جعفر عباس

التخريف شرقي وغربي

[JUSTIFY]
التخريف شرقي وغربي

صدر في السودان قبل أكثر من ثمانين سنة، أي منذ الحقبة التي كانت بريطانيا تستعمر فيها السودان، قانون يمنع إدخال الآلة الكاتبة (التابيرايتر) إلا بموجب تصريح صادر من وزير الداخلية، وكان الغرض من ذلك القانون منع التنظيمات السرية المناهضة للاستعمار الانجليزي من حيازة ذلك النوع من الطابعات لإصدار منشورات تدعو إلى جلاء الإنجليز من البلاد، وبحسب علمي مازال ذلك القانون ساريا رغم أن معظم مصانع الآلات الكاتبة أغلقت أبوابها بعد ظهور الكمبيوتر، والغريب في الأمر ان بمقدور اي سوداني إدخال اي نوع من الكمبيوترات للبلاد.. وبما ان الشيء بالشيء يذكر فلا بد من الاشارة هنا إلى ان حكومة صدام حسين لم تسمح للمواطنين العراقيين بامتلاك اجهزة الفاكس إلا في يوليو من عام 2000م، يعني قبل سقوطه بثلاث سنوات، وكان الفاكس وقتها قد أوشك على التقاعد بعد ظهور البريد الالكتروني!! طيب ممكن القول بأن السودان والعراق من البلدان «المتخلفة»، ولكن ما قولكم في ان القانون البحري الفرنسي يمنع وجود الأرانب على متن السفن والقوارب، فقد قررت عائلة كيلن الهجرة من منطقة مانشستر الانجليزية والاستقرار نهائيا في اقليم نورماندي بفرنسا، ووضعت العائلة امتعتها في سفينة صغيرة ثم صعد أفراد العائلة إلى السفينة وكان الصغير لي كيلن يحمل معه ارنبين، ولكن مسؤولا في الشركة المالكة للسفينة أبلغه بانه لا يستطيع اصطحاب الارنبين معه! لماذا؟ لأن هناك قانونا صدر في القرن الخامس عشر يقول ان الأرانب «شؤم ونحس» وان وجودها على السفن يسبب الكوارث! ولم يكن امام العائلة من سبيل سوى ترك الارنبين في مكاتب الشركة ليتم شحنهما إلى فرنسا جوا في تاريخ لاحق على متن طائرة بريطانية لا يؤمن طاقمها بأن الأرانب تجلب النحس!! أذكر كيف ان أمي كانت تصرخ مفزوعة كلما رأت حذاء مقلوبا ونعله إلى أعلى، لأن اهلنا النوبيين يعتقدون ان الحذاء المقلوب فأل سيئ، وكنت أسخر أيضا من أهلي الذين يعتقدون ان نثر مخلفات الدجاج على الطريق العام يجلب البركة للدجاج فيبيض ويفرخ أكثر!! وذهبت إلى بريطانيا في السبعينيات وكنا في زيارة لعائلة في كيمبريدج في يوم شديد المطر، وما ان فتح لنا أهل الدار الباب حتى دخلت ومظلتي لا تزال مفتوحة فوق رأسي، فإذا بصاحب الدار يطلب مني في أدب ان أخرج لأطوي المظلة ثم أدخل ثانية، وحسبت بادئ الأمر ان المسألة تتعلق بحرصه على ضمان عدم تساقط الماء الذي في المظلة على سجاد بيته ولكنه شرح لي ان المظلة المفتوحة داخل البيت تجلب سوء الحظ!! وعلى مر السنين اكتشفت ان الغربيين المتحضرين، مثلنا أو أكثر منا إيمانا بالخرافات، فالفرنسيون مثلا يعتقدون ان المراة الحامل التي تسمع نعيق البوم تلد بنتا، وبما ان البوم يعتبر طائر شؤم عند الفرنسيين فمعنى هذه الخرافة انهم يعتبرون البنت نفسها شؤما!!.. ويعتقدون ايضا انه إذا حط العصفور المسمى «الزرزور» على كتفك فإن ذلك يعني أنك ستموت قريبا.. واليهود الأورثودوكس يعتبرون المرأة الحائض مصابة بلوثة شيطانية، ويرغمونها على البقاء بمفردها في غرفة لا يدخل عليها فيها أحد خوفا من أن يطخه الشيطان، ويتركون لها الماء والطعام قرب الباب، لتتناولهما بعد أن يختفي من أتى بهما، لأن مجرد وقوع عينها على شخص كفيل بإلحاق الأذى بذلك الشخص، وبالمقابل فان أهلنا في شمال السودان يتفاءلون عندما تمشي العناكب فوق اجسامهم لأن ذلك بشارة بأن ملابس جديدة في الطريق إليهم، ولكنني كنت اقتل اي عنكبوت يمشي فوق جسمي فتصيح أمي:ستعيش طول عمرك مبهدل ومُقطع!
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

