الطاهر ساتي

دخل الفرد ..(1.800 دولار ربيعي )

دخل الفرد ..(1.800 دولار ربيعي )
** لو سألت أي خفير مناط به مهمة حماية أي مصرف عن حجم الأموال المودعة بالمصرف، لن تجد عنده الإجابة.. وكذلك لو سألته عن حجم إستثمارات المصرف وأرباح تلك الإستثمارات أو خسائرها، فلن تجد عنده غير الصمت..ناهيك عن هذا، بل لو سألته عن العمالة بالصرف وميزانية فصلها الأول، فلن تجد عند هذا الخفير غير الحيرة و( التفلت )..وهكذا تقريباً علاقة ربيع عبد العاطي بالحزب الحاكم وحكومته، أي محض حارس يجلس على باب الحزب الحاكم .. ولكنه يختلف عن خفير ذاك المصرف بأنه لايصمت – أو يتلفت – حين يسأله السائل عن الحزب وحكومته وما لهما وما عليهما، بل يسارع الى فتح فمه لحد إظهار النواجذ و(ضرس العقل)، فيخرج الحديث لا إرادياً..وتعريف الحديث اللا إرادي هو الحديث الذي لايمر بأنابيب التفكير، ولايتسق مع العقل.. وكان حديثاً لا إرادياً ذاك الذي تحدث به ربيع في برنامج الإتجاه المعاكس بقناة الجزيرة..أي لم يبذل الخبير الوطني من الجهد غير (فتح الفم)، فانسابت المفرادت والجمل والأرقام كما شاءت أحرفها وليس كما يشاء العقل والمنطق..فالذي يرهق عقله بمثقال ذرة من التفكير المنطقي، لا يتفوه لسانه بمعلومة من شاكلة : ( مستوى دخل الفرد في السودان 1.8000 دولار)..ولحسن الحظ، لم ينسب هذا الدولار – الوارد ذكره في هذا الرقم – لأمريكا..ولذلك، فليكن الرقم (1.800 دولار ربيعي) ..!!

** على كل، لقد أحسن الحزب الحاكم عملاً حين تبرأ من خبيره الوطني في اليوم التالي لذاك البرنامج.. إذ قال لسان حال أمين إعلام الحزب : ( ربيع لم يمثلنا ولايمثلنا)..لقد صدق الامين الإعلامي، فالخبير الوطني لم يمثل الحزب في تلك الليلة، بل مثل به خير تمثيل، بل تفوق على كل رموز المعارضة وقادة الحركات في التمثيل بالحزب..ولذلك، لم يدهشني أن يتبرأ منه الحزب عملاً بنظرية ( الشينة منكورة)..ولم يحدث في تاريخ الحزب أن تبرأ من أحد قادته المدافعين عنه ببيان كهذا قبيل منتصف الليل بساعة، ( زي العمل إنقلاب فاشل)..علماً بأن الحزب الحاكم – اليومين ديل بالذات – بحاجة إلى أي ذي لسان وشفتين – ولو ببغاء – يدافع عنه وعن حملات علي محمود الإنتقامية، ولو بالباطل ..ولكن يبدوا أن مرافعة الخبير الوطني – في تلك الحلقة – تجاوزت سقف الباطل ذاته، ولذلك كان رد الفعل ( ربيع ليس منا)..ولولا المكابرة لأكملوا ذاك الرد بقول من شاكلة : ( ولكن القراي منا)..أنا سعيد جداً بنفي امين إعلام الحزب الحاكم لحديث خبيرهم الوطني الى خارج أسوار الحزب.. وبصراحة كدة : (أللهم إني شامت)..ليس على الخبير الوطني، بل على الحزب الحاكم أيضاً.. نعم، إن كان تنكرهم للخبير الوطني أصابه بالإحباط ، فانه مرافعة الخبير الوطني أصابتهم بالإحباط أيضاً..وإحباطهم هذا جدير بفرح الناس..عسى ولعل فرح الناس بإحباطهم يخفف عليهم وطأة (وزن الرغيف وسعر السكر)..!!

** يلا نرجع للبرنامج..كان تهريجاً..وهذا ليس بمعيب في حال أن يقصد المعد والمقدم التهريج، وهذا ما يتعمده فيصل القاسم كثيراً وليس دائماً..أي يكثر من إستضافة المهرجين أمثال هذا الخبير الوطني، وبين الحين والآخر يأتي ببعض المفكرين والعقلاء الذي يقدمون الفكر الصائب والرأي السديد والمعلومة المفيدة..فلندع ربيع ومستوى دخل الفرد (1.800 دولار).. فالدكتور القراي رغم عقلانيته والهدوء الذي تميز – ويتميز- به، ضن على المشاهد بالمعلومات والحقائق ذات المصادر الموثوقة، دولية كانت أو محلية، وهي كثيرة و (على قفا من يشيل).. تقارير المراجع العام، تقارير الشفافية الدولية، تقارير الأمم المتحدة، تقارير منظمات حقوق الإنسان، و..و..و..كلها أرقام وحقائق تثير الغثيان.. وبدلاً عن تقديم المعلومات ذات الأرقام والمعلومات، أضاع الدكتور القراي معظم فرصه في الإستغراب من أحاديث ربيع والرد على أحاديثه ثم إنتظاره لحين يكمل تهريجه..طابع البرنامج يفرض على الضيف إنتزاع فرص الحديث إنتزاعاً من الضيف الآخر، ثم يباغته بالمعلومات الصادمة..هذا ما لم ينتبه إليه القراي، بل كان مهذباً لحد إنتظار صمت ربيع أو سؤال فيصل القاسم، ولذلك طغى أحاديث ربيع على سطح البرنامج، ك ..( زبد البحر)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]