تحقيقات وتقارير

الاسلاميون فى السودان .. تاريخ طويل والانقسامات فى بعض المرات ( انهار دم)

[JUSTIFY]بالنظر فى تاريخية الاحزاب السودانية تكون الملاحظة منذ الوهلة الأولى ان الانقسام والانشقاق والانشطار قد لازمها بل كان ملازماً لها منذ بذرة تكوينها.
ومن مخاطر ذلك ان ظلت الممارسة السياسية تحفها الاخفاقات الدائمة حتى كان أبلغ توصيف لها قد أفرد له الدكتور منصور خالد كتاباً من جزئيين عنوانه « النخبة السودانية وإدمان الفشل»، ومن خلال قراءة هذا الكتاب القيم والذى حملّ كاتبه المسئولية التاريخية والاخلاقية لواقع السودان المأزووم للمؤسسات السياسية وشخوصها وللنخب الاكاديمية والفكرية والثقافية يمكن الخلوص لاسباب هذه الازمة المتطاولة .

قراءة مجردة:
فى هذه المعالجة الصحفية نحاول قراءة فى هذه الانقسامات والانشقاقات داخل الحركة الاسلامية على خلفية حالة الافتراق التى شهدتها الساحة السياسية مؤخراً بين المؤتمر الوطنى وبعض القيادات فيه والتى دفعت بمذكرة لاصلاح الحزب لقيادته، ثم توالت بعد ذلك الاحداث عاصفة فتم تشكيل لجنة محاسبة لهؤلاء الاصلاحيين بعضهم مثل أمامها وبعضهم رفض المثول امامها بحجة عدم شرعيتها. وانتهى الامر الى اتجاه الاصلاحيين لتكوين حزب جديد مما يعنى ان ذلك يمثل حالة من حالات الخروج على الحزب الأصل « حزب المؤتمر الوطنى» واللافت ان المناداة بالاصلاح قد لازمت المؤسسات السياسية لنظام حكم الانقاذ الوطنى منذ بداياته…وقد اتخذت هذه المناداة من حيث وسيلتها عدة طرق تمثلت بابداء الرأى داخل المؤسسات والذى إنتهى بالاستقالة او الاقالة كما حدث فى حالة العميد عثمان احمد حسن عضو مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطنى والذى تبنى آراءً ثم اعتبرها فى وقتها سابقة لأوانها وذهب فى حالة سبيله حيث أحاطت بنفسه حالة صمت عن الشأن السياسى حتى يوم الناس هذا.
ومنها ماتمثل فى ابداء الرأى المكتوب او الرأى المسموع كحالة الدكتور عبدالوهاب الافندى والذى أصدر كتاب « الثورة والاصلاح السياسى فى السودان» عام 1994م وكذلك حوارات الدكتور حسن مكى التى اجرتها معه الصحافة المحلية والعربية ومقالات الراحل محمد طه محمد أحمد وكتب الدكتور عبدالرحيم عمر محى الدين وغيرهم.

تاريخ طويل مع الانشقاقات:-
الناظر فى مسيرة الحركة الاسلامية السودانية يلحظ أنها ارتبطت بتاريخ طويل مع الانشقاقات منذ سنوات تكوينها ويمكن تلخيصها بايجاز فى الاتى:-
انشقاق المرحوم الرشيد الطاهر بكر والذى أنبه تنظيم الاخوان المسلمين لاشتراك فى إنقلاب عسكرى فاشل ضد حكم الرئيس عبود فأدى ذلك التأنيب لانضمامه للحزب الاتحادى الديمقراطى بمسماه القديم « الحزب الوطنى الاتحادى»
انشقاق مجموعة المرحوم الاستاذ بابكر كرار والدكتور ناصر السيد والاستاذ عبدالله زكريا والذى كونوا الحزب الاشتراكى الاسلامى.
إنشقاق مجموعة المرحوم الاستاذ على طالب الله بعد ايلولة الامانة العامة للحركة الاسلامية للدكتور حسن الترابى بعد ثورة اكتوبر 1964م حيث رفض موالاة رئاسة التنظيم العالمى للاخوان المسلمين.
انشقاق مجموعة الاستاذ صادق عبدالله عبدالماجد والدكتور الحبر يوسف نورالدائم والدكتور جعفر شيخ ادريس من الحركة الاسلامية بعد ان دخلت الحركة الاسلامية بقيادة الدكتور حسن الترابى فى مصالحة نظام مايو فى اواخر عقد السبعينات من القرن الماضى.
إنشقاق مجموعة الدكتور عصام احمد البشير والاستاذ أحمد مالك واخرين من الحركة الاسلامية بسبب بعض الآراء الفقهية التجديدية للدكتور الترابى خاصة رأيه فى علاقة الفن والدين والمرأة ورأيه المعروف بـ» حديث الذبابة»
إنشقاق داؤود يحى بولاد فى اواخر ايام الديمقراطية الثالثة وإنضمامه للحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق.
إنشقاق الدكتور فاروق محمد آدم واثنين آخرين من نواب الجبهة الاسلامية بالجمعية التأسيسية وإنضمامهم للحزب الاتحادى الديمقراطى بدعوى ان حزبى الامة والجبهة الاسلامية يقفان مع تسليح القبال العربية بدارفور ضد القبائل ذات الاصول الزنجية.

