خالد حسن كسلا : الفيلم الصيني المُسئ للسودانيين
وقد كان الغريب جداً أن أنتج التجار الصينيون فيلمًا يحذر من التعامل المالي والتجاري ولعل هذا رد فعل قاسٍ من قبل مواطنين صينيين شعروا بالغبن واختاروا طريقة معينة لا تضعهم موضع مساءلة قانونية أو تضطرهم لدفع ثمن غال. وربما في اعتقادهم أن هذا الفيلم من باب العمل الخيري الوطني، أو هو تعبير عن وطنية.
لكن إذا كان أولئك التجار الصينيون قد شعروا بالظلم من أجنبي واحد، فهذا لا يعني بالضرورة أن كل الأجانب بمن فيهم السودانيون ظالمون ومحتالون مثلاً. فمنذ سنين طويلة يعمل السودانيون بمقاطعة أيوا التي انطلقت منها فكرة الفيلم التحريضي الغريب، ولا يستقيم أن تهدم حالة واحدة إذا افترضنا أن المواطن السوداني مخطئ لا يستقيم أن يحكم من خلالها على عشرات الوكلاء التجاريين من الأجانب.
لكن هل قام الجانب السوداني الدبلوماسي بشقيه الرسمي والشعبي بالرد المناسب على الفيلم التحريضي الرامي إلى إشانة السمعة أو التحذير بدون وجه حق؟! وهل كان الرد مناسباً ومكافئاً لما يمكن أن ينجم عنه الفيلم من ضرر قد يقع على مصالح الأجانب التجارية هناك؟!. إن الأخبار تقول بأن السفارة السودانية في بكين احتجت على تلك الدعاية التجارية المضادة حيث التقت بمسؤولين صينيين ونقلت إليهم احتجاجها على مضمون الفيلم الذي اعتبرته مسيئاً للسودانيين. لكن بعد ماذا؟! فقد انتشر الفيلم وقد ينتشر قريباً أو بعد حين في كل العالم يحمل التحذير المسيء لسمعة المواطن السوداني، لذلك كان الأنسب أن تقوم السفارة السودانية بإنتاج فيلم قانوني ترافع فيه عن الجالية السودانية وتوصل من خلاله رسالة مفادها أنه حتى المواطن الصيني في أي دولة لو تجاوز حدود الأخلاق لا يعني هذا أن ينطبق الحكم عليهم على الصينيين في الدولة. هكذا يكون الرد، لأن مخاطبة المسؤولين لا تعني معالجة إشانة السمعة فلا بد من فيلم سوداني قصير بعنوان «مظلومون في الصين» مثلاً.. أو «ضحايا فيلم صيني» مثلاً ليكون الدواء من جنس الداء.. والمهم أيضاً أن يتضمن فيلم الرد إشارات إلى تضرر الصادر الصيني إلى دول يوجد رعايا منها في الصين يشكلون الجاليات هناك التي استهدفها الفيلم الصيني. بهذا يمكن أن تكون سفارة الخرطوم ببكين قد استطاعت توفير العلاج الناجع لسمعة السودانيين هناك. والصين دولة صديقة للسودان وذات علاقة مهمة جداً معه لذلك مثل هذه الأمور يكون علاجها بأسلوب دبلوماسي لا يضر بالعلاقة وفي نفس الوقت لا يفشل في الدفاع عن المواطن السوداني. ثم إن مطالبة سفارة السودان في بكين بسحب وإيقاف عرض الفيلم قد يتأخر التجاوب معها لأن أصحاب الفيلم سيطالبون أيضاً بتفهم ما قاموا به، ومسألة الوقت طبعاً ستكون لصالح ذاك الطرف الذي أنتج فيلم التحريض بدون وجه حق، فريثما توجه السلطات الصينية بإيقاف عرضه يكون قد انتقل إلى بعض مواقع الشبكة العنكبوتية لتستفيد منه في الدعاية أيضاً. وقد يشتهر الموقع الصيني الذي سيستضيف الفيلم هناك مثل ويكلكس أو أكثر منه. فبماذا بعد ذلك يمكن أن يفيد احتجاج السودان الرسمي والشعبي وبماذا سيفيد تجاوب السلطات الصينية ومن ثم توجيهها لما طلبه السودان؟ إننا في عهد الثورة الفضائية العالمية وتكنولوجيا الاتصالات المتقدمة وكأنما أصبحنا على أعتاب يوم القيامة الذي يذكره بعض الناس كناية عن المستقبل البعيد وكأنهم يعلمون الغيب. والثورة الفضائية لا يفيد فيها أن تحتج على إنتاج إعلامي ظالم أو جائر وإنما المفيد هو الرد عليه بصورة أذكى وأبين. ولعل هذا هو دور الخارجية السودانية وواجبها تجاه الرعايا السودانيين. لذلك يجب أن يكون الرد من جنس الفعل الضار. يجب أن نطرح تساؤلات عبر فيلم للمرافعة باللغة الصينية وغيرها. ألم يدرس بعض أبناء السودان اللغة الصينية؟ أين هم؟!!
صحيفة الإنتباهة
ع.ش