تحقيقات وتقارير

مولانا أبوسبيب في أخطر حوار.. يكشف المستور

[JUSTIFY]يوم السبت الموافق 9/11/2013 اختلفت قيادات وأعضاء الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، ونشب بينهم خلاف كبير حول إجراء اجتماع بدار حزب الاتحادي الديمقراطي بخصوص مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في الحكومة أو عدم مشاركته، والخلاف يظهر أن هناك من يعترض على المشاركة في السلطة وأن هناك من يرغب فيها. أما رئيس الحزب السيد محمد عثمان الميرغني فقد كان موقفه أكثر ضبابية حيث إنه استخدم الرمادي إما لأنه في انتظار خطوة ليعلن عن الموافقة أو خطوة أخرى ليرفضها هذا ما تخبؤه دائمًا دهاليز السياسة عندما يكون القرار في ميزان متعادل الجوانب. أما التصريحات التي تصدر من حزب واحد وتكون متضاربة ومتباينة أصبحت غير مستغربة من القوى السياسية هذه الأيام. «أخبار اليوم» جلست مع القطب الاتحادي الكبير الشيخ حسن أبوسبيب وقد روى ما حدث من خلاف في دار الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بين مجموعته ومجموعة ميرغني المساعد فإلى التفاصيل.

حاورته: رحاب أبوقودة

هناك اتهام من ميرغني المساعد مفاده أنكم قمتم بكسر قفل دار المركز العام للحزب دون استئذان من إدارة المركز ما هو ردك ونريد تفاصيل وافية عن ما حدث بينكم من خلاف أمس الأول؟

ميرغني المساعد نحن لسنا على خلاف معه؛ لأنه مجرد خفير فقط لدار الحزب وحارس لها ولا يملك قرارًا لذا هو لا يساوي شيئًا وما حدث كالآتي: لو تتذكرين أن السيد محمد عثمان الميرغني عند ذهابه إلى لندن قبل خمسة عشر يومًا (أسبوعين) كون لجنة من عدد القيادات لتقييم المشاركة في الحكم مع الوطني على أن ترفع هذه اللجنة تقريرًا يحوي آراء أعضاء هذه اللجنة إليه في لندن، وقد كون السيد محمد عثمان هذه اللجنة من أشخاص معينين واجتمعت هذه اللجنة في حديقة السيد علي وترأسها الفريق عبدالرحمن سعيد، وكل الأعضاء رفضوا مسألة المشاركة في الحكم قديمًا وحديثًا وخلاصة الاجتماع أن ينسحب كل من يشارك في الحكومة. ورُفع التقرير إلى الميرغني بأن جميع الناس في الحزب ضد المشاركة في هذه الحكومة ووقّع عليه أعضاء اللجنة.

هل جاء الرد من رئيس الحزب؟

لم يرد على هذا التقرير، وقد مضى على هذا أسبوعان أو أكثر.

ميرغني مساعد بحسب ما ذكرت أنه لا يملك صفة للحديث مع ذلك ذكر أن انسحاب الحزب من مشاركة الحكومة هو حديث وآراء شخصية لبعض منسوبي الحزب، من أين أتى بهذا التصريح إذا لم يكن مفوضًا من رئيس الحزب أو أصحاب القرارات الفاصلة؟

هذا جزء من المشكلة؛ فهو ليس المسؤول عن تصريحات الحزب وليس الناطق الرسمي له.

