[JUSTIFY]
تجاذبت أطراف الحديث مع أحد الكوادر الهندسية الذين هاجرو إلى الخارج، فقد تطرق محدثي إلى أن الأسباب الرئيسة التى دعته إلى السفر للخارج هي ضيق الحال. فقد شكا لطوب الأرض ولا أحد يجيب وسرد قصصاً لواقع زملائه بالمهنة مما يعانونه من تهميش، في الوقت الذي يملأ صيت المهنة ضجيج المكان وله «شنه ورنه» على حد تعبيره مما أدى إلى إفلاس بالمهنة واستياءهم من حمل الشهادات التي تزين المكاتب، هذا بالتأكيد لسان حال جميع التخصصات التي «ضبت» حقائبها ميممة قبل المشرق ومغاربه بحيث تتصدر المانشيتات بالصحف اليومية نسب المهاجرين من كل التخصصات بصورة مرعبة، مما دعا وزارتي العلوم والاتصال والتعليم العالي والبحث العلمي إلى تشكيل لجنة للنظر في وضع معالجات تحد من هجرات العقول بعد إعلان الحكومة أنها فقدت «34%» من كوادر العلماء والباحثين في المركز القومي للبحوث خلال ستة أشهر فقط، فيما عزا المحلل السياسي د. حسن الساعوري في حديثه لـ «الإنتباهة» هجرت الكوادر إلى ثلاثة دوافع تكمن وراء هجرة الكوادر العلمية والأكاديمية إلى الخارج، معزياً السبب الأول إلى ضيق الظروف المعيشية والاقتصادية التي تحدق بالبلد، مما يجعل الجميع يفكر في الهجرة إلى الخارج، إضافة إلى الدافع الثاني للهجرة أن المغريات عالية جداً، وأن الأجر الذي يتقاضاه الأستاذ الجامعي هنا ثلاثة آلاف، بينما يتقاضي خلال الشهر بالخارج من «25-30» مليوناً، بينما يكمن السبب الثالث في عدم الاستقرار السياسي. فالمواطن غير مطمئن على نفسه وحقوقه مما يدفعه إلى الهجرة طلباً لتأمين هذه الأسباب الثلاثة مجتمعة، وأعرب أستاذ تربوي ــ فضل حجب اسمه ــ عن استيائه من العناء الذي يلاقيه الأكادميون والباحثون داخل هذا البلد، وكثير من أصحاب الشهادات العليا وخريجي الجامعات المرموقة دعتهم الحاجة إلى الهجرة مخلفين وراءهم أطفالاً وعوائل مؤملين في مساهمة تحسين أوضاعهم المعيشية، لهذا يجب تسليط الضوء على هذا الموضوع بصورة علمية واستقصائية باعتبارها قضية مصيرية وهامة تخص الوطن، فإننا نوجه النداء لجميع المهتمين بهذه القضية من وطنيين ومؤسسات مجتمع مدني للعمل من أجل حلها بالتعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة من خلال إعداد الدراسات اللازمة واتخاذ الإجراءات العملية لمخاطبتها باعتبار أن الحفاظ على رأس المال البشري هي أم القضايا الإستراتيجية لبناء ونماء الوطن بضرورة وضع سياسات قومية لتنظيم الهجرة وتحسين البيئة الداخلية، يشارك في وضعها كل أهل الشأن وتتناسق فيها أدوار مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ويرى البعض أن سياسات التعليم العالي هى من أحدثت فجوة كبيرة بين سياسات وفلسفة التعليم العالي الموضوعة والواقع العملي على الرغم من التوسع في التعليم العالي لم ينتج كفاءات في التدريس، الشيء الذي ترك هوة بهجرة الكفاءات المدربة، وأن الجامعات السودانية حتى وقت قريب تعتمد على ما ورثته من أساتذة ما بعد الاستقلال وهم الآن على سن المعاش وتحتاج لعمل ضخم لسد الفجوة. وفي السياق تحدث د. عبد الوهاب قائلاً لـ «الإنتباهة» إن السودان يعاني نزيفاً بهجرة كفاءاته إلى الخارج ونزيفاً من نوع آخر بقلة عطاء الكفاءات بالداخل لعدم توفر البيئة والتقانة المناسبتين، وعدد أسباب الهجرة في غلبة طموحات الكفاءات الحياتية على الكسب المعيشي ووجود التقانات المحفزة للإبداع في الخارج، إضافة إلى ضآلة الاهتمام بالبحث العلمي داخلياً، ووجود ما أسماه «اللعنة البيروقراطية» التي تعيق الإبداع بتقليل عوامل الطرد وزيادة عوامل الجذب للحفاظ على الكفاءات الداخلية واستعادة الخارجية ويجب تحويل الجدل الدائر حول تزايد أعداد المهاجرين إلى جدل مفيد لوضع سياسات تنظم الهجرة وتعمل على الاستفادة منها.صحيفة الإنتباهة
خديجة صقر البرزن
[/JUSTIFY]
[COLOR=#FF0017][SIZE=4][FONT=Tahoma]”الدولة ما فاضية ليهم خليهم يهاجرو يصلحو وضعم ووضع اهلم” مقولة يسطرها التاريخ لمسؤول كبير بالدولة[/FONT][/SIZE][/COLOR]