مذكرة العشرة وابو الانقسامات:-
مثلت مذكرة العشرة التى اعدها ووقع عليها عشرة من القيادات العليا والسياسية بحزب المؤتمر الوطنى والحركة الاسلامية أعنف واكبر الانقسامات داخل الحركة الاسلامية حيث انتهى بها الحال إنشقاق مجموعة المنشية والتى تعنى إصطلاحاً مجموعة الدكتور حسن الترابى التى استهدفت مذكرة العشرة إخراجها من اللعبة السياسية حيث كونت المؤتمر الوطنى الشعبى وهو الاسم المسجل به لدى مسجل التنظيمات السياسية ولكن جرت العادة على تسميته بالمؤتمر الوطنى، بينما أصبحت مجموعة القصر والتى يقصد بها مجموعة الرئيس عمر البشير هى القائدة لحزب المؤتمر الوطنى الحاكم…
ويعتبر الكثير من المراقبين ان الانشقاق الذى حدث هو الاكبر والاعنف ليس داخل الحركة الاسلامية فحسب بل داخل الحركة السياسية السودانية حيث تمت الاطاحة بالقيادة الفكرية والسياسية للحركة الاسلامية وتم تحويلها من قيادة حاكمة متنفذة الى قيادة معارضة تتعرض للمضايقات السياسية وغير السياسية شأن كل الاحزاب السودانية الأخرى.

إنشقاق وانهار الدم:-
بعد المفاصلة التى انتهت الى انقسام الحركة الاسلامية الى مؤتمرين وطنى وآخر شعبى آثرت قطاعات مؤثرة الانضمام لحزب المؤتمر الشعبى وبقيت فيه بعض الوقت لكنها آثرت الخروج من البلاد وبدأت تشكل بعض الفصائل المسلحة فى بعض مناطق دارفور كمنطقة دار زغاوة الواقعة فى الشمال والشمال الغربى من ولاية شمال دارفور وعلى تخوم الحدود السودانية التشادية، حيث شكلت مجموعة خليل ابراهيم حركة العدل والمساواة ونشرت وبثت بيانها التأسيسى عبر الوسائط الاعلامية والشبكة الدولية للمعلومات « الانترنت» ومن وقتها وتحديداً فى فبراير 2003م دخل اقليم دارفور بسبب الحركات المسلحة التى قادت الاحتجاجات الموجهة ضد الدولة فى انهار من الدم راح ضحيتها مواطنين ابرياء عزل وفقد الكثير من المواطنين قراهم ومناطقهم وسبل كسب عيشهم مما جعلهم يتوزعون فى معسكرات النزوح داخل السودان وفى معسكرات اللجؤ فى دول الجوار مع دارفور، بالاضافة لحالة الدمار التى لحقت بالممتلكات العامة والخاصة ولحق بدارفور والسودان ما لحق من اشكالات قانونية وسياسية واعلامية ودبلوماسية إنتهت بدخول ملف دارفور لمجلس الامن الدولى والذى أحال قضيته للمحكمة الجنائية الدولية كما أدى ذلك لحدوث إحتقانات داخلية بين مكونات المجتمع فى دارفور حيث تبادلت القبائل والمجموعات السكانية الصراعات بعد ان أفقدتها حركات الاحتجاج المسلح الحياد، وما المواجهات القبلية المسلحة الماثلة الآن بدارفور إلا نتاجاً طبيعياً لهذه الاشكاليات التى لولا التمرد لتم حلها فى اطار ودى وفق للاعراف والقوانين المحلية التى تتراضى عليها المكونات الاجتماعية بدارفور.

صحيفة الوطن [/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [أكتبو ووثقو للتأريخ بأمانة وعن علم . الاستاذ علي طالب الله لم ينشق[SIZE=7] عن حزب الاخوان المسلمين فهو من مؤسسية , من انشق هو الدكتور عبد الله الترابي مستندا الي اتجاهة التجديدي في الحركه