رأي ومقالات

الدنيا منى وأحلام : المهدي ونميري والسيسي .. إطلالة في المنام

[JUSTIFY]عندما صعد بارك أوباما رئيساً متوجاً على عرش الولايات المتحدة الأمريكية كانت النجمة اللامعة أوبرا وينفري ساعتئذٍ تحدق في حلم قديم طفر من عيني مارتن لوثر كنج، الملهم الأزلي للسود (لدي حلم).. حلمه الكبير بأمة تنعتق من مذمة اللون ولعنته إلى حيز الإنسانية الفسيح.. صعد أوباما على سحابة أحلام مارتن لوثر ومات بطله متأثراً برصاصة لم تُخطئ هدفها من فرط الغدر.
أحلام الساسة على مر العصور ترانيم تشف ما يعتمل في دخائلهم، وفي السودان حمل الساسة صلبان أحلامهم وصعدوا بها يبتغون الخلاص لهم ولأوطانهم، فالدنيا (منى وأحلام)، ثمة من يعبأ بما يرى في النوم نهايته، طريق القصر وزينة السلطة وهو يقصص رؤياه على الناس، وثمة من أثر الصمت حتى لا يفسد على روحه دهشة الأشياء.

* جعفر الطيار
والحال ذاك أطلس غامض لم يفلح في استكناه تضاريسه حتى عالم النفس فرويد، منذ جعفر نميري الذي ظل يقصص رؤياه ويمضي على إثرها مشحوناً بالغيبيات، مروراً بالمفكر الراحل محمد أبو القاسم حاج حمد الذي تفتحت بصيرته في أقاصى لبنان هو والجبل والخلوة، وليس انتهاء بالإمام الصادق المهدى صاحب الرؤيا العجيبة التي تحققت على مرأى منه، بما فيها حديثه عن رجل قصير بشعر أبيض يحكم مصر، ملايين الأصوات توجت الدكتور محمد مرسي فيما بعد حاكماً لبلاد الفراعنة، ساعتها خرج الإمام وهو يمسح لحيته المخضبة وينادى في الناس (ألم أقل لكم)، بجانب ذلك البرلماني الشهير الذي رأي في المنام قبل عشرات السنين انفصال الجنوب وحريق دارفور، وربما صدقت أيضاً (السوفات السبعة) الشهيرة التي لخص فيها الأستاذ محمود محمد طه شروق وغروب شمس الإسلاميين في السودان.

والحال كذلك مع جنرال مصر صاحب النظارة السوداء والحذاء الثقيل الذي صعد بالقوة وأطلق لأحلامه العنان، فضجت الدنيا، واشتعلت الميديا والرجل ينفق لهم رؤاه الخالصة (شفت منام واحترت أنا فيه).

ومما يحكى عن الرئيس جعفر نميري أنه ابن رؤيا، وقد ظل طوال عمره يتربص بالرسوم ذات الأصداء، قالت له والدته يوما عندما سألها عن سر اختيارها هي ووالده لهذا الاسم (جعفر) قالت وفي عيونها دفقة حنونة، إنها رأت في حلم أثناء حملها به بأنه إذا جاء المولود ذكر فعليها أن تسميه جعفر تيمناً بـ”جعفر الطيار” الذي هو جعفر بن أبي طالب شقيق الإمام علي كرم الله وجهه.. يحكي هو ذاته عن تجربته المعقدة تلك فيقول: “تذكرت ما قالته الوالدة بعد أن أصبحت رئيساً للسودان حيث أنني في الأشهر الثلاثة الأولى من بداية رئاستي للسودان كنت أحلم يومياً بأنني أطير وأسمع الناس من حولي يقولون: (شوفوا الزول ده بطير كيف)؟

* السحرة في القصر
وفي خواتيم سنوات حكمه سيما بعد أن أسفر عن وجه إسلامي، وكان يوسم من قبل أنصاره بلقب “أبو جعفر المنصور”.. النميري الرئيس المثير للجدل، وأمام الغموض الذي يلف عدداً من أحداث وتفاصيل حياته المترعة بالأحداث والتفاصيل وصفه الدكتور الراحل علي المك في ندوة بجامعة الخرطوم عقب إطاحة مايو وقال بالحرف: إنه مثل جعفر المنصور يؤمن بالمنجمين والسحرة وقراءة الطالع، لا يكفيه حاضره يريد أن يعلم بالغيب، قصر الخرطوم كقصر بغداد كلما سمع بساحر أحضروه وأجزل له العطاء.

