الاتحادي الأصل.. النزاع حول تجديد بطاقة العضوية بالحكومة
«نحن الجينا بشورة أهلنا».. تلك المقولة المشهورة تعود للاتحاديين في انتخابات الديمقراطية الثالثة، يوم كان الاتحادي شأنه شأن بقية الاحزاب السودانية لم يعرف الانقسامات التي يتعذر معها ــ نوعاً ما ــ الوقوف على قادة تلك الأحزاب التي تمارس التشظي أكثر من العمل السياسي نفسه، والواقع الراهن يفيد بأن تلك المقولة لم تعد تمثل الاتحاديين اليوم، جراء خلافهم الذي لم يهدأ حول مشاركتهم المؤتمر الوطني الحكم في نهاية عام 2011م، ولما كان الحزب الحاكم بصدد الإعلان عن حكومة جديدة كانت هذه سانحة أخرى ليعود خلاف الاتحاديين على السطح مرة أخرى، فقد حذر الاتحادي على لسان ناطقه الرسمي محمد عثمان الميرغني أياً من منسوبي الحزب مع المعارضة بقوله للزميلة «الأهرام اليوم» بالخميس الفائت: «لا تملك اية مجموعة اتحادية التنسيق مع أي حزب بعيد عن قرار رئيس الحزب ومؤسساته»، والاشارة هنا تخص مجموعة القيادي حسن أبو سبيب الرافضة للمشاركة، وكان أبو سبيب في الاسبوع الماضي قد أراد الاجتماع في أحد مراكز الحزب بالخرطوم إلا أنهم وجدوا الدار مغلقة «بأقفال جديدة»، مما اضطره لتنظيم اللقاء بداره، وفي لقاءات صحفية لاحقة صرح أبو سبيب بأن حزبهم يفتقر للمؤسسية والديمقراطية ووصف مشاركتهم بالبائسة، يذكر أن رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني قد غادر البلاد إبان مظاهرات سبتمبر الماضي إلى المملكة السعودية بحجة إجراء بعض الفحوصات الطبية، وهو الأمر الذي فسره المتابعون للشأن السياسي بأنه هروب مبطن، وأن الأخير غادر ليجيء قراره إزاء علاقة حزبه مع الوطني وفقاً لما يفرزه مخاض الاحتجاجات التي أدرجها البعض ضمن دائرة الربيع العربي التي أسقطت عروش حكم امتدت عقوداً متطاولة، وعندما اشتد أوار الخلاف بين الاتحاديين حول استمرار المشاركة على خلفية تلك المظاهرات، أصدر الميرغني من الخارج قراره باجتماع الهيئة القيادية للحزب للنظر في قضية المشاركة، وبالفعل انعقدت الهيئة وأوصت بفض الشراكة مع الوطني، ومن أبرز المناهضين لذلك القرار قيادات المشاركة باسمه في الحكومة وعلى رأسهم الوزراء أحمد سعد عمر وعثمان عمر الشريف، ورغم أن التوصية رفعت للميرغني إلا أن القرار النهائي بيد الميرغني نفسه، وقبل أن يفرغ الاتحاديون من اختلافهم حول فض الشراكة أو الإبقاء عليها، دهمهم التشكيل الوزاري الجديد، فالحكومة وإن كان من الأبجديات الإبقاء على حليفها الرئيس الاتحادي الاصل، فإن هذا لم يمنعها من طرق أبواب أخرى لتعزيز موقفها السياسي، وإن لم تجد فهي لن تألو جهداً في التمسك بحليفها الاتحادي، بينما تجدد النزاع بين الاتحاديين حول تجديد بطاقة العضوية بالحكومة أم لا، وفي هذا الخصوص ينفي إبراهيم في إفادته السابقة أية اتصالات رسمية من الوطني لإشراكه في الحكومة الجديدة، وقال إن إعلان التشكيل الحكومي الجديد هو السقف الزمني لصدور قرار رئيس الحزب بشأن قبول أو رفض توصية فض الشراكة، مؤكداً أن وجود الحزب في التشكيل يعني تلقائياً رفض الرئيس بالتوصية.
