رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : حتى إنتَ يا المؤتمر الوطني ؟!!

[JUSTIFY]وحينما يوجه النقد للمؤتمر الوطني ممثلاً بأمانة الفكر والثقافة دون غيره من الجهات الأخرى المشاركة معه في رعاية الحفل الأمريكي الراقص الذي تعتزم وزارة الثقافة والإعلام تشكيل لجنة تحقيق حول ملابساته، حينما يوجه النقد للمؤتمر الوطني، فهذي تبقى من باب التزكية من جانب الناقدين سواء كانوا برلمانيون أو دعاة أو صحفيون، وكأنه كان بمنطق التساؤل التعجبي السوداني «حتى إنتا يا المؤتمر الوطني؟!!».

اسمها أمانة الفكر والثقافة وليس أمانة الاستلاب الفكري والهزيمة الثقافية، فما علاقة الرقص الأمريكي بها إذن إذا كان يمكن أن تكون له علاقة ببعض القنوات الملعونة؟!. وإذا كانت أمانة الفكر والثقافة تبارك هذا الصنيع الأمريكي الفسيق في إطار محاولات كسر الجدار العازل بين تطبيع العلاقات السودانية الأمريكية وبين اتخاذ القرار الأمريكي بتنفيذه، فإن شأن التطبيع هو أحد شؤون الإدارة الأمريكية في وزارة الخارجية وفي جهاز الأمن والمخابرات الوطني وليس من شؤون أمانة الفكر والثقافة. لكن السؤال الأهم هو هل تريد واشنطن أن تطلق بالونة اختبار في أجواء الحكم في السودان بعد انفصال الجنوب لتستنتج ما إذا كان السودان عاد بعد إعلان نتيجة الاستفتاء وتقرير مصير الجنوب إلى النسبة الكبيرة في تطبيق أحكام الإسلام والقوانين السماوية أم أنه صرف النظر عن ذلك بغية إحراز تقدم في تطبيع العلاقات السودانية الأمريكية؟!. إذا كانت الحكومة السودانية قد استوعبت هذه المناورة الأمريكية ولعبت «بولتيكا» فكان من الأفضل أن لا تكون هذه الفرقة الأمريكية الخليعة تحت رعاية أمانة الفكر والثقافة أو أن تشارك على الأقل في رعايتها، فحتى واشنطن قد لا ينطلي عليها أن أمانة في الحزب الحاكم معنية بالفكر والثقافة ـ لاحظ الفكر والثقافة ـ بإمكانها أن تستجيب لسلوكيات مخالفة لأحكام الإسلام ولا علاقة لها بالفكر والثقافة.

ونعلم أن المخابرات الأمريكية والموساد والمخابرات البريطانية والفرنسية كلها تعلم بتفاصيل أحكام وقوانين الإسلام بصورة أكبر من التي في أذهان كثير جداً من أبناء المسلمين حتى وسط الذين يتبوأون المناصب الدستورية الرفيعة. فما كان هناك ما يضطر أمانة الفكر والثقافة أن «تحمل وجه القباحة» مع غيرها من غير المعنيين وغير المنتبهين لخطورة الأمر من بعض الشركات والقنوات. فأي فكر وأية ثقافة يسوَّق لها المؤتمر الوطني من خلال هذه الأمانة المهمة جداً؟!

إن تعليم الشباب المسلم على الرقص يعني اغتيال الهمة فيهم لصالح أن تحقق مشروعات التآمر الأجنبية أهدافها من خلال الحركات المتمردة، وتقبلت حكومتنا هنا أن يخضع الشباب لتدريبات على الرقص و«المياعة» و«المياصة»، فهل تتقبل قيادات حركات التمرد أن يتدرّب الشباب المقاتلين في صفوف التمرد على الرقص الأمريكي في معسكرات التمرد في دولة جنوب السودان أو في الحدود السودانية الجنوبية؟! طبعاً «لا» لأن القتال يتطلب الهمة و«شد الحيل».. لكن الشباب الراقص لا يستطيع أن يعيش في معسكرات القتال سواء كان للتمرد أو للمجاهدين. وهنا نستطيع أن نفهم ما معنى تدريب شباب الخرطوم على الرقص وتدريب من يساقوا إلى معسكرات التمرد على القتال والشجاعة والمقدامية، ومصدر تمويل التدريبين واحد هو واشنطن أو هما مصدران متحدان واشنطن وتل أبيب؟! إن تاريخنا يحثنا على الهمة والشجاعة والمقدامية على ما كان عليه مجاهدو المهدية، وقديماً قال المك نمر «من رقص نقص». رغم أن الرقص الذي يقصده كان خاصاً بالرجال في شكل «عرضة». ترى ماذا كان سيقول عن الرقص الأمريكي الزائر؟

لا نريد أن نقول إن أمانة الفكر والثقافة تشارك فيما هو عملي يمضي في اتجاه معاكس لأنشطة وبرامج المجاهدين في الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية. لكن أقول ما هذا التناقض السلوكي الرسمي في الساحة السودانية؟! أي دفاع شعبي قوامه شباب سوداني ورقص أمريكي يتدرّب عليه شباب سوداني. ونسأل أيضاً مع من يقف الاتحاد الوطني للشباب السوداني؟! وأي شباب من الجانبين يقصد هذا الاتحاد الوطني؟! ثم إن على الحكومة أن تختصر وتسقط غير الضروري في معالجات سياستها الخارجية ولا تسرف في المجاملات الدبلوماسية إلى هذا الحد. فإن استضافة التدريب على الرقص الأمريكي لن تكون سبباً لإحراز تقدم في تطبيع العلاقات السودانية الأمريكية، وإن عدم استقبال فجار أمريكا الراقصين لا يعني تأخر التطبيع. ثم إن التطبيع بين البلدين قائم تماماً بدليل العلاقات الاجتماعية للسفير الأمريكي أو «القائم بالأعمال» ورقص الشباب السوداني على الطريقة الأمريكية لن يجعله أفضل من هذا. وإذا كان سيجعله دعونا نرى إذن بعد حفل السبت الراقص.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]