرجوع الى دعوة وصرخات الرئيس البشير في ان تصبح أبيي ماعوناً للتنمية وللتلاقح الثقافي والتعايش الانساني والتفاعل المهني.. وماعوناً لجذب مختلف انواع القوميات السودانية ومهاراتها المتنوعة.. وماعوناً للسودان الجديد الذي كان يتحدث عنه جون قرنق وهذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى فإن من البشارات ان تأتي بعد (طامة) خليل ملحمة الوفاق والتراضي مع السيد الإمام الصادق المهدي.. وأن يتقدم الأمام خطوات من مرحلة (تهتدون) إلى (تتراضون) وان يتقدم إليه الرئيس البشير خطوات داخل منزله وليس دار حزبه.. ولعل هذه الملحمة من كبرى البشارات، ذلك انه في يوم من الأيام كاد السودان ينشطر في عقله السياسي.. فالصادق المهدي في تشريقته المعروفة (تهتدون) أصبح يتخطفه التجمع الوطني ويناديه النادي العالمي وتسلحه الأجهزة التي لا تريد استقرار السودان..

تتراضون.. تتحابون
ولكن ها هو إعلان (تتراضون) الذي نرجو ان يتطور سريعاً إلى إعلان (تتحابون).. حتى يستطيع رئيسا المؤتمر الوطني والأمة القومي من قيادة دفة سفينة نوح لانقاذ كل أهل السودان من الغرق.
ولعل هذا الاعلان ليس فيه جديد غير مطروح باستثناء قبول الشريكين لأن تكون (06%) من مقاعد الانتخابات للدوائر الجغرافية و(04%) للتمثيل النسبي.. ولعله لشئ مهم ان يتراضى أهم شريكين في الشمال على هذه المسألة. ولكن قد يدور سؤال خصوصاً وان هذا الحوار قد امتد الى شهور بل وإلى سنوات مع الإمام الصادق منذ أيام وثيقة (جيبوتي)، لماذا تأخر هذا الإعلان كل هذا الوقت. وهل يحتاج السيد الامام الصادق المهدي لثماني سنوات اخرى حتى يدعو لاندماجه وتحالفه الكلي مع المؤتمر الوطني في جبهة وطنية واحدة.
ولعل من الصحيح ان السيد الامام كان يواجه معارضة من داخل كيانه الحزبي من بعض الجهات المخترقة باليسار، كما في مجموعات الطلاب بالجامعات وبعض القيادات في الحزب الموصولة بالحركات العنصرية والمزاج القبلي في دارفور وغيرها والكارهة للتحالف مع الجبهة الوطنية.
ولكن السيد الامام الصادق المهدي ومنذ ان رباه ودربه جده السيد عبد الرحمن المهدي على مهام الحكم والنظر الموضوعي كان مع الاسلاميين، درس بينهم وتذهب بعض المقولات بأنه كان موصولاً جداً بنادي الاخوان المسلمين في الجامعات ثم كان جزءاً اصيلاً من مؤتمر القوى الجديدة في العام 0691م ثم بعد ذلك طوّر علاقاته مع النادي الاسلامي ودخل معه في تحالف الجبهة الوطنية المعروف.. ولذلك نرى ان ما حدث تحصيل حاصل لتوثيق علاقة تاريخية كانت بارزة وموجودة.

لماذا التأخير؟
والسؤال يبقى لماذا تأخر السيد الصادق كل هذه الفترة حتى اذا وصل لهذه القناعة الموضوعية وهذه الرؤية العقلية السديدة بضرورة التصالح والتراضي مع المؤتمر الوطني كأهم قوة سياسية في السودان الآن.. وانه لا سلام ولا ترقي ولا تقدم ولا وئام إلاّ بالحوار مع المؤتمر الوطني.. ولا شك انه في جلساته الطويلة مع الرئيس البشير قد اكتشف اريحية الرئيس البشير ووطنيته وصدقيته وذكاءه ومقدراته وبات موقناً بأن الزعامة والقيادة تكمن في هذا الرجل الذي يحمل اسماً يدل على البشرى والبشارة.

غبينة الترابي
ولكن نخشى على ما وصل إليه الامام الصادق المهدي مع المؤتمر الوطني ان يعرضه الى بعض المشاكل مع اعضاء حزبه وربما يعرضه ايضاً لبعض المشاكل مع المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي.. خصوصاً وان المؤتمر الشعبي قد سارع وانتقد اتفاق التراضي.. ونحن نستغرب للمؤتمر الشعبي ولرجل في عقلية الدكتور الترابي يريد ان يرهن عقله السياسي وان يرهن السودان لإحنه وغبينته على انداده وتلاميذه في المؤتمر الوطني.. ولذلك يجب ان نذكره بأن أمر الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وأمر التداعي لخدمة البلاد أكبر من (الغبينة) وأكبر من الاحقاد وتصفية الحسابات. ولذلك تظل الدعوة ممدودة له ولهم وممدودة للسيد محمد عثمان الميرغني للدخول في نادي التراضي والصفاء والتلاقي الوطني.

(smc)[/ALIGN]