تحقيقات وتقارير

بعد رحلة امتدت لـ 45 يوما في مصر مولانا احمد عبد الرحمن يروي تفاصيل احداث مصر

لبعد الخارجي في احداث مصر ظاهر وهنالك دوائر غربية وعربية اجهضت الثورة

حذر القيادي الاسلامي البارز احمد عبد الرحمن من مخططات وضعتها دوائر غربية وامريكية للقضاء على الحركات الاسلامية التي وصلت للسلطة عبر ثورات الربيع وقال في حوار اجرته معه اخبار اليوم ان ملامح الخطة تبدا اولا بالسماح للاسلاميين للوصول للسلطة عبر صناديق الاقتراع بصورة ديمقراطية مشيرا الى ان دوائر المخطط تبدأ بوضع العقبات والمشاكل للحكومات الجديدة عبر مراكز القوى القديمة التي تدعمها دوائر اقليمية دولية واكد ان ما جرى في مصر هو احد ملامح السيناريو ضد الحركات واضاف قائلا: وما حدث لمرسي غير مستغرب

فالى تفاصيل الجزء الاول من الحوار:-

حوار: عبدالرازق الحارث

ما هي نظرتك للواقع في مصر من خلال الـ 45 يوما التي قضيتها في العاصمة المصرية القاهرة؟

رافقتني زوجتي المريضة للعلاج بالقاهرة وتزامنت تلك الفترة مع التطورات السريعة التي حدثت في جمهورية مصر وكان ذلك قبل شهر رمضان وكل الاحداث الكبيرة كنت شاهد عيان ومتابعا لها.

نريد نظرة تحليلية لما حدث في مصر وما سيحدث في المستقبل؟

كثير من المراقبين لم يكونوا مندهشين او مستغربين في تطورات الاحداث بل كثير منهم كان يتوقع كثيرا من الاحداث التي حدثت والبداية كانت بالانفجار الذي حدث في 20 يناير والذي كان غير مسبوق بكل المقاييس ونتيجة لوجود الشعب المصري تحت الهيمنة والاستبداد فترة طويلة ادى ذلك الى ان تكون الانتفاضة غير مسبوقة والتي جمعت بين كل الفصائل والتوجهات ورفض وشجب لنظم الشمولية والاستبدادية الامر الذي كان عند كثير من المراقبين السياسيين والمهتمين بالمسار الديمقراطي والتحول المدني والذي كان هو المطلب الاساسي لثورة 25 يناير امتدادا لنداءات الثورات التي انتظمت في كل المنطقة العربية وسميت بالربيع العربي. كانوا يعتقدون ان هذا التغيير صعب المنال في كل البلاد التي حدث فيها. لانه كان يتطلب تهيئة المناخ لحكم مدني ديمقراطي، وانا اقصد بهذه الطريقة ان الناس كانوا امام خيارين، الخيار الاول : هو تهيئة المناخ امام التحول القادم وهو امر ضروري وحتمي لتمكين التوجه نحو النظام الديمقراطي والحكومة المدنية.

وكان هنالك سؤال حول كيفية تجاوز هذه المرحلة بدون فترة انتقالية وكان هذا هو الخيار الصعب الذي لم تتخذه قيادات الثورة الشعبية في مصر وهو ما يطلقون عليه الشرعية الثورية ضرورة من الضرورات مع الفترة الانتقالية وهما قطبا رحى للانتقال.

والظاهر في مصر ان القوى السياسية تكاد تكون بالاجماع تجاوزت الفترة الانتقالية وتهاونت في عدم اللجوء لما يسمونه الثورة الشعبية لانه من الصعوبة والاستحالة ان يبتدئ مسار مدني وحكم مدني بتوجه جديد وعلاقات جديدة وتطلعات جديدة، بوجود مراكز للنظام السابق. واقصد بها على وجه الخصوص الاعلام ، القضاء، الجيش والداخلية والخارجية ودوائر رجال الاعمال. كل هذه كانت مراكز قوى لا يمكن ان يقوم نظام ديمقراطية جديد ومسار جديد مغاير للنظام السابق في وجود هذه القوى. وواصل حديثه قائلا: اذا اردنا ان نكون واقعيين ما تم كان فيه عدم توظيف المرحلة وعدم استخدام الشرعية الثورية، لذلك اصبح القفز والطفرة نحو نظام انتخاب البرلمان وانتخاب مجلس الشورى وانتخاب رئيس جمهورية، كل هذه حدثت قبل قيام خطوة هامة وهي التفاهم حول الدستور او الاتفاق على دستور. وهذه كلها من المسائل الضرورية التي اغفلتها القوى الثورية في مصر.

وكانت النتيجة الطبيعية استحالة في ان لا تتعسر كل الاجراءات او الخطوات التي تمت. هذا بجانب ان هنالك اعتبارا مهما لابد ان يستصحبه الناس وقد قرأت ما كتبه الامام الصادق المهدي حول احداث مصر حيث اغفل الجانب الخارجي ومصر دولة هامة واستراتيجية تهم دوائر ودول اقليمية ودولية وكان لديهم رأي في ما حدث من تطورات كانت متوقعة سواء ان كانت في مصر او بعض الاقطار الاخرى.

وهنالك دوائر هامة غربية ودول الخليج تضامنوا في اجهاض ما يسمونه الربيع العربي وهذا لا يحتاج الى اي برهان او دليل فهو مشهود ومرتب بهدف تامين الانظمة في الخليج وغيرها. وعلى الرغم من الاراء التي كانت ترى ان ثورات الربيع العربي ستؤدي للاستقرار في المنطقة، كان هنالك الكثيرون يظنون غير ذلك.