* أنا شفت يا بت في المنام
ثمة رجل يؤمن تماماً بما يرى في الأحلام، عاجلاً أو أجلاً ستتحقق، يرنو في السماء ليسقط معنى الأحد عشر كوكباً على واقعنا، وينشد (أنا شفت يا بت في المنام)، بل ويمضي أكثر من ذلك بأن النهار أيضاً لا يَرى ولا يَسمع، وإنْ كنتَ تبغي التخفّي فسلّم له أسرارك، الصادق أذهل المصريين عندما حكى في حوار مع (اليوم التالي) أعادت نشره صحيفة (المصري اليوم) عندما ذكر أنه رأى في منامه رئيس مصر، وكان ذلك في نوفمبر من العام (2010) قبل رحيل مبارك بفترة ليست بالقصيرة، ورأى شخصًا في المنام يخبره بأنه سيتناول الإفطار مع الرئيس المصري، وذهب الصادق فلم يجد مبارك، مضيفًا: “رأيت شخصا أطول منه وأشيب وأصلع”، وأبلغ من حوله بأن (مبارك خلاص).. غالباً الرجل يقصد مرسي، أو هكذا ذهب الكثيرون للمقاربة بين الحقيقة والنموذج، الصادق هو صاحب الرؤى الكثيفة والدنيا عنده ببساطة (منى وأحلام)، سيما وأنه قد ذكر في ذات الحوار أنه قد رأى في المنام أكثر من عشرين رؤية تحققت كلها، وقد تزامن عيد ميلاده مع عيد ميلاد السيد المسيح، وتنهض حكاية (القمرية) لتفصح عن رسائل خاصة به، حجة الرجل التي ظل يبذلها بين يدي كل من يتشكك أنه ما يربو على العشرين رؤية صالحة تحققت حتى اللحظة والفراش الأبيض لا يزال دافئا. من تلك الحكايات المنامية التي شهد حدوثها نهاية نميري وانتهاء نظامه. الإمام الذي يتمتع بوعي وبصيرة فذة قال إنه يؤمن بالإشارات الغيبية لأنها من الدين، وأضاف: هناك أمثلة كثيرة تؤكد ذلك رؤية يوسف بأنه رأي أحد عشر كوكبا، وكذلك رؤية عزيز مصر عن السنابل، فابن آدم فيه من روح الله، وهذا الحديث موجود وكثير في السيرة وفي الحياة، إذن حقوق الطبع محفوظة لإمام الأنصار.

* شفت منام واحترت أنا فيه
الحالة الأكثر صخباً هذه الأيام هي الرؤى المنامية التي سردها وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السياسي في تسجيل صوتي مسرب، ذالك التسريب المفاجئ سرعان ما قرأه خصومه بأنه يمهد عبره طريق الصعود لحكم مصر، ويميط اللثام عن نواياه الحقيقية، الفريق السيسي تنبأ بأنه سوف يتولى رئاسة جمهورية مصر في الفترة القادمة، وذلك عبر رؤية منامية له، مؤكدا أن له تاريخا طويلا مع الرؤىَ منذ سنين طويله، وأنه تنبأ بما يحدث لمصر في هذه الفترة، وقال السيسي في تسريب صوتي جديد أذاعته قناة “أحرار 25” مساء يوم الاثنين الماضي ونسبته إليه “من 35 سنه.. شفت في المنام من سنين طويلة جداً إني أنا رافع سيف مكتوب عليه لا إله إلا الله باللون الأحمر بسيف مرفوع.. وفي إيدي ساعة عليها نجمة خضره ضخمة جدا- أوميجا- والناس بتسألني بتقولي إشمعنا إنت اللي معاك الساعه دي؟ قلت لهم الساعه دي باسمين هيا أوميجا وأنا عبد الفتاح.. رحت حاطت الأوميجا مع العالمية مع عبد الفتاح”، وأضاف أنه رأى في منام آخر صوت يقول له: “هنديك اللي ما اديناهوش لحد”.. وتابع الرجل في حديث شيق ومدهش: “رأيت إن أنا مع السادات بَكلمه فَبيقولي.. أنا كنت عارف إني هبقا رئيس الجمهورية.. قلت له وأنا عارف إن أنا هبقا رئيس الجمهورية”.

* تفاسير مبهمة
إذن السيسي بهذا الحلم لو صدق يكون دخل حضرة الساسة الصالحين، الطريق بين القاهرة والخرطوم مسكون برؤى تنمو على سقوفات لا حدود لها، أحلام الساسة تتشابه، صور وحكايات قريبة تصلح سيناريوها للسينما العربية، هذا ما بدا من تلك الأحلام وما ظل طي الكتمان كثير، فقط أصحابه الذين أخفوه ظلوا يرتسمون خطاه في صمت وحذر، رغماً عن أن مفسرة الأحلام على صفحتها الرئيسة قالت بالحرف: إذا رأيت رجلاً سياسياً في الحلم فهذا يعني مشاكل على مستوى الأصدقاء ومتاعب وحوادث تسبب لك خسائر في الوقت والمال، وأضافت السيدة للعجب أنها أي فتاة إذا رأت أنها مهتمة بالسياسة فعليها الابتعاد عن الزيف والنفاق..!
ولكن ماذا عن الساسة أنفسهم؟

صحيفة اليوم التالي
عزمي عبد الرازق
ع.ِِش[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [SIZE=4]ليس مهما أن يتحقق الحلم ….ولكن ماذا بعده ؟!
    سبع بقرات عجاف ؟ وسنبلات يابسات ؟
    أم يرى أنه يحمل خبزا فوق رأسه وتأكل الطير منه ؟

    فالعبرة بالنهاية وليست البداية …..
    فذاك معمر القذافي قد نال حظا من معنى اسمه وعُمِر أربعين سنة وسنتان ….فكيف انتهى به الحال ؟
    مسحولا مجروحا ….مهانا فهل نفعته الأربعون وما فوقها ؟ لااااا كأنها لم تكن وكأني به يتمنى في تلك اللحظات ويقول : ليتني كنت مواطنا عاديا[/SIZE]