تحقيقات وتقارير

يزعمون علاج الأيدز : العشابون .. أطباء أم ” غشاشون “

[JUSTIFY]العشابون .. العطارون .. باتوا في هذه الأيام ينشطون في جذب العديد من الباحثين عن العلاج بعد أن فشلوا في التداوي عبر عقاقير الصيدليات ووصفات الأطباء. وباتت محال مختصي الأعشاب تتفنن في توصيف وتركيب الخلطات العشبية التي يزعم من يشتغلون بهذا الضرب أن بإمكانهاأن تعجل بالشفاء وتزيل ما بالمريض من آلام أو أسقام، وفي ذات المحال؛ فإن العلاج والوصفات المقدمة ما عادت كما كانت في سابق الأزمان الغابرة تعالج الأمراض والأسقام البسيطة كآلام البطن والالتهابات أو غيرها، بل بلغت الجرأة بأصحاب الأعشاب للذهاب إلى أبعد من ذلك. مروجو العلاج بالأعشاب والاختصاصيون في هذا الضرب أصبحوا ينتقلون من خانة الأمراض البسيطةإلى خانة الأمراض المستعصية كالأيدز وغيرها من سلسلة الأمراض والأوجاع التي تتطلب ترددا متواصلا على الأطباء والصيدليات.

أحد المشتغلين بالأعشاب ذكر لـ(اليوم التالي) أن عيادته العشبية المتخصصة بالسجانة أفلحت في صنع زيت زهرة الشمس عبر تقشيره آلياً، واستخلاص لبه الذي يزيد من مناعة الجسم، حيث يؤكد هذا العشاب أن مرضى الأيدز تحسنت مناعتهم نظير تناولهم وصفته من الزيت العشبي ومنهم من شفي تماماً.

وليس ببعيد من أمر الدواء العشبي الذي يسعى مروجوه أن يقنعوا من يقترب منهم بمفعول ما يعرضونه من دواء ناجع فاق الدواء المصنع في الصيدليات، وهذا ما يتضح خلال عربات العشابين الجائلة التي تروج لمنتجات عشبية من خلال دعايتها الجوالة في سيارات (الأتوز) الصغيرة التي تحمل ملصقات إعلانية بالصور والألوان والخطوط البارزة، مع وجود مكبرات الصوت التي تعلن عن المنتج العلاجي العشبي.أسواق الخرطوم تلحظ فيها بصورة متكررة ما يلفت مسامع المارة بتلك الأسواق صوت “الميكروفون” الذي يحاول جذب انتباه المارة، لإقناعهم بجدوى اقتناء “الزيوت الهندية العلاجية”، بعد أن يعدد الشاب الذي يقف على مقربة من عربته الصغيرة التي يتخذها صيدلية متحركة لبيع منتجه، ذاكراً فوائد الزيت الذي يعمل على علاج الآلام الناتجة من التمزقات والكسور المختلفة، والتهابات الروماتيزم والمفاصل، وبعد سرده لجملة ما يحتويه الزيت المباع من فوائد علاجية، يذهب الشاب في أسلوب مغاير عن الإعلان الشفاهي إلى الطلب من المارة تجربة المنتج الدوائي مجاناً، فمنهم من يجرب ويشتري على الفور، ومنهم من يذهب إلى حال سبيله ومنهم من يكتفي بأخذ مطوية دعائية يوزعها الشاب على الواقفين.

غير آمنة

أبوذر محمد الأمين طبيب صيدلاني يرى أن خلطات العشابين ليست على درجة من الأمان كما يعتقد الكثير مع العلم أن الأعشاب علاج لكن هذه الأعشاب فيها الضار وفيها السام وفقا لبنيتها التركيبية والطبيعية، ويبقى الفيصل في موضوع العلاج بالأعشاب هو الكميات والمقادير التي تستخدم في الوصفة العلاجية وهو ما ينعدم عند العشابين بطبيعة الحال. الزيوت العلاجية المركبة من الأعشاب التي يزعم عارضوها أنها تعالج سلسلة من الأمراض منها: علاج الآلام الناتجة من التمزقات والكسور المختلفة، والتهابات الروماتيزم والمفاصل في شأنها ينصح دكتور محمد النور اختصاصي المفاصل والروماتزم بعدم شراء منتجات يروج لها خارج الصيدليات لعلاج الروماتيزم أو المفاصل أو غيرها مثل التي تباع في الأسواق كالزيوت الهندية، خاصة وأنه “حتى الأدوية المنتجة المطروحة في الصيدليات ما زالت تحت الدراسة وفي طور الأبحاث والتجارب، دعك من منتج مجهول يبيعه غير مختص”. الجرأة التي بلغت بالبعض للقفز إلى خانة سد فراغ وجود علاج لأمراض مستعصية عجز الطب الصيدلاني عن إيجاد دواء لها كالأيدز مثلاً، وتصدر العشابين لعلاجه؛ فيه تجنٍّ وتعدٍّ، وهو ما وصفه قيادات في الحقل الطبي فضلوا عدم ذكر أسمائهم لـ(اليوم التالي) بأنه لا يعدو كونه مجرد دجل وغش على المواطنين والبسطاء، خاصة وأنه ليس من حق العشابين التصدي لابتكار وصفات العلاج والجزم بمعالجة ما استعصى منها لأن هذا الأمر ليس من اختصاصهم، وتشير ذات المصادر إلى أن الدواء المراد طرحه وتقديمه للاستخدام لابد أن يمر بسلسلة إجراءات علمية وعملية، مثل: خطوات تسجيل براءة اختراع للدواء المطروح، ومن ثم الحصول على البراءة الأخلاقية، وإخضاع منتج الدواء الجديد للجنة علمية تحكم على مدى صلاحيته من عدمها، ومن ثم التجريب للدواء، وهذا ما ينعدم في وصفات الأعشاب. ومع انتشار العشابين والتداوي بالوصفات البلدية الموجود في العطارات وفي عربات الترويج لبيع الخلطات العشبية، تبقى المسؤولية كبيرة على الجهات الصحية والصيدلانية المختصة، بجانب منظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك للتصدي للظاهرة التي باتت في انتشار وتزايد مع الأيام .

صحيفة اليوم التالي
حيدر عبد الحفيظ
ع.ش[/JUSTIFY]