تحقيقات وتقارير

الموازنة الجديدة .. التخوّف من المفاجآت

[JUSTIFY]بشريات عديدة حملتها موازنة العام 2014م من جانب البرلمان ووزارة المالية من أن تنفيذ خطط الميزانية سيلقي بتأثيرات إيجابية على المواطن السوداني وبدأ نائب رئيس البرلمان د. عيسى بشري متفائلاً عقب تسلمه مهامه رسمياً بالوقوف على قضايا الناس ميدانياً، ونبه إلى الاتفاق على المنهجية والقضايا الإنسانية التي ستودع بها الموازنة العامة للدولة، مؤكداً أن الموازنة الجديدة مبشرة للمواطنين وأنها نهاية لمرحلة اقتصادية قادمة، قاطعاً بأن المواطن السوداني سيكون محور الاهتمام، بالمقابل بيّن وزير المالية أن منهج وأهداف الموازنة الجديدة تحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد، بيد أن الخبراء يرون أن الأرقام التي خرجت بها الموازنة توقعات مبنية على افتراضات وأن الافتراضات التي بينت عليها الموازنة افتراضات جيدة..

**

ولكن المخاوف موجودة من حدوث مفاجآت قد تشكل تحديات للموازنة من بينها الاضطرابات التي تشهدها دولة جنوب السودان الآن والتي ربما ينتج عنها توقف ضخ نفط الجنوب الذي يدخل ضمن الموازنة مما يؤثر على سير الموازنة والميزانية وتفاقم الوضع إذا طرأت أية تداعيات، إلى جانب عدم استقرار سعر الصرف كما أن البشريات التي تحدث بها وزير المالية ستؤدي إلى احتمال انخفاض سعر الدولار وليس تصاعده، ونبه الخبراء إلى أن الذهب لا يدخل الميزانية وإنما في ميزان المدفوعات الخارجي، أيضاً الدخل من صادرات اللحوم لا تدخل في الميزانية وإن ما يدخل الميزانية هو ما تملكه الحكومة. لذا لابد من الحذر والحيطة لما يحدث من مفاجآت والتوازن في الموازنة.

أكد الخبير الاقتصادي د. كمال كرار أن نتائج موازنة العام 2013م التي أعلنها وزير المالية عن معدل النمو عن الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 6.3% وأن متوسط معدل التضخم 25%، هذين الرقمين بالذات ليس فيهما أدنى شيء من الصحة في ميزانية 2014م، لأن الأرقام التي صدرت من الإحصاء المركزي كانت معدل النمو 43% بجانب تراجع معدلات الإنتاج الزراعي والصناعي مما يوضح أن معدل الإنتاج النمو فيه سالب وليس موجباً، أما واقع الحال في ميزانية 2014م أن الموازنة لم تخرج من الموازنات السابقة بحيث وضعت أهدافاً لتصبح أرقاماً للتدليل على صحة الأهداف الموضوعة لكن على كل حال قال الخبير كرار بالرغم من الحديث عن رفع الدعم إلا أن العجز في موازنة العام 2014م بلغ 4.12% مليار وهو أكبر من العجز الموجود في موازنة العام 2013م والذي بلغ 10%، مشيراً إلى زيادة الانفاق على قطاعي الدفاع والشرطة الذي زاد من 8 مليارات إلى 5.11 مليار في 2014م والقطاع السيادي من 8.1 – 2.2 مليار وجهاز الأمن والمخابرات الوطني زاد انفاقه من 5.1 – 2.2 مليار مما يوضح أن هيكل الانفاق العام مخصص الأولوية للأمن والدفاع والشرطة باعتبار أن ما يحصل عليه قطاعا التعليم والصحة أقل من جهاز الأمن وهو 5.1 مليار فقط، ويشير إلى تركيز الانفاق وتسخير الأموال العامة لخدمة القطاع السيادي والأمن وأن هذه علة الميزانية وهو أساس العجز وهو أساس القرارات التي تصدر برفع الأسعار أو تخفيض قيمة العملة أو زيادة الجمارك والضرائب، بجانب أن الميزانية يفهمها أصحاب الأجندة الحربية، وقال إن البلاد موعودة بمزيد من المعاناة في العام 2014م وإن من الطريف وضع 5 مليارات جنيه في بند المصروفات باعتبارها دعماً للمحروقات حتى تكون تبريراً لرفع الأسعار والدعم في 2014م، مؤكداً أنه لا يوجد أي دعم لأي سلعة، بل قال الحكومة تجني أموالاً طائلة من بيع المواد البترولية في السوق المحلي، وتوقع كرار انهيار الميزانية كسابقتها من الربع الأول ولجوء الحكومة للبحث عن موارد إضافية بهذه الحجة أو رفع الأسعار والضرائب، معلناً أن أي موازنة للحكومة تكون فاشلة طالما أن الحرب دائرة لذلك لا نحلم بالصرف على التعليم أو الصحة أو خلافه.