وبالرغم من أن الرافضين للمشاركة يبررون رؤيتهم بأن مشاركة الحزب من الضآلة بمكان، بحيث لا تناسب الثقل التاريخي المعروف عن حزبهم، خاصة في الولايات، حيث تترى من حين لآخر اعتراضات مؤسسات الحزب في الولايات وإعلانهم الانسحاب، علاوة على طرقهم لما يصفونه بتهميش وزرائهم وأن لا دور لهم يذكر في اتخاذ القرارات الجوهرية التي آخرها السياسات الاقتصادية التي على إثرها اندلعت المظاهرات، إلا أن هناك ضجة كبرى صاحبت قرار الاتحاديين بين شد القبول وجذب الرفض للمشاركة في العام قبل الماضي، حتي أن الأرشيف الصحفي احتفظ للميرغني بصورة غير تقليدية وهو يشير بامتداد يده مخاطباً جماهير حزبه الرافضة للمشاركة، والتي التفت حول دار «ابو جلابية» آنذاك.
ولما كان الميرغني صاحب نظرية «النظر في الاتجاهات الستة» التي تغلب المصالح الوطنية على اية اعتبارات أخرى كما يشير الموالون له في قراراته التي لا تجد الرضاء من قيادات واطراف اخرى بالحزب، فإنه من المتوقع ان يقر الاستمرار في المشاركة، خاصة أن للميرغني سابقة سحب مرشح حزبه لرئاسة الجمهورية «حاتم السر» الذي اعد العدة لمنازلة الوطنيين وقطع شوطاً مقدراً في حملته الانتخابية، وبطبيعة الحال فإن قرار كهذا ستنشأ عنه تداعيات قد تصل لدرجة الانشقاق، وبما أن الناطق الرسمي قد أشار إلى احتمالات الإستقطاب من قبل تحالف المعارضة فإن تبعات الاستقطاب ربما تفضي للانشقاق وتكوين وإنشاء باقة حزبية جديدة تنضم لقائمة كوتة أحزاب الاتحاديين.
القيادي بالحزب دكتور علي السيد أشار إلى أنه بالرغم من أن قرار الميرغني حول المشاركة غير معروف الاتجاه حتى الآن، إلا أن كل القيادات والقواعد ترفض المشاركة، وعن توقعاته لقرار الميرغني قال في حديثه لـ «الإنتباهة» إنه يرجح أن يعيد الميرغني قرار التوصية بالرفض للهيئة القيادية بالحزب لتتخذ القرار المناسب سواء بالرفض أو القبول، وبالإشارة إلى أن الرفض هو قرار الهيئة فقد أوضح أن الذي أخرج التوصية لجنة حزبية وليست هيئة القيادة، التي يتوقع أن يدعوها الميرغني للانعقاد لتتخذ القرار حول المشاركة، وأفاد بأن توقعاته تقول إن الهيئة ستختار الخروج من الحكومة، وبشأن ماهية موقف المعارضين للمشاركة ما إذا كانت رؤية الميرغني هي الاستمرار في المشاركة، قال إنه على المستوى الشخصي لن يغادر الحزب، ولا دراية له بمواقف القيادات والعضوية الأخرى، وحول ما إذا كانت المعارضة تعمل على استقطاب أولئك القادة بالفعل، أشار السيد إلى أن الاخيرة تسعى لتوسيع دائرتها، وأنهم حال الانضمام إليها سيحدث ذلك بوصفهم أفراداً وليس الحزب الاتحادي، وأردف قائلاً: تلك ليست مشكلة، وعاد ليقول إذا حدث واستمر الحزب في المشاركة فأطلب من تلك القيادات ألا تغادر الحزب، وأن عليهم أن يظلوا فيه ويناضلوا من داخله لتحقيق رؤاهم التي يؤمنون بها.
يبقى أن سفينة الاتحاديين ماضية، وهي تحتمل تشاكس الفرقاء ما بين الموالين للمشاركة والرفضين، وربما يغادرها البعض ويبقى الآخر على مضض، إلى أن ترسو سفينتهم على جودي المعارضة الواضحة للمؤتمر الوطني أو الموالاة الصريحة له كيفما اتفق أو لم يتفق.
صحيفة الإنتباهة
ندى محمد أحمد
ع.ش
الديمقراطية الحقيقية ان يمتلك الحزب الناس وعندنا يمتلك الناس الحزب
ايها الشعب ثوروا اولا على احزابكم واعدلوها