‫4 تعليقات

  1. حسب لسان العرب لابن منظور فإن:
    «الخُرافةُ الحديثُ الـمُسْتَمْلَحُ من الكذِبِ.
    وقالوا: حديث خُرافةَ، ذكر ابن الكلبي في قولهم حديثُ خُرافة أَنَّ خُرافةَ من بني عُذْرَةَ أَو من جُهَيْنةَ، اخْتَطَفَتْه الجِنُّ ثم رجع إلى قومه فكان يُحَدِّثُ بأَحاديثَ مـما رأي يَعْجَبُ منها الناسُ فكذَّبوه فجرى على أَلْسُنِ الناس.» لسان العرب [1]
    خرافة : رجل من بني عذرة ، غاب عن قبيلته زمناً ثم عاد فزعم أن الجن استهوته وأنه رأى أعاجيب جعل يقصها عليهم، فأكثر، فقالوا في الحديث المكذوب ( حديث خرافة ) وقالوا فيه ( أكذب من خرافة ) حتى سمى الحريري الكذب خرافة، فقال في المقامة الرابعة: ( فأعجبوا بخرافته وتعوذوا من آفته ).

    كما ورد ذلك في العباب الزاخر وغيرها من المعاجم.

  2. وعرب الجاهلية كان ذلك بالنسبة لهم قضية موت وحياة ، فزجر الطير حكم حياتهم ، فلما أشرق نور الإسلام حرم عليهم ( الطيرة ) ، ولكن بعد انتكاس المسلمين عادت تلك (الطيرة) بصور متعددة ترتدي أقنعة تتخفى بها كقراءة الأبراج الذي يمثل لبعض الناس ركنا رئيسا في حياتهم ،وقراءة الفنجان(جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب)وغيرها .

  3. التحية لأبي الجعافر ،، القانو في بلادنا مهجور ومهمل ولا يواكب مستجدات العصر بلدنا تسير ببركة ولطف الله وحده ولا أحد ينتبه لأننا نحتاج التجديد المستمر في جميع مناحي الحياة الدستور والقانون وكل ما يتعلق بحياة الإنسان السوداني المسلِّم زمره للخالق ومتوكل ،
    أما عن العناكب وحتى وقت قريب جدا وجدت دكتورا في الجامعة لا ينظف مكتبه من العناكب لدرجة أصبحت ملفتة وبارزة للعيان وبرر ذلك بأن
    استعمال خيوط العبوط بفركها على الجلد يشفي من بعض الأمراض !! وهو لا يعلم أن هذا يورث الفقر .

  4. [SIZE=4]صدقت فيما يتعلق بمسالة نشر روث الدجاج علي قارعة الطريق لجلب المزيد من البيض فقد كنا نمارسها كثيرا حسب القانون المحسي..اما بالنسبة لليهود الارثوذكس فلا اظن ان هنالك طائفة يهودية تسمي الارثوذكس بل هي طائفة مسيحية والله اعلم [/SIZE]