نور الدين مدني

الهجرة الى الله والارتقاء بالنفس

الهجرة الى الله والارتقاء بالنفس
*احتفلنا بذكرى الاسراء والمعراج ونحن في هذه البلاد البعيدة التي يهاجر اليها الناس من مختلف انحاء العالم لاسباب مختلفه بعضهم لدنيا يصيبونها او لمغانم يسعون لتحقيقها لكننا وجدنا ايضا ان الهجرة الى الله وسط هؤلاء البشرفي ازدياد ملحوظ ليس فقط بحجم المساجد ودور العبادة المفتوحة للمسلمين ولغيرهم من عباد الرحمن وانما ايضا في حياة الناس ومعاملاتهم الاخلاقية الكريمة التي بدأت للاسف تتراجع في بلاد المسلمين .
*نحن نعلم ان الارض بمن فيها وما عليها كلها لله وما من كائن الا ويسبح بحمده سبحانه وتعالى لكننا قصدنا هنا تاكيد التميز الاخلاقي الذي لمسناه في هذه البلاد التي يصنفها البعض بانها ديار كفر رغم انها عمليا عامرة بالاسلام والمسلمين وبغيرهم من عباد الله بمختلف معتقداتهم وتوجهاتهم واتجاهاتهم وجهاتهم التي جاءوا منها.
*ان الاسراء والمعراج بكل ما فيهما من معجزات مادية ملموسة ورموز روحانية تكتسب اهميتها من الآيات الكبرى التي خص به الله سبحانه وتعالى حبيبه ومصطفاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليثبت بها فؤاده ويتم عليه رسالته التي لم تكن في حاجة لهذه المعجزات بعد ان بعثه بالكتاب المنير (القرآن الكريم) ليخرج الناس من الظلمات الى النور.
*اذا كانت الرحلة الارضية من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى تجسد صورة نورانية للقدرات الالهية التي لاتحدها حدود فان الرحلة السماوية التي جسدتها مشاهد (المعراج) كان الهدف منها ان يرتقي الله سبحانه وتعالى بخاتم الانبياء والرسل بعد ان عبرهم حسيا وروحيا ليصل به عند سدرة المنتهى التي لم يصل اليها ملك ولا بشر من قبل ومن بعد مؤكدا علو مكانته وارتفاع شأنه على العالمين اجمعين.
*قصة فرض الصلاة في هذه الرحلة السماوية معروفة فكلنا يعرف كيف ان الله سبحانه وتعالى كان قد فرضها خمسين صلاة في اليوم وعندما ساله رسول الرحمة التخفيف علينا خفضها الى خمس صلوات مع احتفاظه لنا باجر الخمسين صلاة لكن تبقى الحكمة الكبرى في هذه الليلة المباركة متمثلة في ربط الصلاة بالصلة بين العبد وربه فعند كل صلاة تتفتح ابواب السماء معززة هذه الصلة الروحانية الباقية.
* المشاهد الرمزية التي وقف عندها خاتم الانبياء والرسل في هذه الرحلة السماوية مشحونة بالجرعات المعرفية عن انماط البشر من المجاهدين والمتكاسلين عن الصلاة والذين لا يؤدون الزكاة والذين يقعون في الزنا والذين لا يؤدون الامانة وخطباء الفتنة و…..الخ من المشاهد الروحانية كلها مشاهد لصيقة الصلة بتمام الرسالة السماوية بكل ما فيها من دروس وعبر.
*نحن الذين ما زلنا في هذه الدنيا الفانية نسأل الله عز وجل ان يجعل هجرتنا الى الله في انفسنا التي باركها لنا منذ زمن الى ان كانت خطيئة سيدنا ادم عليه السلام وما ترتب عليها من هبوط الى الارض لنخوض نحن البشر معركتنا الكبرى ضد رمز الشر(الوسواس الخناس) ونحن نهاجر في دواخلنا ونرتقي بذواتنا مقاومين شرور انفسنا وسيئات اعمالنا حتى نكون خالصين لله سبحانه وتعالى بلا شوب يشوب علاقتنا به.

كلام الناس – السوداني