الطاهر ساتي

تقشفوا، فالشعب صابر..!!

تقشفوا، فالشعب صابر..!!
** الخميس قبل الفائت، جاءت إحداهن من المناقل لتعالج مولودتها بمستشفى بحري..عمر المولودة شهران..إستقبلوها وأدخلوها إلى حيث الطبيب..دخلت إلى أحد العنابر ووضعت المولودة على سرير وجلست على حافة السرير لحين يأتي الطبيب .. فجأة، سمعت دوياً وصوت ارتطام وأنين.. وكان الحدث : ماتت المولودة، إثر انهيار كتلة خرسانية من سقف العنبر على رأسها..(بياض السقف قديم ومحتاج إلى صيانة)، هكذا التبرير الذي ملأ مكان الحدث ..تبريرهم لن يعيد المولودة إلى قيدة الحياة، ولن يكظم حزن والدتها ولا غيظ والدها..ومع ذلك، لم يحدث أي شيء، فالمدير لايزال مديراً والوزير لايزال وزيراً..أي ( ماتت وخلاص)..وكل شيء هناك – منذ الخميس الفائت وإلى يومنا هذا، على ما يرام، وكأن الحدث لايعنيهم..عفواً، نجحوا في تحميل القضاء والقدر مسؤولية موت تلك الطفلة تحت أنقاض (سقف العنبر) .. وليس هناك مايدهش، فالحدث بالسودان، حيث المشاعر البكماء والمسؤوليات الصماء..كم تكلفة طن أسمنت ولوري رمل و ونصف لوري خرسانة، بحيث تصنع (بياضاً صالحاً بعنابر مستشفى بحري)، ولايموت أطفالنا تحت أنقاض العنابر.؟.. كم التكلفة ؟.. اصطحبوا الإجابة – أيها الأفاضل – إلى حيث النص التالي ..!!
** والنص، وصلاً لحديث البارحة، جرد لحساب بعض الذين يديرون المال العام بلا تقشف..ومن حق الرأي العام أن يعلم، ولذلك عرض النائب الأول راتبه لنواب البرلمان، وسبقه الرئيس في التلفاز، وكذلك فعل والي الخرطوم، وتلك سنن حسنة.. وعليه، فلنعرض اليوم على سبيل المثال : عقد عمل مدير بنك أمدرمان الوطني ..فالراتب الشهري ليس خرافياً، (15.545.44 جنيه)..ولكن، ماذا بعد الراتب ؟..لاشيء، (شوية حرابيش)، أو كما سماها والي الخرطوم .. تفاصيل حرابيش مدير بنك أمدرمان الوطني كالآتي : بدل لبس (مرتب 7 شهور)..ربما ثيابهم من سندس ولكن أكثر لايعلمون..ومع كل إجازة سنوية (مرتب 7 شهور)، وهذا رزق ساقه الله إليه، فلاتحزن أيها المتقشف بالفطرة والإكراه.. ويمنح عند عيد الفطر (راتب 3 أشهر)، وهذا معقول في ظل رفع الدعم عن الحلوى والخبائز..وكذلك يمنح عند عيد الأضحى (راتب 4 أشهر)، وهذا من فضل الله عليه، ولاتحزن أيها المطالب بالتقشف رغم أنك لست بحاجة إلى تذكير أو طلب.. ثم عربتان بسائقين، إحداها للعمل العام والأخرى لصلة الأرحام وغير الأرحام ..!!
**ثم يمنح حافز سنوي حسب توصية مجلس الإدارة، وكما تعلمون بأن مجالس الإدارات في بلادي لاتوصي للإدارات إلا بالخيرات، علماً بأن هناك لائحة توصي بأن يتم تحفيز هذا المجلس سنوياً بحافز لايتجاوز (5%) من صافي الأرباح ..ثم العلاج بالداخل والخارج، شفانا الله وإياهم وإياكم من كل داء، بما فيه داء (عدم التقشف)..ويمنح بدل سكن ( 5000 جنيه شهرياً)، والمراجع العام يقول بالنص : العقد لم يشمل هذا النص، ولكنه واقع في دفتر الحسابات..وليس لنا من قول للمراجع غير : (ياخ مشيها، إنت مالك حاكيها كده ؟)..ثم، يمنح عند نهاية كل سنة خدمة ( راتب 4 أشهر)، وهذا بعد التقاعد ولاغبار عليه، فالمواجع (قبل التقاعد )..ثم الفجيعة الكبرى : يتحمل البنك – واللي هو أنا وأنت وجارك المتقشف – الضرائب المقررة على المرتب والبدلات والحوافز .. لعمري ماتخيلت وطناً يدفع فيه خفير البنك الضرائب، بيد أن مدير ذات البنك لايدفع ، بل ذاك الخفير يدفع ضريبة دخله الشخصي ثم يساهم في دفع ضريبة دخل مديره الشخصي ..وعلى كل حال، غير الضرائب والتذاكر والعلاج وأشياء أخرى، صافي الدخل السنوي يقدر ب (575.177.21 جنيه)..بالبلدي القديم ( نص مليار وشوية حرابيش) .. وقد تسأل أيها الفاضل : هل هناك علاقة بين مقدمة هذه الزاوية ( موت طفلة تحت أنقاض عنبر مستشفى حكومي) ومؤخرتها ( الدخل السنوي لمدير مصرف حكومي)؟.. لا.. لاتوجد أي علاقة، فالأحاسيس تبكمت، بحيث لم تعد تعرف العلاقة بين آبار معطلة وقصور مشيدة..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. وهذا مما لايحدث الى في السودان والمشكله يا أستاذي الفاضل لا حياه لمن تنادي وما تقوله ليس الى ابره في كوم من القش ولن ينصلح السودان الى بأن نرى بأعيننا محاربه الفساد لا أن نسمع به فقط