الطاهر ساتي

مناضل … وكمان وطني ..!!

مناضل … وكمان وطني ..!!
** بعد إشعال ثورتهم في 25 يناير، اجتمع بعض شباب مصر في ميدان التحرير وشكلوا لجانا صغيرة، ثم كلفوها بأن تؤدي مهمة واحدة فقط لاغير، وفي مكان محدد، عند ساعة الصفر.. ولأن شباب تلك اللجان كانوا من كافة أرجاء القاهرة، تحسبوا لعدم التواصل الذي قد يحدث حين تعطل حكومة مبارك شبكات الاتصال، ولذلك قرروا اختيار بعض الفضائيات كوسيلة اتصال فيما بينهم، بحيث يجتمعوا وينفذوا تلك المهمة..ثم لاحقاً، بثت تلك الفضائيات المختارة رسائل مناشدة لشباب مصر بأهمية حماية المتاحف من السرقة وكل أنواع الاعتداء..ولأن ساعة البث هي ساعة الصفر المتفق عليها، توافدت كل اللجان الشبابية لأداء مهمتها، وضربت سياجاً بشرياً حول كل المتاحف المصرية، مع تكثيف السياج حول المتحف القومي بميدان التحرير، معقل الثورة والثوار وكذلك (المعتدين واللصوص)..لقد حال السياج البشري بين المتاحف والاعتداء، ولهذا قال الدكتور محمد إبراهيم – وزير آثار مصر ما بعد الثورة – شاكراً لتلك الروح الوطنية ( لقد أبدع شاب مصر في حماية متاحف مصر، وإن التاريخ سيكون شاهداً على نقاء ثورة أبناء مصر)..!!
** الحدث والحديث محض نموذج يعكس بأن ما للوطن يجب أن يبقى للوطن مدى الحياة، وما للحاكم يجب أن يذهب بلا أي أسف أو ندم إن أراد الشعب ذلك، ولكن البعض لم يعد يميز خطوط الطول والعرض التي تفصل مابين الثوابت الوطنية والمتحركات السياسية، بدليل أن ذاك السياج من الشباب لم يكن يحمي المتاحف من طيش الأجانب، بل من طيش بعض أبناء مصر أيضاً، إذ في كل قوم (ساذج و رشيد)..على كل حال، تابع الفضائيات والمواقع الإلكترونية، لتتحسس (وطنيتك).. على سبيل المثال، هناك من لا يزال يفتي بأن هجليج جنوبية، وليس جنوبياً هذا المفتي، بل هو – للأسف – سوداني، ولكنه معارض للحكومة، ويظن أن الزعم بجنوبية هجليج هو قمة (النضال الوطني !!!) ضد حكومة الخرطوم..وكما الببغاء يردد إفك سادة حكومة الجنوب، بحيث يقول إن اسمها بلغة الدينكا (بانتو)، ومناضلنا هذا ليس بدينكاوي ليذهب بنا الظن بأن الرجل يتقن لغة أهله ويحفظ أسماء مناطقهم، ولكنه من أقصى شمال السودان، ومع ذلك لا يتقن حتى لغة قبيلته النوبية، ناهيك بأن يتقن لغة الدينكا، ولكنه – بمظان هكذا يجب أن يكون النضال الوطني ضد حكومة الكيزان – صار دينكاوياً أكثر من الدينكا، بحيث يشهد لهم بملكية أرض هم – ذاتهم – لم يشهدوا بملكيتها لهم..!!
**وليته استشهد بوثيقة تاريخية تثبت جنوبية هجليج، ولو فعل ذلك شكرته على عناء البحث وجهد التقصي، ولكن هجليج جنوبية لأن اسمها بانتو وهو اسم شبيه ببانتيو الجنوبية، أو هكذا منطق هذا المناضل (الوطني جداً)..لقد غض الطرف عن اسم هجليج الموثق في كتب التاريخ والوثائق الحكومية منذ العهد التركي، وجاء للناس باسم بانتو وبتشابه حروف الاسمين – بانتو وبانتيو- صارت هجليج جنوبية، أو هكذا يتعمق المناضل الوطني في جذور الأزمة، وإن كان كذلك فليواصل تحليله العميق بحيث تثبت هوية ( روما و أروما)، عسى ولعل يكشف مؤرخ العصر الجديد (سودانية روما أو ايطالية أروما)..!!
** ثم يختم مرافعته بمنتهى البراءة قائلا : (إذ كنت مخطئاً سيعيدها التحكيم الى حضن الشمال، فلماذا الاقتتال؟ )..تساؤل يعكس بأن الرجل خارج الشبكة، إذ لم يتابع الرجل ما حدث بلاهاي قبل الانفصال، ولم يطلع على خارطة لجنة التحكيم الدولية وشهادتها وما بها من توقيعات سادة حكومة الجنوب، ولو تابع لما اقترح بالتحكيم، أي كأن ما سبق كان محض ( ونسة سودانية).. أما سؤاله ( لماذا الاقتتال؟)، فليسأل سادة حكومة الجنوب، حيث هم الذي أمروا قوات دولتهم بغزو هجليج، ثم أمروها بحرق وتدمير نفطها عند الانسحاب.. فليسألهم (لماذا؟)، ولن يسألهم ؟..فالجبن في مقام الأسئلة المشروعة، من علامات ( النضال الوطني !!!) أيضاً..على كل حال، حكومة الخرطوم مقدور عليها، ولكن كم متحف بالبلاد بحاجة الى سياج بشري يحميه من أمثال هذا (المناضل الوطني !!!)، بحيث يشهد التاريخ لاحقاً بنقاء ثورة أهل السودان..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]