رأي ومقالات

عبد الحميد أحمد : أبيي .. كعب أخيل

[JUSTIFY]إعلان قبيلة الدينكا نقوك في منطقة أبيي المتنازع عليها بين جوبا والخرطوم عزمها اجراء استفتاء لتقرير ما اذا كانوا سينضمون الي الجنوب أو الشمال يفتح المجال واسعاً أمام توتر قد يعصف بالمنطقة التي يعلو فيها النفوذ القبلي الي دائرة الحرب الأهلية وعلي حين مضي دينق الور رئيس لجنة مفوضية الاستفتاء في ذات اتجاه الإجراء الاحادي وهو يقول لمراسل (سكاس نيوز): ” ان المفوضية ستشرع في تسجيل الناخبين ولتحضير لإجراء الاستفتاء خلال أكتوبر الحالي..”

فإنه من المنتظر ان يبدأ الرئيس عمر البشير يوم غدٍ الثلاثاء زيارة الي دولة جنوب السودن تستغرق يوماً واحداً.. ونقل عن سفير جنوب السودان في الخرطوم قوله: ” يتوقع خلال الزيارة ان يتم فتح المعابر التجارية بين البلدين الي جانب بحث ملق أبيي وعدد من القضايا الاقتصادية..”

وتحظي منطقة أبيي المتنازع عليها باهتمام كبير إذ أنها ستكون محلاً لاستفتاء خاص بها يحدد مصيرها ومصائر سكانها من حيث الانتماء الي احدي دولتي السودان شملاً او جنوباً وقد كانت المنطقة خضعت لحكم دولي سرعان ما رفضه احد الأطراف المحلية من سكان المنطقة وبالرغم من تكاثر المحاولات من اجل الوصول لاتفاق حول هذه المنطقة تعددت منابره بين أديس أبابا (أكتوبر 2010) ونيويورك في سبتمبر من ذات العام وفي الخرطوم عبر وساطة أمريكية فإن أبيي ما زالت محلاً لنزاع محتدم ينذر بانفجار عنيف وشيك في أي لحظة لا سيما إذ نفذ احد طرفي النزاع هناك إجراء استفتاء تأخر موعده من طرف واحد أو محاولة منع رعاة قبيلة المسيرية المترحلين من التنقل الي الجنوب وفق معهود رحلتهم بحثاً عن الماء والكلأ.

ذلك وكان مجلس الامن والسلم الإفريقي قد تبني في ابريل 2012 خارطة طرق تفضي الي حالة تعايش وسلام بين البلدين المتفاصلين المتنازعين حول عدد من القضايا حول عدد من القضايا وفرت تلك اللحظة مديً زمنياً حددته بثلاثة أشهر يتم خلالها حل كل القضايا العالقة وفي حال إخفاق الدولتين في ذلك فقد فوض مجلس السلم والأمن الإفريقي الهيئة التنفيذية العليا للاتحاد الإفريقي لوضع مقترحات نهائية تكون ملزمة للطرفين حول كل القضايا العالقة منذئذٍ (ابريل 2012) فقد توصل الطرفان الشمالي والجنوبي في السودان الي تسع اتفاقيات لحل كل القضايا باستثناء أبيي وبقية المناطق المتنازع عليها قبل ان يتوافق الطرفان علي مصفوفة لتنفيذ تلك الاتفاقيات آليا ان هجوماً عسكرياً مدعوماً من دولة الجنوب وقع علي منطقة هجليج الغنية بالنفط دعا الرئيس البشير الي إنهاء الاتفاقيات جميعها مع الجنوب.

في سبتمبر 2012 وعندما فشل الطرفان في التوافق علي حلول لمعضلة أبيي جاءت الهيئة التنفيذية العليا للاتحاد الإفريقي بمقترح الحل النهائي للازمة ووافق عليه الممثلين ووزراء الخارجية ورؤساء الدول الإفريقية.

اليوم لا تزال أبيي تقف علي جرف هار يوشك ان ينهار بها الي دركات الحرب الأهلية في ظل الاصطفاف القبلي حول المواقف الاحادية التي لا تجد الي الحل سبيلاً تنامي النفوذ القبلي في أبيي جعل الدكتور عبد الوهاب الأفندي يقرر: ” ان التعامل مع قضية أبيي يوضح الخلل الجذري في رؤية اهل الحكم لمهمة النظام ودور الدولة، بدءاً من العجز عن إقناع سكان أبيي من دينكا نقوك بأن مكانهم هو في السودان الذي كان خيارهم منذ عام 1905 واستمرارً بالمساومة علي التراب مروراً بالاعتراف بالحاجة لتدخل أجنبي عبر الوساطات والمحاكم الدولية ثم قوات حفظ السلام الأممية وكلها إقرارات متتابعة بأن الدولة غير مؤهلة أو قادرة علي حماية مواطنيها والاستجابة لتطلعاتهم..”

في هذه الأثناء قال المبعوث الأمريكي السابق للسودان ليمان في مقال نشره علي شبكة (CNN) ان شقي السودان الشمالي والجنوبي ما تزالا يعيشان منذ الانشطار داخل حلقة مفرغة من المفاوضات التي لا تفضي الي شيء وانه في حال رغب البلدان في علاقة سلمية وتعايش يتعين علي البلدين اتخاذ قرارات وجودية من شانها تحديد ان كانا سيتعايشان في سلام ورفاهية ام سيستمران في تدمير الذات عبر المواجهات.

ومضي السفير برنستون ليمان الذي شغل منصب المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي في السودان وجنوب السودان منذ مارس 2011 حتى مارس 2013 ويشغل حالياً منصب كبير المستشارين لمدير معهد السلام الأمريكي مضي الي تحديد استحقاقات يجب استيفاؤها من جانب الدولتين يقول: ” تحتاج الحكومة السودانية التي يقودها الرئيس عمر البشير للتخلي عن الصيغ البالية للسيطرة علي الأوضاع الداخلية وان تقوم بإجراء تغيير سياسي جذري من شأنه الاعتراف بالتنوع السكاني وإنشاء دولة أكثر ديمقراطية..” علي حين يجد ليمان ان دولة جنوب السودان من جانبها أيضاً استحقاق مهم من اجل إنهاء حالة الاحتقان والتدابر مع الشمال يقول:” في جنوب السودان يتوجب علي الحكومة التوقف عن دعم المتمردين السودانيين الذين ينشطون عبر الحدود لإسقاط النظام في الخرطوم وهو الأمر الذي يهدد تصدير النفط الذي تعتمد عليه في وجودها وبدلاً عن ذلك عليها التركيز في حل أزمتها السياسية الداخلية والفقر المدقع الذي يعيش فيه شعبها.

صحيفة الرأي العام [/JUSTIFY]