إذا كان هذا صحيحًا لماذا لم يحاسبه الحزب على هذا الحديث أو التصريح؟

نعم، لكن نحن قررنا وعقدنا اجتماعات بدار الحزب الأصل ونحن نعلم أن هنالك عددًا من الناس منهم ميرغني المساعد مع المشاركة في الحكم؛ ويوم السبت الماضي حضرنا من أجل الاجتماع وجاءت كل الفئات التي تمثل الحزب من محامين ومعلمين ورؤساء محليات لعمل بيان لمساندة القرار الذي رفعته اللجنة القيادية بعدم المشاركة جاءت كل هذه الفئات وعددها كان تقريبًا ثلاثين شخصًا إلى الدار وإذا بنا نجدها مغلقة تمامًا وقد أرسلنا إليه مندوبًا ليبلغه كحارس بفتح الدار لعقد الاجتماع وهذا كان قبل الاجتماع، فقال ميرغني المساعد للمندوب اذهب وآتني بالأجندة فكيف لنا ونحن قيادات بالمكتب القيادي وقيادات عليا أن نعطي أجندتنا لخفير وحارس فقط ليس إلا، و قلنا له إن هذا الأمر لا يعنيك ويبدو أنه عندما علم بذلك أغلق الدار «بقفل» جديد حتى لا يتمكن أي شخص من فتحها، وقد غيرنا مكان الاجتماع وتم عقده بمنزلي، وكان زمن الاجتماع من الواحدة ظهرًا إلى الخامسة مساءً، وقد قمنا بعمل ميثاق نؤيد به قرار اللجنة التي كونها مولانا رئيس الحزب وهو من قرر عدم المشاركة في النظام القائم هذا ما تم في الاجتماع، وقد أمنّا على أن السيد محمد عثمان الميرغني هو رئيس الحزب وأننا لسنا تيارًا منشقًا فنحن نعمل تحت مظلة رئيس الحزب ونعمل داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل؛ لكننا نعلم أن هناك عددًا من المشاركين في الحكومة من الحزب وغير المشاركين «من يودون المشاركة» لا يريدون الانسحاب ويرغبون في المشاركة وهؤلاء كما وصفهم السيد الحسن الميرغني أمين التنظيم ـ نجل الميرغني ـ بأنهم يلهثون وراء مصالحهم الخاصة.

ماذا سيحدث والسيد الميرغني رئيس الحزب صاحب الموقف الضبابي في هذا الأمر؟

رفعنا عددًا من التقارير إلى السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب ولم يرد حتى الآن على اللجنة العليا التي كونها بنفسه، وقد حمل التقرير حاتم السر وذهب إليه في مكان إقامته بلندن ولم يرد على ما حدث بالدار أمس ولم نسمع منه شيئًا، ونحن قمنا بعمل ميثاق وأكدنا وقررنا أن الحزب حزب ديمقراطي وما حدث بالأمس يبين أن الحزب يفتقد الديمقراطية والمؤسسية، لأنه لو كانت هناك مؤسسية لما حدث ما حدث بالأمس فهل هذه الدار (دار الحزب) ملك لهذا الحارس، وإذا لم تجتمع هذه القيادات فمن يجتمع، علمًا بأننا نعلم بأن هذه الدار ومنذ أن فتحت وحتى الآن كالمنزل المهجور.

بالنسبة للمؤتمر الذي يخص الحزب الاتحادي الديمقراطي وحددت له تواريخ ولم يُقم هل يرجع هذا لعدم الاتفاق أيضًا بينكم؟

المؤتمر قد حدد في اجتماع عام، وكان من المفترض أن يكون في يناير 2013 وقد مضى يناير ولم يُقم المؤتمر ومضى فبراير ولم يُقم المؤتمر إلى الآن لأن قواعد الحزب والأغلبية محجمون عن قيام المؤتمر في ظل مشاركة المؤتمر الوطني، وهذه الحكومة سميت بحكومة القاعدة العريضة وهي ليست بالحكومة العريضة فهي للمؤتمر الوطني وأحزاب التوالي التي تعتبر جزءًا من المؤتمر الوطني والجديد بها انضمام الاتحادي الديمقراطي ودخوله ولم تشارك أي أحزاب سياسية سوى الاتحادي الديمقراط،ي والأحزاب التي دخلت وشاركت (أحزاب الفكة) عبارة عن أعضاء منشقين من أحزابهم وقد شاركوا وساندوا المؤتمر الوطني، والحزب الاتحادي الديمقراطي عندما دخل الانتخابات السابقة دخل ببرنامج وانسحب، والآن هؤلاء المشاركين لم يدخلوا ببرنامج محدد للحزب، بل هي مشاركة أشخاص يقومون بتنفيذ برامج وأجندة تتبع للوطني ولا دخل للحزب بها.

