رأي ومقالات
ابراهيم عثمان: عندما يتعارض التشفي مع المكاسب
أولاً نظرية الإنقلاب : نظرية قيادة الشعبي و كانت تخاطب بها إسلاميي الخارج لتؤلبهم على البشير فهم أصلاً لا يعترفون بالحركة الإسلامية التي يقولون أن البشير انقلب عليها و هي قليلة العائد على هذا الصعيد فالأمر يحتاج لي شهادة من “المنقلَب عليهم” و هو ما لن يحدث . و بالنسبة للداخل ربما يقصدون تأليب الوزراء الذين ترجلوا و هؤلاء لن تؤثر عليهم دعاية الشعبي حتى لو كان فيهم من لم يرتاح لما حدث فهم في قلب الحدث و يعلمون تفاصيله ، أما بالنسبة لقواعد الوطني فهي تعلم أن القادمين الجدد هم أبناء الحزب و أن الذين تنازلوا موجودون في الساحة بأفكارهم و بنشاطهم في الحزب و البرلمان و ليس هناك أي تنويرات أو شئ يدل على حدوث ما يروج له الشعبي لذلك فالتأثير على هذا الصعيد منعدم ، أما بالنسبة لغير المنتمين للمؤتمر الوطني فهذه النظرية لن تساهم في تأليبهم ضد النظام بل بالعكس ربما تساهم في تقليل تحفظاتهم و ربما تقريبهم للوطني بالروح الجديدة التي يشيعها هذا التغيير ، و بالنسبة للمعارضين فنظرية الإنقلاب ربما تعطيهم الأمل في تغيير حقيقي مما يسهل الحوار ، و ذات الشئ ينطبق على حركات التمرد . طبعاً عدا مخاطبة الخارج فالأمر لدى الشعبي أيضاً لا يخلو من الجانب النفسي فهم يرضيهم إن كان هناك إنقلاب أطاح بخصومهم الأساسيين و لذلك يعزون أنفسهم و يرون ذلك مكافئاً لإبعادهم أيام المفاصلة فهي نظرية يرتاحون لها و تساهم في تفريغ جزء كبير من المخزون في الدواخل . ثانياً نظرية الحكم من وراء ستار : ستفيدهم في موضوع الخارج في جعل الخارج الكاره للنظام لا يعيد النظر في أمر عداوته للنظام بل و ربما تساهم في زيادة هذا العداء و عدم الثقة عندما يجلسون مع المسؤولين الجدد و هم يشعرون أن هؤلاء لا يحكمون و أن هناك مرشد أو أكثر من وراء الكواليس . و بالنسبة لجماهير المؤتمر الوطني ستؤدي هذه النظرية – التي لا يحتاج إثباتها إلى أدلة دامغة كما هو الحال في حالة نظرية الإنقلاب – إلى شعور سلبي بأنه لا جديد و ربما يشعر بعضهم بأن في الأمر نفاق و تمثيل يجعلهم لا يتجاوبون مع الروح الجديدة التي انتظمت الحزب و التي كانت ضربة بدايتها هذا التغيير فإن شكوا في جديته سيشكون فيما يرجى منه و فيما يتلوه من خطوات . و بالنسبة لغير المنتمين للمؤتمر الوطني فنظرية الحكم من وراء ستار ستبعدهم عن الحزب أكثر إذ تقطع الأمل في الإصلاح …. و بالنسبة للمعارضين فهي ستؤدي إلى زيادة عدم الثقة الموجود أصلاً و تباعد بينهم و بين أي مبادرات يطرحها الفريق الجديد ، و بالنسبة لحركات التمرد ستزيد من رغبتهم في مواصلة القتال و ربما تساعدها في الحصول على دعم أكبر من إسرائيل و غيرها من الداعمين . و أخيراً ربما يؤدي الطرق المتكرر على نظرية الحكم من وراء ستار إلى خلق حساسية لدى القيادات الجديدة من تدخلات المترجلين و بالتدريج ربما تنشأ جفوة و صراع حقيقي ربما يوصل الأمور إلى مفاصلة جديدة أو إنقلاب .. و هذه كلها أمور إيجابية بالنسبة للشعبي ….طبعاً لن نطالب الشعبي بتبني النظرية القائلة بأنه تغيير طبيعي و عادي و أن القيادات تنازلت طوعاً لأن التنازل الطوعي في عرفهم غير وارد فالإبعاد عن المناصب عندهم يعني الخروج للمعارضة و حرب الأسرار و الحرب بالسلاح و الذهاب بعيداً جداً في أساليب المعارضة ، طبيعي ألا يتبنوا مثل هذه النظرية حتى لو كانوا ليسو كما وصفت فهم معارضون على كل حال و ليس هناك معارض يتبنى وجهة نظر الحاكم كما هي و لكن حسابات الربح و الخسارة المجردة من العواطف تقول إن تبني نظرية الحكم من وراء ستار عائدها السياسي أكبر بالتسبة لهم ، و نظرية الإنقلاب عائدها النفسي التعزوي ( من العزاء إن جاز التعبير ) أكبر و ربما هذا هو ما يفسر ارتياحهم و رغبتهم فيها فمجمل أداءهم في المعارضة يتسم بالتشفي و غلبة النوازع على المنطق .
إبراهيم عثمان – مكة المكرمة .