وأشار إلى أن الإصلاح الاقتصادي بما فيه انهيار وعجز الميزانية وزيادة الصرف على الخدمات يبدءأ من حيث تنتهي الحرب.

وكشف د. الناير الخبير الاقتصادي عن تحديات الميزانية 2014م والذي أشار إلى أن الموازنة الجديدة تواجهها والتي تتمثل في عدم استقرار سعر الصرف في العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية الأخرى وهو أكبر تحدي يواجه الموازنة القادمة، والتحدي الآخر الذي طرأ بعد إعداد الموازنة ما تشهده دولة جنوب السودان من أحداث وعدم استقرار الأمن خلال الأيام القليلة الماضية، وقال إن الموازنة لم تتجاوز شكلها النهائي وهي ما زالت في قبة البرلمان ومن الممكن إجراء تعديلات شاملة عليها حتى يتمكن الفريق الاقتصادي من تنفيذها وفي حالة حدوث أي طواريء مثل ما يحدث في الجنوب الآن الذي قد يؤثر سلباً على التجارة والتي من المفترض استئناف التبادل التجاري وتؤثر كذلك سلباً على إنتاج نفط دولة جنوب السودان وبالتالي قد يفقد السودان عائدات تصدير نفط الجنوب إذا لا قدر الله توسعت الأحداث الأمنية وشملت مواقع إنتاج النفط في الجنوب، داعياً الناير الفريق الاقتصادي بالتنسيق مع البرلمان لتدشين وتخفيض حجم الإيرادات المقترحة في الموازنة إلى حوالي 36 – 37 مليار جنيه وأن هذا يتطلب تخفيض حجم الاعتمادات المرصودة للانفاق العام مع التأمين على حقوق العاملين والتعديلات التي أجريت في مرتباتهم، وقال إذا أجري التعديل تكون الموازنة قد عملت مبدأ الحيطة والحذر وبالتالي يمكن أن تعويض أي بند افتراضي من البنود الأخرى، مشيراً إلى أن هذه ليست دعوة لاستبعاد إيرادات نفط الجنوب من الموازنة ولكن نصيحه لوضعها للمبالغ متحفظة والتي إذا حققت أكثر مما هو محدد لا مشكلة في ذلك، مطالباً بالالتزام الواضح في موازنة العام 2013م بأن لا يجري عليها تعديل أثناء العام مهما كانت الظروف حتى يتم التخلص من الظاهرة السالبة وهو التعديل المستمر في الموازنات لعامي (2011م – 2012م – 2013م) أثناء العام وهي ظاهرة سالبة، وقال على الإدارة الاقتصادية تحقيق الأهداف دون اللجوء لأي تعديل والذي وارد في احتمالات محدودة، مشيراً إلى عدد من التحديات التي قد لا تحقق في ميزانية العام 2014م، منها زيادة حجم الإنتاج والإنتاجية والتوسع الرأسي في الإنتاج (زيادة الإنتاجية)، بجانب الاهتمام بالبحث العلمي ونقل التقانات واتخاذ قرار جريء بتحول اقتصاد المعرفة لمنح المنتجات السودانية قيمة مضافة واكتسابها ميزة تنافسية بجانب الميزة النسبية التي تتمتع بها كل المنتجات السودانية، وأشار كذلك إلى مؤشر زيادة إنتاج البترول إلى (140) ألف برميل يومياً مما يساعد كثيراً في تحسين معدل الأداء في الموازنة وكذلك سيساعد التعدين المنتظم في الذهب في تحسين الاقتصاد.

تقرير :أميمة حسن:صحيفة آخر لحظة [/JUSTIFY]