لسنا ألماناً فلماذا التشديد فـي المواعيد؟
والحمد لله ان العرب ليسوا ألمانا، والا لما بقي فيهم شخص متزوج، فإهدار الوقت عندنا ليس حكرا للنساء ولا ينتهي عند استغراق لبس الهدوم والتزين قرابة الساعة عند النساء.. تقول لزوجتك: متى سنذهب إلى الجهة الفلانية؟ فتقول لك: بعدين، وتسألك هي: متى ستأخذني إلى بيت أمي؟ فيكون الرد: بعد المغرب، يعني قد يحدث ذلك في السابعة مساء أو الواحدة بعد منتصف الليل! لأن كلا التوقيتين «بعد المغرب»، وتسألك: ومتى ستشتري لي الخاتم؟ فتكون الإجابة: لما ربنا يسهل.. يا حبيبي لا شيء يحدث إلا بتسهيل من ربنا فهل من الممكن ان تعطيني إجابة دقيقة؟ حاضر: أول الشهر، وأول الشهر يتألف من أكثر من سبعة أيام.. (وهناك المواعيد الشديدة المطاطية: بعد العيد.. ومن الناحية الحسابية لا تثريب عليك إذا جعلت ذلك الموعد قبل العيد التالي بيومين)
وهكذا نحن نقتني أفخر الساعات، وصار الهاتف الجوال والبلاكبيري والكمبيوتر يعطيك الوقت والتاريخ بدقة متناهية، ولكننا نستخدم مناسبات وأنشطة معينة لتحديد مواعيدنا، التي تكون دائما «بعد كذا» بعد العشاء.. بعدما نقبض الراتب.. بعدما تشوف حلمة أذنك.. وهناك بين الخطيب والخطيبة مواعيد من نوع أعجب: متى سنفعل هذا الشيء أو ذاك؟ بعد الزواج.. يعني قد لا يحدث ذلك الشيء لعشر سنوات بعد الزواج.. لأن إنجاب ستة أطفال يعتبر أيضا بعد الزواج، وبالتالي يمكن تأجيل فعل ذلك الشيء إلى ما بعد إنجاب الطفل الثامن!
وحكوماتنا ايضا لا تعرف التقيد بالمواعيد، فالرفاهية وتحسين الاحوال المعيشية سيكون «بعد إنجاز المشاريع التنموية»، وحرية التنفس والكلام «بعد التحرير الموعود» والتحرير بعد التعمير.. والتعمير عايز فلوس، والفلوس عند البنك الدولي اللي عايز كفيل، والكفيل عايز «نسبة» والنسبة «تبوظ» الحسبة.. وهكذا يبقى حلم الرفاهية معلقاً إلى أن يشيب الغراب.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
أذكر قصة لرجل أعمال عربي يقول فيها: بأنه كان على موعد مع رجل أعمال صيني والصينيين دقيقين في المواعيد !! المهم أنه يقول: تأخرت على الموعد ثلاث دقائق!! وكنت أمشي على عجُالة حتى لا اتأخر و حينما وصلت لم أجد صاحبي وحمدت الله أنني لم أجده و وصلت قبله .. وإنتظرت ربع ساعة وحينما سألت النادل الذي يعمل في المقهى قال لي بأنه جاء الرجل وإنتظر دقيقتين فقط ثم ذهب !! مقال جميل كالعادة أستاذي العزيز .