حماد صالح : البرامج النفاقية والنفاق السياسى
اولا : الصحوة الاسلامية
هو البرنامج الانتخابى لحزب الامة القومى فى العام 1985 عقب حكومة نميرى التى اطاحت بها ثورة ابريل . لن اخوض فى عمق البرنامج فهو من عنوانه واضح المعالم ولكن هل الصحوة الاسلامية برنامج انتخابى؟ ام هو برنامج استقطابى لكسب اكثر الاصوات فى العملية الانتخابية ؟ المحصلة تقول ان التنافس الانتخابى فى ذلك الزمن شديد والكل يريد ان يملا شباكه مستخدما كل السبل المتاحة ومستغلا للعاطفة الدينية للسودانيين , اذا برنامج الصحوة الاسلامية برنامج للكسب السياسى فقط وقد تبرا منه الامام الصادق نفسه وقال انه لن يكرر تجربة الصحوة الاسلامية فى شجاعة كبيرة تحسب للرجل فالصحوة الاسلامية برنامج اصلاحى تربوى يمكن ان تتبناه هيئة شئون الانصار وليس حزب الامة رغم تقاطعات البرنامج مع شئون الدولة
ثانيا : الجمهورية الاسلامية
وهو البرنامج الانتخابى للحزب الاتحادى الديمقراطى فى العام 1985 وقد جارى فيه نظيره حزب الامة ليقسم المكاسب الصوتية استغلالا للروح الدينية المتجزرة فى الشعب السودانى ويبقى كذلك مجرد برنامج نفاقى استقطابى الاسلام برئ منه
ثالثا : المشروع الحضارى
( المشروع الحضاري الاسلامي في فكر الإمام الشهيد ” حسن البنا ” , ذلك المشروع الذي بدأ علي يد ” جمال الدين الافغالي ” , حركة تجديد و اجتهاد و احياء , تستهدف تحرير لعقل المسلم من أغلال الجمود و التقليد , ليتمكن من مواجهة التحدي الحضاري الغربي , الذي اقتحم حياتنا الفكرية وواقعنا الإسلامي في ركاب الغزوة الاستعمارية الاوروبية الحديثة) …
هكذا هم يقولون ولكنه لم يجدد ولم يحيى ولم يحرر العقل المسلم ليتمكن من مواجهة التحدى الحضارى الغربى بل اصبح رهينا لسياسات الغرب حتى ان امريكا نفسها اصبحت تدافع عن الاخوان لانهم حققوا لها مكاسبها فى المنطقة بامتياز وقد تبناه الدكتور حسن الترابى فى بداية حكومة الانقاذ ليمثل دولة الاخوان الكبرى وقد اثبت فشله الذريع لانه مشروع استئصالى اقصائى تكفيرى ولكن للاسف ما زال الدكتور الترابى يتحدث عنه ويبشر به ولم ينتقده وكذلك تلاميذه رغم تراجع المد الاخوانى العالمى والاقليمى .
رابعا : طبقة الكادحين (البروليتاريا )
هو ليس برنامج انتخابى ولكنه طرح فكرى استقطابى للحزب الشيوعى وهو يعزف على وتر حساس ليستقطب الطبقة العاملة والمهمشين فى كل العالم فهو برنامج كسبى نفاقى بامتياز وللاسف ما زال الحزب الشيوعى السودانى وغير السودانى يضرب على هذا الوتر ليستمرالتمدد عبر غش الشعوب .وهذا البرنامج اذا كان القصد منه مساعدة العمال والفقراء من معيشة وتعليم وصحة يمكن ان تقوم به احدى المنظمات الخيرية التابعة للحزب الشيوعى مع عدم تدخل الحزب الشيوعى واستغلاله كما ان هذه المعانى تدخل فى الملف الاقتصادى وملف التعليم والصحة كبرامج سياسية لاى حزب
اما اذا كان القصد منه تمكين المهمشين والطبقات السحيقة من السلطة فهذه هى المصيبة لانه يصبح دعوة للتمرد على السلطة القائمة بحجة التهميش ويصبح الخيار العسكرى الانقلابى مبررا ويتم اعدام الديمقراطية بهذه الحجة الاستغلالية.
