عيونك زي سحابة صيف
هل حَسَدَ أحدكُم أعمى كفاه الله بحكمته شرّ ما يراه المُبصرُون حين يطرقون بعيونهم ما خفي من أبواب الأجساد الموصدة؟!العيون في أجسادها مثل (مانشيتات) الصحف، منها المُغرية والمنُفرة والتي تخبرك عن (جسد عاجل)، غير متعقل، مثل عينيْ الشاعر عمُر بن أبي ربيعة (الشفقان)، الذي صادف أنثى بزحمة (مول)، في ذات اللحظة التي رمشت فيها عينيها بعنف من أثر كحل رديء سال على جنباتها، فظنّ الشاعر أنها تغمز له تهتُكاً وعشقاً فقال: (أَشَارت بطَرفِ العينِ خيفةَ أَهْلها/ إشارةَ مَحْزونٍ وَلمْ تتكلَّم/ فأَيْقنتُ أَنّ الطَّرفَ قد قالَ مرْحَباً/ وأَهلاً وسَهلاً بالحبيبِ المتيَّمِ)!في ذمتكم دا ما زول شفقان، فسّر (مانشيت) عين المسكينة على طريقة (خبر) الجسد العاجل؟!ولو أن عمر بن أبي ربيعة كان يحمل وقتها جوّالاً لرمى إليها برقمه وأشبع تويتر بتغريداته وأوهامه إلى يومِ الناس هذا.ثم أنظر هداك الله، كيف فسّر سيدنا يوسف (مانشيتات) عيون رفيقات إمرأة العزيز وهنّ يتلمظنه بلحاظهن الشرهات: (قَالَ رَبِّ السِّجنُ أَحبُّ إِلَيَّ ممَّا يدْعُونني إِلَيه وإِلَّا تَصرِف عَني كيدهُن أَصْبُ إِلَيهِنَّ وأَكُنْ من الجَاهِلِينَ). فتأمل!فسّر سيدنا يوسف شَرَهْ العيون بأنها ستُفضي به إلى السجن، فاستعاذ بالله، وفسّرها الشاعر الشفقان بـ(إشارة محزون تناجي الحبيب المتيّم).قديماً قال شاعرنا: (كل الحوادث مبداها من النظر/ ومعظم النار من مستصغر الشرر/ كم نظرة فتكت في قلب صاحبها/ فتك السهام بلا قوس ولا وتر/ والمرء ما دام ذا عين يقلبها/ في أعين الغيد موقوف على الخطر/ يسر مقلته ما ضر مهجته/ لا مرحباً بسرور عاد بالضرر).وحديثاً قال المغنّي: (عيونك زي سحابة صيف، تجافي بلاد وتسقي بلاد).فبأية عيون سيدي تقرأ صُحف الأجساد؟!
آخر الحكي
[email]wagddi@hotmail.com[/email]