ورجحوا ان تكون ثورات الربيع العربي ذريعة للتدخل في الشأن الداخلي على مستوى الوطن العربي كله.

والظاهرة التي كانت ثمرة لثورات الربيع العربي هي صعود الاسلاميين الى الحكم .

والولايات المتحدة الامريكية من واقع انها دولة واقعية في التعامل ثبت لهم انه من الصعوبة عدم الاعتراف بالقوى الاسلامية او التعامل معها وبالفعل فان الامريكان فتحوا صفحة جديدة في التعامل و اوضحوا ان امريكا والغرب ليس لديهم اي مانع في التعامل مع التيارات الاسلامية وفقا للتوجه او النموذج التركي.على وجه الخصوص. والخيار التركي كان خيارا واضحا وسليما. بيد ان الخيار الاول كان هو خيار الجزائر والدول الغربية وخاصة فرنسا لم تستطع ان تتعامل او تقبل ان يتربع الاسلام السياسي على سدة الحكم في الجزائر وهو الامر الذي ادى بفرنسا للدفع بالعسكريين لقطع الطريق امام الاسلاميين بالجزائر. وجاءت النتائج تؤكد على ان هذا ليس هو الطريق الامثل والطريق الصحيح لمواجهة ظاهرة صعود الاسلاميين للسلطة. وهو ان لا تقف في طريق الاسلاميين في الوصول للسلطة عن طريق صندوق الانتخابات مثل ما حدث في مصر.

لكن الهدف واضح في الحالتين اذا جاء الاسلاميون للسلطة عن طريق الانتخابات، هذا طريق اكثر فاعلية في انهاء ظاهرة صعود الاسلاميين في السلطة. بان تساعدهم في الوصول للسلطة وتراهن على فشلهم في ادارة الدولة لان هذا يقطع الطريق امامهم. لان الشعب في البلد المعين يكون قد تبين له ان الاسلامين ليس لهم القدرة على ادارة العمل الراشد للدولة وينبغي ان يزاحوا.

وهذه هي التجربة التي حدثت في مصر. مصر الان المخطط كما ذكر الوكيل الاول لنقابة المحامين الحالي الدكتور محمد الدمياطي بانه بعد ثلاثة اشهر من استلام مرسي للسلطة بدأ المخطط ينفذ… وفعلا كل الفترة التي امتدت لحوالي 9 اشهر كانت هنالك خطوات لتنفيذ للمخطط الذي وجد دعما اقليميا ودوليا. وتم استعجال اجهاض التجربة بعدم مقدرة الاسلاميين على ادارة الحكم .وانه ليس هنالك داعٍ بان يتركوا لاكمال المشوار في استحقاقهم الذي يمتد لثلاث سنوات اخرى، بحجة انهم فشلوا في عامهم الاول في ادارة الدولة. وليس هنالك داعٍ لاعطائهم فرصة اكبر. ولذلك قاموا بتحريض ما يسمونه حركة التمرد، لمواجهة النظام من دون اعتبار لاي قيم .

ولاول مرة في تاريخ مصر تقوم المعارضة بسب رئيس مصر بصورة غير متوقعة ولا تتفق او تتجانس مع القيم الاسلامية او القيم العربية.

واستطرد قائلا: وهذه الاستراتيجية ترتكز على الصدام الدائم مع السلطة القائمة. بدليل ان 50 مقرا من مراكز الحزب الحاكم تم استهدافها وتخريبها بالكامل ولم تتخذ السلطات اية اجراء لحماية هذه المراكز. والواضح ان مراكز القوى او ما يطلق عليه الدولة العميقة هي التي استعدت وحرضت على ازالة النظام. لان ظاهرة او سابقة ان تحكم مصر بالاسلام السياسي او الاخوان المسلمين، ليس لها اي قبول من قوى الثورة المضادة في مصر التي كانت حرة وطليقة وهي التي قامت باستعداء الاخرين على النظام والاستقواء بقوة كبيرة جدا في الخارج. ووجدت من اعلام النظام السابق دعما كبيرا جدا. وهذا مؤشر على ان عددا من الدول الاخرى التي جاءت عن طريق صناديق الانتخابات، ان تستعد وتتحوط .لانه سيتم استعداء الشعب عليها على مبرر انها لم تحسن ادارة الحكم.

وما ابرئ التيار الاسلامي والحركات الاخوانية التي استلمت الحكم في بعض البلاد، ومن بينها مصر ان ارتكبت اخطاء بعدم التقدير الحقيقي لمراكز القوى او للثورة المضادة او ما يطلق عليه في مصر (الفلول). وكان هذا واضحا ان عناصر الثورة المضادة اذا تحركوا بحرية او انطلاقة فهم ليسو بالخصم الهين، لانهم يمتلكون نفوذا كبيرا جدا خاصة في مجال رجال الاعمال ونفوذا كبيرا في اصحاب القرار في المؤسسات الدستورية وعلى رأسها القضاء.

وزير العدل الاسبق التابع للاخوان المسلمين ادلى بتصريح صحفي قال( انه يشهد منذ تأسيس القضاء بمصر الى عام 2013 لم يدخل اي شخص من المستحقين من ابناء مصر اذا كان جده عضوا في حركة الاخوان المسلمين).

ضحك قليلا وزير العدل الاسبق قال جده، وهذه مشكلة. وهذا الواقع بالنسبة للقضاء والمؤسسات الاخرى وخاصة القوات المسلحة. ولذلك ما حدث لمرسي امر غير مستغرب .

صحيفة اخبار اليوم