جعفر عباس

البركة في الأوكسجين

البركة في الأوكسجين
[JUSTIFY] أتلقى بين الحين والحين رسائل إلكترونية ذات قيمة معرفية عالية، وبعضها يسهم في نشر الوعي حول مختلف المسائل الحيوية، ومن بينها عدة رسائل تلقيتها مؤخرا حول مادة معينة موجودة في معظم أنواع الشامبو، تقول جهات طبية محترمة، إنها تسبب سرطانات الجلد، ورسائل تكشف ان بعض أنواع معجون الأسنان المشهورة، تلحق أضرارا بليغة باللثة والأسنان، ولعلكم تذكرون أنني ناصرت ثورة فبراير الليبية منذ يومها الأول لعدة أسباب، من بينها أنني ظللت أتمنى للشعب الليبي الخلاص من حكم ذلك الجهول المخبول، ليعيش موفور الكرامة وسيد نفسه وقراره، والثاني هو أن القذافي قام بانقلابه المشؤوم على النظام الملكي في الأول من سبتمبر من عام ١٩٦٩، وكنت قد سبقت ذلك الانقلاب في الوصول إلى الدنيا في مثل ذلك اليوم، وقبل الانقلاب بساعات وفي رواية أخرى سنوات قليلة/ كثيرة، وكان يؤلمني ارتباط يوم مولدي بيوم صعود ذلك المجرم إلى كرسي الحكم واختطافه يوم مولدي تحت مسمى ((الفاتح من سبتمبر))، وهكذا فإن ثورة فبراير الظافرة حررت يوم مولدي، من ذلك الارتباط المشؤوم، وكلنا قيادات وشعوبا في العالم العربي، مذنبون لكوننا كنا نتعامل مع القذافي كمهرج، لأنه كان هوائيا يفعل أشياء غير متوقعة للفت الانتباه إلى نفسه، وقد أدركت للمرة الأولى أن معمر القذافي شخص غير سوي عندما منع استخدام الشامبو في ليبيا في السبعينيات، من منطلق ان البيض يدخل في صناعته،.. ليش يا سعادة الأخ العقيد؟ قال: لأن مئات الملايين من بني البشر لا يجدون بيضا للأكل، شخصيا لا استخدم الشامبو، ولكنني استخدمته لحين من الدهر نكاية بالقذافي، رغم أنني وفي دواخلي أكثر منه تعاطفا مع المعذبين في الأرض من الفقراء، ولكنني بعكسه عاقل وأعرف أن توقف الناس عن استخدام الشامبو الذي يحوي البيض لن يعني ان حصة الفقراء من البيض سترتفع.

وما شجعني على الاستغناء تماما عن الشامبو بكل أنواعه منذ سنوات عديدة، أن الله حباني بشعر وجوده وعدمه سيان في نظري، بمعنى أنني لم أكن أخشى على نفسي من الصلع، ولما شاب رأسي لم تفرق المسألة معي، وقبلها لم اكن استخدم الا شامبو الأطفال وصابون الأطفال وكريمات الأطفال، ظنا مني ان الخواجات لا يتلاعبون بأرواح الأطفال، ولكنني فوجئت -مؤخرا- بأن معظم شامبوات الاطفال تحوي تلك المادة الضارة بالجلد، وهكذا ازددت سوء ظن بالمخترعات الحديثة وقررت العودة إلى صابون (حبوبة فاطمة)، وهو نوع من الصابون تنتجه السجون السودانية وكانت وزارة التربية تقدمه فيما مضى مجانا إلى تلاميذ المدارس لما له من خواص فعالة في قتل القملة الخبيثة، وإذابة الدهون والشحوم التي في الملابس، وكان الأرستقراطيون منا يستخدمون صابون (الفنيك carbolic soap) وكانوا يمشون في الأرض مرحا بينما تفوح منهم رائحة الديتول، فالفنيك أساسا مادة طبية مطهرة شديدة النفاذ إلى الأنف والأذن والحنجرة، وكان هناك نوع من معجون الأسنان سوداني الصنع اسمه سوبر كريستال يستخدمه البعض كفاتح للشهية، لانه كان يحوي كمية كبيرة من الشطة، فتجد شخصا يدخل بعضا من ذلك المعجون في فمه ثم يبدأ بالصراخ إلى ان يغسل فمه سبع مرات إحداهن بالتراب، ولكن ما لم نكن نعرفه وقتها هو ان ذلك المعجون الذي كنا نتهكم على من يستخدمونه كان ذا مواصفات طبية وعلمية عالية، وكان خاليا من المواد الإضافية التي تجعل معجون الاسنان حلو المذاق، فكان فاتكا بالفم، وبالطبع انتصرت المعجونات المستوردة بكل عيوبها على ذلك المعجون الوطني النظيف.. وبعد صابون حبوبة فاطمة انتجت المصانع السودانية انواعا من الصابون كانت تصلح للأكل من فرط حلاوة رائحتها وجمال شكلها ولكنها ايضا انهزمت امام المستورد.. وشيئا فشيئا لحق السودان بركب العرب فبات يستورد كل شيء ما عدا الأوكسجين!!
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

‫3 تعليقات

  1. (وشيئا” فشيئا” لحق السودان بركب العرب فبات يستورد كل شيء ما عدا الأوكسجين!! )
    يا أستاذي العزيز صدقني أن لدينا عقول مبدعة و مفكرة ولكن تنتظر الإحتضان و التشجيع !! أذكر أن أحد معارفي وهو بالمناسبة دكتور في جراحة القلب كان قد إخترع جهاز لتنظيم تسارع نبضات القلب ,, ولكنه تفاجأ بالمعوًقات التي تمنعه من إستكمال مشروعه!!! وحينها عرفت بأمره بعض الجهات الخارجية وإنهالت عليه العروض من كل حدب و صوب وكانت أبرز العروض التي قُدمت له عرض من رجل أعمال صيني يطالبه بحق إحتكار الجهاز الجديد مقابل مبلغ كبير من المال!! حتى يتسنى لرجل الأعمال الصيني أن يستنفد الجهاز الذي يشُابه لجهاز صاحبي !!؟ خلاصة القول :(بأن هجرة العقول العربية في إزدياد و ذلك بسبب المغريات الكثيرة .. تجنيس , مغريات مالية , إحتضان و تشجيع , توفير كافة السبل لمساعدة العقول المبدعة , إلخ …) فلا نلوم العقول بل نلوم بيروقراطية الحكومات العربية ومعوُقاتها .. تحياتي لك أستاذي العزيز و شكرا” .

  2. نواياك مفضوحة يا أبو المعارك ، فذكرك للبيض وأنه أحد مركبات الشامبو فيه دعوة مغلفة ومبطنة لترك الشامبو والإبتعاد عن استخدامه ، وأظن أن كراهيتك للشامبو ترجع لعدم تعودك عليه فحين استخدمته أول مرة ألهب عينيك وأذاقك المر ، فدخلتك عقدة منو ، أبصم بالعشرة انو هذا ما حدث معك ، أها قولك شنو ؟

  3. التحية لك ياابو الجعافر اباؤنا واجدادنا ونحن نوعا ما كنا نأكل التمر بالليل فى الظلام بسوسه ودوده ولم يصابوا بسرطان او عوار مصران اوغيرها من الامراض ولكن الجيل الحالى اكل الهامبورق واصيب بالسرطانات