فدوى موسى

عندما أصبح الجندي أجنبياً!

عندما أصبح الجندي أجنبياً!
[JUSTIFY] كانوا معنا بهمومهم وحياتهم المليئة بجراح أسرار الغابة.. كيف لا نأسى لما وصلت إليه الأحوال واتسعت إليه أعماق الشقاق.. والأرض تحدثنا عن أبناء هذا الشطر الذين ووريت أجسادهم في أرض «الاستوائيات» و«السافنات» الغنية، وتحدثنا عن الابنوسية التي تعيش في «أم دوم» دون أن تكون تشعر بهول ما تحمل رحم تداولات وكيد الساسة في البلدين….. وأطراف «الحاج يوسف» التي تعبقت بعرق إنسان افريقيا المديد القامة الذي تهزمه القدرة على إدراك موارده الطبيعية، واستغلال طاقاته المهدرة، الى أن عبثت احتقانات النفوس واحتشادها بطعم المرارات والقهر، وإضمار النقيض الى هذاالانفصال البغيض، الذي ارتضاه الواقع لاعتبارات كثيرة، وقد علت بعض روح الأحقاد، وتعالت الأصوات التي تهزم روح التلاقي، وتساند الأجندات المتجذرة، التي كانت تبحث عن موطئ أقدام في المساحات السمراء.. ووجدت ضالتها، وفقد السودان الكبير أرضاً تحسب لسيادته، وصار حتى قادته يتحسبون الى الوقود لذاك الشطر تحت ضمانات واشتراطات، بعد أن كان (محمد أحمد) البسيط يقطع الفيافي الى هناك، دوره أن يكون الأمر ذا أبعاد… (ما علينا)..

هذه الأيام وصل الحال بنا هنا لاعتماد رسمياً بأجنبية الجنوبي وسطنا، وأجنبية الشمالي هناك، ولكم هو أمر مرهق للعصب، إلا أنه نتيجة حتمية لسياسة الإنفصال التي ارتضاها شعب الجنوب، تحت سطوة الحركة الشعبية.. ولا نخفي حزناً لهذا الأمر الذي هو واقع اليوم بلا تزييف وتدليس.. ونحن شعب السودان بطبعنا «ولوفين ومولوفين»، لا نستطيع أن نقلب الطاولة في وجه أخوتنا أبناء الجنوب كهذا، كما يتوقع البعض أن نقوم بطردهم- (حاشا)- فمودتنا معهم إن لم يستوعبها واقعهم المليء بالجراحات، وعوز الأمن فإننا نبسطها لهم بروح شهداؤنا الذين خضبوا أراضيهم وزادوها بركة فتفجرت ثروات سوداء صارت هي في حد ذاتها محلاً للجدل والاحتراب.. لا نقول وداعاً ميري واميليا وجاكوب ودانيال وبيتر، بل في ظل ارتضائهم وارتضائنا لخيارات ما توصل اليه القابضون على زمام الأمور هنا وهناك، نقول «الى اللقاء» أبقوا معنا بالوضع الجديد الذي املاه الظرف، وكل عشم في غدٍ قادم لا نعرف الى اي اتجاه سيقودنا ويذهب بنا في تداعيه.. ابقوا معنا الآن كما الأخوة الأحباش الذين يجدون عندنا ما لا يجده البعض من الأصلاء.. اطمئنوا لعل وعسى لا تنسوا ولا ننسى أنكم يوماً كنتم أصلاء في زمن القسوة والمصاعب..

على هاتفي أرقام هواتفكم بعض اخوتي في ذلك الشطر، رغم أنني لم استطع استخدامها منذ ذلك اليوم «التاسع»، الذي نقلتم فيه إحساس أنكم كنتم «مستعمرين» منا، إلا أن خاطراً داخلياً يأبى أن يمسحها أو يشطبها من الذاكرة، خزينة أخوة سودانية قديمة باتت على حافة الذهاب.

آخر الكلام..

مهما قلنا وعبرنا نظل نحتبس شيئاً من حتى داخل أضابير أنفسنا العميقة تجاه هذا الذهاب غير المفاجيء.
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]