منار الشوربجي : فلسطين وميراث مانديلا
والجمعية واحدة من أهم الجمعيات الأكاديمية الأمريكية وأقدمها، وتضم 5 آلاف أكاديمى من المتخصصين فى الدراسات الأمريكية، فبعد أن انتقدت السياسة الأمريكية فى دعم «الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين والتوسع فى الاستيطان»، ذكرت الجمعية فى حيثيات قرارها أن «الحرية الأكاديمية للطلاب والأكاديميين الفلسطينيين غائبة تحت الاحتلال، ومؤسسات التعليم العالى فى إسرائيل مشاركة فى سياسات دولة إسرائيل». وبناء عليه، قررت الجمعية مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، عبر رفض كل أشكال التعاون معها. وقد صدر القرار بالإجماع من جانب الهيئة التنفيذية للجمعية، التى فتحت الباب لتصويت عموم الأعضاء على القرار أول الأسبوع القادم. وقرار جمعية الدراسات الأمريكية يأتى بعد قرار مماثل اتخذته الجمعية الأمريكية للدراسات الآسيوية. والقراران معا يمثلان نقطة تحول مهمة، لأن الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل ظلت دوما أكثر تأثيرا فى الدوائر الأكاديمية الأوروبية لا الأمريكية، وقد أحدث القرار دوياً فى إسرائيل لم يماثله هذا العام إلا دوى قرار المقاطعة الذى أعلنه عالم الفيزياء الكبير ستيفن هوكنج فى إبريل الماضى حين تلقى دعوة لحضور مؤتمر فى الجامعة العبرية كان سيرأسه شيمون بيريز رئيس إسرائيل.
والحقيقة أن الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل، التى دشنها المجتمع المدنى الفلسطينى فى 2005، استلهمت صراحة كفاح جنوب أفريقيا ضد الأبارتيد، أى الفصل العنصرى، فهى تسير على خطى الحملة العالمية لمقاطعة نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا، والتى كانت إحدى الأدوات الفاعلة فى انهياره. وكانت تلك الحملة العظيمة قد دعا لها، فى أول الستينيات، المؤتمر الوطنى الأفريقى، تحت قيادة مانديلا وآخرين معه، ونجحت فى استقطاب أصحاب الضمائر الحية فى العالم فمثلت ضغطا على نظام جنوب أفريقيا، عبر عزله ورفع تكلفة ممارسته العنصرية.
ومانديلا نفسه ظل دوما من أهم الداعمين للقضية الفلسطينية، فهو فى فترة كفاحه كان يدرك أوجه الشبه الكثيرة بين قضية بلاده والقضية الفلسطينية. وهو ما لم يكن غريبا معه الدعم الهائل الذى قدمته إسرائيل للنظام العنصرى فى جنوب أفريقيا حتى سقوطه. وحين أصبح رئيسا، لم ينس مانديلا الكفاح الفلسطينى ولا توقف عن دعم القضية الفلسطينية. ففى 1997، حضر مؤتمرا للتضامن مع الشعب الفلسطينى قال فيه «نحن (شعب جنوب أفريقيا) نعلم جيدا أن حريتنا ستظل منقوصة بدون حرية الفلسطينيين». وكان مانديلا من أوائل الذين ربطوا بين جرائم إسرائيل و«الأبارتيد». فهو قال فى إحدى خطبه إن «الأبارتيد جريمة ضد الإنسانية وإسرائيل حرمت ملايين الفلسطينيين من الحرية والملكية، واتبعت تمييزا عنصريا بشعا… وشنت حربا على المدنيين وخصوصا الأطفال».
والحملة العالمية لمقاطعة النظام العنصرى لجنوب أفريقيا نجحت بعد ثلاثة عقود كاملة، الأمر الذى يجعل ما حققته حملة مقاطعة إسرائيل فى ثمانى سنوات إنجازا لا يستهان به .
دنيا الوطن
ع.ش