الظاهر أن السيد الميرغني يوافق على هذه المشاركة وإلا لما ظل هؤلاء الأشخاص تابعون للحزب؟

قطعًا لا يمكن إدخال هؤلاء من دون موافقة رئيس الحزب (يبقى السكوت علامة الرضا).

هناك حديث يدور حول مشاركة فاعلة للقطب الكبير تاج السر محمد صالح في التشكيل الجديد؟

تاج السر محمد صالح وأحمد سعد عمر وعثمان عمر وآخرون الأفضل لهم أن (يريحونا) وينضموا إلى المؤتمر الوطني إن شاء استوزرهم وإن لم يشاء لم يستوزرهم.

في حال تأكدتم بأن رئيس الحزب موافق هل ستنشقون أم ماذا سيحدث؟

لا نستطيع أن نسبق الأحداث لأننا رفعنا مذكرات ونحن في انتظار الرد عليها إن كان إيجابيًا أو سلبيًا حينها سيكون لنا حديث وسيكون لدينا الكثير من الخيارات.

يبدو أن المؤتمر الوطني تمكن من بعض الأحزاب للموافقة في المشاركة مما جعلكم تضطربون في القرارات هذا بمجرد عرض المشاركة عليكم؟

الحكومة استطاعت بذكاء وبإمكاناتها أن تحدث انشقاقات عامة في كل الأحزاب، فالاتحادي انشقّ إلى ستّة أحزاب، وحزب الأمة انشقّ إلى تسعة أحزاب وغيرهما من أحزاب.

الانتخابات كيف ستكون مع هذا الخلاف؟

أنا أعجب من انتخابات تقوم في السودان وبعض القضايا المفصلية ما زالت عالقة مثل الدستور وقضية أبيي التي لم تنتهِ بعد وهي عبارة عن قنبلة موقوتة إضافة إلى الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد، وأعتقد أن الظرف غير ملائم لإجراء انتخابات إلا إذا كانت الحكومة لها المقدرة والاستطاعة فهذا يخص الحكومة؛ لكن الأحزاب الأخرى الآن هي في حالة صراع مع بعضها بعضًا وتعاني من مشكلات إضافة إلى إمكاناتها ففي السودان لا أعتقد أن أي حزب يستطيع بعد الآن أن يحكم السودان منفردًا؛ فالبلد بها أكثر من سبعين حزبًا، فسياسة حزب واحد أو اثنين لم تستطع حكم السودان والذي يمكن أن ينجح هو نظام التحالفات أو وجود حكومة قومية.

ما رأيك في التحالفات؟

التحالفات تنجح في حالة الأحزاب الكبيرة ذات القواعد والجماهير، فإذا تحالف حزب الأمة والاتحادي والشعبي والشيوعي والمؤتمر الوطني والإخوان المسلمين جائز أن يكون هناك استقرار على شرط أن يكون هذا التحالف قائمًا على ميثاق وبرنامج واحد به قواسم مشتركة لكل هذه الأحزاب غير هذا لن ينجح شيء آخر. والانقلابات العسكرية أيضًا غير ناجحة في بلد مثل السودان لأنها فشلت وكل تلك الكوارث سببها الانقلابات العسكرية، فعبود استمر نظامه لستّة أعوام ونظام نميري 16 عامًا هذه اثنان وعشرون عامًا، فمن حق العسكريين أن يأتوا لم نقل شيئًا هم سودانيون أبناء بلد لكن ليس بهذه الطريقة فالعسكريون عندما يحدثون انقلابًا لا يكون لديهم برنامج محدد بل لهم أسلحة فقط لذا عادة ما يلجأون إلى المدنيين، ونميري أتى بالشيوعيين وفشل معهم ومن ثم استعان بالإسلاميين وأيضًا فشل معهم، ثم دعا الأحزاب وفشل معها وهذا هو عيب الحكم العسكري أنه يلجأ عادة إلى المدنيين فالمدني إما أن يكون حزبيًا أو ينتمي إلى حزب أو متعاطفًا مع حزب معين فلا يوجد مدني مستقل.

