جعفر عباس

اليوم الأول تحت الأرض

[JUSTIFY]
اليوم الأول تحت الأرض

وصلنا لندن عصر يوم جمعة، ونمنا في فندق ونحن نعد الثواني لاستقبال اليوم الثاني لنذهب إلى المعهد الذي جئنا للالتحاق به، لدراسة الإنتاج البرامجي التلفزيوني، وما إن طلع الصباح حتى توجهنا إلى هاتف عمومي واتصلنا بالمعهد لنبلغهم بوصولنا نحن المبتعثين السودانيين الخمسة، وكانت الفضيحة التي ذكرتها في المقال السابق عندما وجدت نفسي أجادل امرأة ردت على الاتصال الهاتفي، واتضح لاحقا أنني كنت أخاطب شريط تسجيل يقول إن المعهد مغلق لأن «اليوم هو السبت»، وهو يوم عطلة أسبوعية، وكنا نسمع ان الخواجات قمة في النشاط ولم نسمع بأنهم صاروا مدلعين ويعطلون يومين متتاليين في الأسبوع، ثم علمنا أن ذلك جاء استجابة لمطالب نقابية، ودراسات تفيد بأن الإنسان يصبح أكثر إنتاجية عندما يرتاح يومين أسبوعيا من العمل (طبعا أكتب هذا الكلام بعد ان صارت كل الدول العربية تعطل يومين في الأسبوع، ولكن ليس لكفالة راحة الموظفين والعمال، وإنما لراحة المكاتب ومواقع العمل وخفض الإنفاق الحكومي لأن وجود الناس في أماكن عملهم فرض كفاية، وفي غير مصلحة العمل، وسلبياته أكثر من إيجابياته).

وهكذا بتنا ثلاث ليال في فندق مايتر في منطقة بادنغتون، وحز ذلك في نفوسنا لأنه يفترض أن نقيم مجانا في مكان ما خصصه لنا المعهد الذي جئنا للالتحاق به، وبعد طول انتظار جاء يوم الاثنين، أول يوم لنا في المعهد، وشرح لنا موظفو الاستقبال في الفندق كيف نستخدم قطار الأنفاق (التيوب) لننزل في محطة راسل سكوير أو إيوستن، فقلنا لهم: لا تعطونا خيارات.. إما هذه أو تلك، فنصحونا باستخدام القطار الذي يتوقف في إيوستن.. وكانت بئس النصيحة.. كانت المصيبة المتلتلة هي أن ركوب قطار الأنفاق من بادنغتون كان يستوجب استخدام جداول اللوغريثمات لفرز ألوان خطوط القطارات الكثيرة التي تمر عبر المحطة إلى مختلف الوجهات، ولمعرفة الرصيف الصحيح، للقطار الذي يفترض أن يقلنا إلى إيوستن، وظل خمستنا يدرس خريطة قطار الأنفاق نصف ساعة من دون ان ننجح في فك طلاسمها، وفجأة انتبهت إلى ان معظم العاملين في المحطة من فصيلة «براذر» أي «الأخ» والشخص الأسود في أمريكا وبريطانيا ينادي كل أسود مثله بـ «براذر»، وتوجهت صوب أحد البراذرات وقلت له: نريد أن نذهب إلى محطة إيوستن ولا نعرف منين يودي على فين، فطفق يبرطم عن ركوب خط بيكرلو إلى أوكسفورد سيركاس لنأخذ خط فيكتوريا إلى إيوستن، فسألته ما إذا كانت هناك «رحلة مباشرة» فضحك وقادنا إلى الرصيف المطلوب، وهناك طلبت منه ان يعيد توجيهاته مرة أخرى حتى «أكتبها» فضحك مجددا وقال: فقط انزلوا في محطة أوكسفورد سيركاس فستجدون هناك براذرات يدلونكم على خط فيكتوريا الذي سيوصلكم إلى إيوستن، فتوكلنا على الحي القيوم وركبنا القطار الذي انطلق بسرعة الضوء (في تقديرنا)، ووجدنا أنفسنا في أوكسفورد سيركاس وتعجبنا لأن الكمساري لم يمر علينا لـ «نقطع» التذاكر، وبالفعل استعنا ببراذر آخر هناك دلّنا على قطار خط فيكتوريا الذي أوصلنا إلى إيوستن، وهناك اكتشفنا اننا على عمق نحو ٥٠٠ متر تحت الأرض، لأننا رأينا سلالم كهربائية تنقل الناس من طابق إلى آخر، وبما أن الرجفة التي أصابتني بسبب استخدام ذلك النوع من السلالم في مطار هيثرو للمرة الأولى قبل ٣ ايام لم تكن قد زالت، فقد تحصنت بـ «يس» وركبت نحو ٤ سلالم حتى وصلنا سطح الأرض سالمين.. وكان ذلك فألاً حسنا بأننا قادرون على كسب جولات في صراع الحضارات.. وتذكرت عندها أول مرة استخدم فيها الاسانسير، وعمري كذا وعشرون سنة، عندما عملت في السفارة البريطانية في الخرطوم وكيف أنني كنت أتفادى الأسانسير ما لم يكن هناك شخص «ذو خبرة» يرافقني فيه.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

‫2 تعليقات

  1. زعااااااااااااااط….ركبت الطياره اشتغلت في ناسا كسبت جائزه نوبل للسوداني الخطير الاي فون بتاعي اشتريت كورلا علي الزيرو لاقيت وردي في لندن……الحمد لله الما ساكن جاري….

  2. بالجد الزول ده زعاط, بتكلم عن نفسوا أكتر من اللازم , فى حين ممكن يحكى عن تجاربو وتجارب زملائه بصيغة المتكلم وتكون مواضيعه شيقه, شوفو منى سلمان مقالاته رايعه كيف , أما عمكم ده غير لمن كنت فى أمريكا ولمن مشيت انجلترا ولمن دخلت ولدى جامعه نيويوك, ده زول بوبار, أكيد بيكتب كده عشان عارف أنو الشعب السودانى فقير وماعندو التكتحه