خامسا : القومية العربية
هذا برنامج فكرى لحزب البعث العربى الاشتراكى وهو ينادى بامة عربية واحدة ذات رسالة خالدة اى توحيد الدول العربية تحت الاشتراكية ويبقى السؤال هل مثل هذا الاستقطاب ينجح فى السودان؟
اخيرا : هناك تململ كبير وسط قواعد الاحزاب التقليدية ,واستيائهم من الاحزاب السياسية لذلك وجب علي هذه الاحزاب ان تحترم عقول الشباب خاصة وتقدم برامج سياسية تخدم مصلحة الوطن واهم هذه البرامج (الملف الامنى الملف الاقتصادى ملف السياسة الخارجية – ملف الصحة ملف التعليم ) مع مراعاة الترتيب لانه لا يمكن ان تقدم برنامج اقتصادى او حلول اقتصادية متكاملة وهناك اربعة جبهات قتال فى البلاد . كما عليها ان تقدم نقدا شفافا لبرامجها السياسية وتعتذر للشعب السودانى اذا كانت تتحلى بادنى مستوى من الشجاعة والا فانها لا تستحق صوت اى فرد من الشعب السودانى حتى لو تم التصويت لها . (وفى ذلك فليتنافس المتنافسون)
م/ حماد صالح
المملكة العربية السعودية المدينة المنورة
ابداع ومزيدا من الحقائق يا رائع اتحفتنا.
جزاك الله خيراً أخي حماد علي هذا السرد الكاشف لبعض الخفايا التي يحاول الزمن طيها دائماً.
إنّها بالفعل فرصة عظيمة لجميع الاحزاب والتيارات السياسية التي تطمح لقيادة هذا البلد السودان العظيم في المستقبل لأن تقرأ مساهمتك هذه (رحم الله امرء اهدي إلي عيوبي) وان تبدأ فوراً أو تستمر بجدية في إعداد برامجها التي يمكن ان تخاطب بها عقول شباب اليوم رجال الغد. وذلك لان نسبة الوعي لدي هؤلاء الشباب أصبحت كبيرة جداً. وإذا لم يتم التخطيط لاستيعابهم فلربما تحدث مفاجآت شبيهة لما جري من احتجاجات في السودان في سبتمبر 2013م.
لقد أحدثت ثورة الإتصالات والإنترنت واقعاً جديداً في العالم أخشي ألا يكون شيوخ السياسة علي علم به. واري انه بدلاً من مهاجمة ما يدور من رؤي وأفكار بمواقع التواصل الإجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر وحتي الواتساب, عليهم ان يعكفوا علي دراسة ما يدور والتخطيط وفقاً لذلك. وقد سبق أن اعتمد الرئيس الامريكي اوباما علي الانترنت في حملته الاولي واعتمد علي الشباب ففاز فوزاً ظاهراً بائناً.
وهناك درس مجاني آخر تمثل في احوال الشباب “الحواتة” وما حصل منهم بعد وفاة الفنان الشاب محمود عبدالعزيز عليه رحمة الله. لقد احتلت موجات من شباب السودان مطار الخرطوم وغطوا مدن الخرطوم وبحري وام درمان وظلوا كذلك الي ان تم دفن المرحوم. انا لا اتحدث عن صحة ما جري أو خلاف ذلك, ولكن اقول يجب الانتباه لهذه الروح القوية في المحبة لمن تحب والشديدة الاخلاص له وما يمكن ان تقوم به تجاه اي موقف ما في الوطن.
هؤلاء كانوا فقط شباب الحواتة, فكيف اذا جمع كل الشباب قواهم عبر الانترنت وقرروا الوقوف موقفاً ما تجاه هذه القوي السياسية التي ذكرتها. أعتقد أنه من الضروري الاهتمام بالملفات التي ذكرتها(الملف الامنى الملف الاقتصادى ملف السياسة الخارجية – ملف الصحة ملف التعليم ) كأولويات في متن اي برنامج سياسي قادم يستهدف مستقبل السودان حتي يسمح للسودان بالإنطلاق نحو آفاق التقدم والإزدهار ويلحق بركب الامم المتطورة التي سبقته وقد كان يوماً ما هو الاسبق في كثير من المجالات.
وتقبل تقديري.