ما رأيك في الاتحاد الأوروبي وهو يعد لحوار مع الحكومة والقوى السياسية والجبهة الثورية؟

قد يبحث البعض عن حلول لخلق استقرار؛ لكن الله أعلم أن ينجح هذا المؤتمر لأنه ومنذ بداية قضية دارفور دخل الأمريكيون فيها ومعظم القوى الخارجية؛ لأن بعض أهل دارفور يأتون اليوم مثلًا إلى الدوحة ويقولون نحن أهل دارفور وتوقع الحكومة معهم اتفاقية، وتقوم جماعة أخرى من نفس الموقع فهذا الأمر لا يستقيم لذا يجب على أهل دارفور أن يجلسوا ويتفقوا على رأي واحد، فالذي حدث أن هناك عددًا من الاتفاقات لذلك لم ينجح الأمر، فإن لم يوحد أهل البيت رأيهم فلن يفلح أحد في ذلك.

القوى السياسية عمومًا في السودان أصبحت تواكب موضة الانشقاق والاختلاف كيف تفسر الأمر؟

أصبح الانشقاق داءً وسرطانًا مصاحبًا للأحزاب السودانية بشكل عام، وقد دخل هذا السرطان بسهولة في كل الكيانات السياسية السودانية واستوغل فيها وهي طبعًا تبدأ بمستوى الأفراد فمثلًا ميرغني مساعد أعجب له كيف يدلي بتصريح وهو ليس الناطق الرسمي للحزب.

لكنه تحدث عن أنكم أيضًا لا تمثلون الحزب فمسألة سحب مشاركتهم من الحكومة وعدم المشاركة مستقبلًا هي آراء شخصية لبعض منسوبي الحزب؟

عفى الله عنه، ونحن الآن لا نريد أن نفتح نقاشًا معه لأن قضيتنا أصبحت مع الحزب وليس مع خفير وحارس للدار لا يؤثر في شيء، وهو لا يخصنا وكما ذكرت القضية مع الحزب وقيادة الحزب فقط.

يجب أن يتوحد الجميع وتحديدًا القوى السياسية وأن يتركوا ما يفعلونه الآن من أجل السودان ما رأيك؟

السودان الآن في مفترق الطرق وإذا لم يكن هناك ميثاق واحد لن ينصلح الحال، وليأتِ كل حزب ببرنامجه وتخرج جميع هذه الأحزاب ببرنامج واحد ينقذ هذا البلد، وأهم شيء في هذا البرنامج أن يكون قائمًا على الاتفاق على السياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية وعدم تسيس الجيش وتركه لمهمته الأساسية وهي حماية هذا البلد ومن يريد أن يدخل السياسة من القوات المسلحة أو الجيش يعطي القيادة ويكون مواطنًا سودانيًا عاديًا، و أقول أخيرًا اتقوا الله في هذا البلد الذي ضاع وجاع هذه هي القضية وقضية السودان مثلما قال الله تعالى في محكم تنزيله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) صدق الله العظيم. فالخوف من المرض والقتال وسفك الدماء، والخوف من ضياع البلد من الفتن والمصائب، وهذا الحديث موجه لقيادات الأحزاب جميعًا يجب مراعاة الأجيال القادمة والحاضرة.

صحيفة اخبار اليوم[/JUSTIFY]