هدية علي : لام أكول سياسي سيرته ملأى بالتناقضات
لام أكول من الجنوبيين القلائل الذين يجيدون اللغة العربية قراءةً وكتابة وهذه واحدة من الميزات التي مكَّنته من التغلغل في التكوينات السياسية السودانية عامة فخلق صداقات مع كوادر سياسية متطلعة صاحبة أطروحات متقاربة تُوِّجت بتكوين حزب العدالة الذي كان يشاركه فيه الشهيد مكي علي بلايل والمحامي أمين بناني ، غير أن هذه التجربة سرعان ما تفتقت إلى أكثر من مكون سياسي باسم العدالة لينسحب عليها الداء المستشري في جسد الممارسة الحزبية بالبلاد.
لكن المتغيرات التي طرأت على الساحة السياسية وما أفضت إليه مخرجات الاستفتاء من نتائج أجبرت لام أكول على أن يرمي بثقله السياسي جنوباً فلم يجد في الدولة الوليدة موطئ قدم على الرغم من أنه من عتاة المناضلين من أجل استقلال الجنوب وكُتب له أن يعاصر قيام الدولة المستقلة للجنوب ويشهد عليها ، غير أن العزلة السياسية التي واجهها خلال العام الأول لقيام الدولة المستقلة في الجنوب تعود في الأصل لمواقفه المناهضة للقادة الذين كانوا على رأس قيادة الحركة الشعبية حينما تحقق الاستقلال كالرئيس سلفا كير وباقان أموم وخلافاته المكتومة لسنوات طويله مع الدكتور رياك مشار الذي تقلد منصب النائب الأول لرئيس حكومة الجنوب والحركة الشعبية .
وبُعيد مصرع جون قرنق لاحت للدكتور لام أكول فرصة ثمينة ليكون الذراع الأيمن لسلفاكير ميارديت الذي كانت كل القراءات تؤكد أنه في طريق الصعود ليكون الرئيس الأول للدولة المستقلة ورافع علم الاستقلال والحرية متوجاً لمسيرة نضال ناهزت الـ «55» عامًا.
كل التحركات التي يقوم بها أكول والأفعال التي يؤديها تعزز أنه يرى في نفسه الرجل الأحق بالحكم ، وكان هذا الأساس وراء الإقصاءات العديدة التي تعرض لها لام أكول ووراء توهانه المستمر حتى بلغ من العمر ما بلغ..
لم يشفع له كسبه الأكاديمي ولا خبرته السياسية ولا نضاله العسكري وقد يكون أكول واحدًا من الذين دفعوا ثمن هشاشة وحداثة تجربة الحكم والسياسة في الجنوب، فقد كسب المقاتلون الأميون في الحركة الشعبية وتبوأوا من المناصب ما لم يجدها رجل في قامة لام أكول بكل كسبه الذي تتزين به سيرته الذاتية .
لقد كانت قراءات أكول دائمًا وراء خفوت بريقه بانزلاقه في مواقف لا تتسق مع الاتجاهات الراشدة لوضع الأساس السليم للدولة الوليدة وأبرزها ما أقدم عليه لام أكول خلال الأيام الماضية بتأييده الصريح هو وحزبه لاستفتاء عشائر دينكا نوك الأحادي القبلي.
والدكتور أكول يعرف قبل غيره أن إرساء أي منهج لقبول الاستفتاء القبلي لدينكا نوك سيكون سابقة ليس في السودان فحسب بل في عموم إفريقيا التي تقوم وتؤسس على القبائل فأي اعتراف باستفتاء قبلي من شأنه أن يشعل الجنوب قبل الشمال .. الجنوب الذي تتحكم القبلية في كل مفاصله حتى في تكوين الجيش والأهم لاستقرار الدولة والتحول للدولة المدنية أن لا نرسخ لمعاملات مدنية أو تشريعية أو دستورية على أساس قبلي.
إن الدكتور لام أكول يحاول باعترافه باستفتاء عشائر نوك أن يكسب سياسيا في المجتمع الجنوبي وأن يعيد تقديم حزبه كبديل يملأ فراغات الصراع المحتدم بين قيادات الحركة الشعبية مشار وباقان وسلفا كير ويبقى استفتاء عشائر دينكا نوك في أبيي من أخطر الأوراق التي ستشعل الحدود وتحرق أرض الشلك إذا لم تتعامل معها الحكومة في جوبا ومعها الأحزاب السياسية بالكياسة والفطنة فحق المسيرية في أبيي لن تأكلوه يا دكتور لام أكول على نار هادئة .
صحيفة الإنتباهة
ع.ش
سياسي فاشل .