[JUSTIFY]يبدو أن «عداد الحكومة» قد صفّر مثلما أعلن ذلك د.نافع علي نافع وأن عملية التغيير الحكومي التي طال انتظارها منذ انتخابات العام 2010م قد تم إغلاقها «بالشمع الأحمر»، فدكتور نافع الذي كان بمثابة الذهن المتقد والدينمو الذي تدور بفعل قدراته التنظيمية عجلة «الإنقاذ» منذ تحولها من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية التي أقرها «الدستور الانتقالي» في العام 2005م، يدرك جيداً أن عملية التغيير التي أعلنت عنها حكومته رغم خروجه هو من تشكيلتها الحالية إلا أن نافع يعلم أن التحديات الماثلة أمام حكومة حزبه تكمن في قدرة الحزب على «البقاء في الحكومة متماسكاً» تنظيمياً، ومقنعاً لقواعده وجماهيره إلى حين قيام «الانتخابات العامة»، ولم يخفِ نافع رغبة حزبه في الانطلاق للدورة الجديدة من بوابة انتخابات المحامين الوطنيين وتأكيده في تدشين حملتها الانتخابية على أن فوزهم بمثابة انتصار للمشروع الإسلامي وهناك تاريخ متفق عليه مسبقاً لقيام الانتخابات العامة في العام 2015م وأن الحزب الحاكم تبقى أمامه عام واحد فقط لإنجاز كل الملفات السياسية المعقدة التي تواجهه وأهمها على الإطلاق هي مسألة السلام والدستور وهذا بالضبط ما أكده الأستاذ علي عثمان محمد طه في أول إطلالة له بعد تلك المغادرة الضجة عقب إعلان التشكيلة الحالية للحكومة والتي خلت من اسم «طه» الرجل الثاني في الحكومة السابقة على الرغم من تأكيد طه شخصياً في برنامج «في الواجهة» أمس الأول أن قضية التغيير والتجديد في الوطني لم تكن جديدة وأنها نوقشت في العام 2011 م أي بعد انقضاء أول انتخابات تشهدها البلاد، وأشار طه إلى أنه بدأ التفكير في ترتيب أوضاع السودان وترتيب علاقات مؤسسية جديدة واعتباره للتغيير بأنه رسالة ليس معنياً بها حزبه، بل إنها رسالة للساحة مفادها أنه يتوجب علينا أن نفتح مستقبل السودان بوضوح وبجرأة لرسم سياسة واضحة للبلاد، ولم يقف طه عند ذلك فقط وإنما قطع بأن التغيير ليس في القيادات فقط وإنما يشمل السياسات والشخصيات، وألمح طه إلى أن التغيير مستمر في المركز والولايات وبتوقيت محدد ومؤسسي، وكأن طه يتفق ضمنياً مع مقولة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي الذي برر فيها وجود حكومة الإنقاذ رغم وصولها لسدة الحكم عبر انقلاب عسكري بأن تلك الصفة الانقلابية قد سقطت الآن بالتقادم، وهنا تلتقي إشارات «طه» و«القرضاوي» و«نافع» على أن على الأسرة الدولية أن تتعامل مع هذه الحكومة على أنها حكومة ديمقراطية وبإمكانها السير في ذات المسار المتعارف عليه «بالتحول الديمقراطي»، أما المقترح الآخر الذي أشارت إليه الولايات المتحدة الأمريكية عبر مبعوثها السابق برنستون ليمان بدعوته للحكومة لتأجيل الانتخابات إلى العام 2017م فيرى مراقبون أن ليمان وعلى حسب معرفته الدقيقة بالحزب الحاكم في السودان أدرك مبكراً بأن المؤتمر الوطني وعبر قراره الجسور بإعلان التشكيل الحكومي الجديد فهو يمتلك قدرة تنظيمية هائلة لكسب انتخابات 2015م دون حاجة له في إعلان تصالحه مع بقية القوى السياسية المعارضة، ولهذا أشار ليمان لضعف القوى المعارضة لذا يسعى في اتجاه جعلها تلتقط أنفاسها وترتب أوضاعها على الأقل عبر خاصية الزمن الإضافي من أجل إيجاد دور لها في المساهمة في القضايا الوطنية وعدم ترك الساحة للوطني مجدداً.ولم يستبعد المحلل السياسي جمال رستم أن تنجح الإنقاذ في تخطي التحديات الماثلة أمام السودان داخلياً وخارجياً لكنه أشار إلى أن ذلك يتطلب جهداً مقدراً وجدية في تغيير السياسات وعدم اختزال ذلك المفهوم في التشكيل الوزاري الجديد، مؤكداً أن قضية بناء الدولة أكبر من تغيير وزارات وشخصيات، مبيناً أن أمام الحزب الحاكم مهلة عام لمواجهة تحديات معقدة أبرزها الحروب في أطراف الدولة والأزمة الاقتصادية وتحقيق تراضٍ وطني مجمع عليه من قبل القوى السياسية المعارضة دون عزل لأحد، مع صياغة دستور محكم يحوي بداخله كافة أشكال التنوع في السودان، واعتبر الأخير قضية مفصلية تتطلب النظر إليها بدقة من أجل إيجاد حل ناجع لها، داعياً إلى وضع برنامج شامل لحل قضايا السودان وإشاعة التحول الديمقراطي وتعزيز النظام الفدرالي ولم يترك رستم العلاقات الخارجية، داعياً إلى ضرورة وضع مصلحة البلاد في سلم أولويات المرحلة القادمة بشأن العلاقة مع الخارج، وفي الإطار الداخلي طالب رستم بضرورة أن ينشط الوطني في إعادة الروح لعضويته وامتصاص الصدمات التي تعرض لها بخروج الإصلاحيين من أجل تمتين البناء الداخلي لإقناع القواعد بحيوية وفاعلية الحزب قبل إقناع المواطن السوداني بأطروحاته الجديدة، مشيراً إلى أن تقوية الحزب تقابل بتقوية الجبهة الداخلية، لافتاً النظر إلى أن قوة الدولة في قوة الحزب الحاكم.
ويرى مراقبون أن «الحزب الحاكم» أمام محك وتحدٍ يظل ماثلاً إلى حين ما تفضي إليه التحركات حول إيجاد اختراقات أو حلول للقضايا الشائكة التي تتصدرها قضية الدستور والانتخابات والوفاق الوطني ويصفّر الوطني العداد تمهيداً لبداية دورة جديدة إلى أن يصفر عزرائيل في العام 2017م.
صحيفة آخر لحظة
تقرير : بكري خضر
ت.إ[/JUSTIFY]