خالد حسن كسلا : هل نهتف لرفع الدعم ؟!
لكن ماذا يا ترى سيقولون في شرحهم؟ لقد استدلوا بدراسة البنك الدولي التي تثبت أن 1% فقط من الدعم الحكومي يذهب للفقراء، وهي الدراسة التي أجريت بطلب من وزارة المالية، وأن الـ 99% تذهب إلى غير المستحقين له.. وهم لذلك يرون أن هذا الوضع الاقتصادي الجائر يتطلب تعديلاً في سياسات الدعم وتوجيهه التوجيه الصحيح.
ثم أضافوا إلى ذلك فائدتين، حيث قالوا إن رفع الدعم يمنع تهريب السلع المدعومة لخارج البلاد، خاصة المواد البترولية، ويمنع أيضاً الصرف غير المرشد للموارد، وهو ما يرى انعكاسه الإيجابي على الموازنة العامة ويتم توجيهه لدعم الخدمات الضرورية التي يستفيد منها المواطن.
والآن يعيش المواطنون وخاصة الفقراء جداً منهم حالة استياء شديد مما تقوم به الحكومة الآن، خاصة بعد اتفاق وزارة المالية والبرلمان على رفع الدعم عن المحروقات، وما يرونه بعض الاقتصاديين الذين تعنيهم الإشارة آنفة الذكر لن يكون مقنعاً لأغلب الناس خاصة الذين لا يتمتعون بأفق اقتصادي واسع، وذلك لأن رفع الدعم يعني تلقائياً ارتفاع الأسعار، فهل ارتفاعها يعني تحقيق العدالة الاجتماعية؟! إذا كان رفع الدعم عن المحروقات يقف فقط في حد زيادة أسعارها دون أن تتأثر به السلع الأخرى يمكن تفهم ما يرونه وما يراه البنك الدولي قبلهم، ويمكن أن يذهب الناس إلى تأييد رفع الدعم تحقيقاً للعدالة الاجتماعية، ويخرج الفقراء إلى الشارع لذات الأمر غير مكترثين لزيادة تعرفة المواصلات.
والمؤسف حقاً أن بعض الاقتصاديين هؤلاء قدموا رؤية مبتسرة حول مسألة رفع الدعم عن المحروقات، فإذا افترضنا صحة ما ذهبوا إليه، فإنهم لم يشيروا إلى ضياع جزء عظيم من المال العام من الميزانية في كل عام، مال التجنيب والإنفاق غير الضروري وما يبتلعه الفساد وما تُحرم منه الضرائب والجمارك بأسباب واهية.
إنهم يتحدثون عن تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال رفع الدعم عن المحروقات الذي يتسبب في ارتفاع أسعار كل السلع باستثناء بعضها لظروف معينة مثل الأسمنت والسيخ، فهي ليست سلع الفقراء وهم الأغلبية، لذلك يصيبها الكساد من حين إلى آخر. نعم لا بد مما ليس منه بد.. لا بد من إجراء الجراحة للمريض وشق بطنه، لكن العملية الجراحية لا يمكن أن تكون بلا دواع. واضطرار الحكومة لرفع الدعم في كل عام سببه بالطبع سوء إدارة المشكلة الاقتصادية بالبلاد عمداً أو جهلاً الله أعلم. وحتى لا نضطر العام القادم لرفع «السعر» فعلى الدولة أن تتعظ وتتحسب.
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]