رأي ومقالات

الطيب مصطفى : بين المنبر والمؤتمر الوطني وأمين حسن عمر!!

[JUSTIFY]د. أمين حسن عمر أحد أكبر مفكِّري المؤتمر الوطني وفقهائه السياسيين بل أزعم أنَّه ما من أحد يماثله في المؤتمر الوطني من حيث العمق فهو مثقف من طراز فريد وأهم من ذلك فإنَّ أمين يتمتَّع بصدقيَّة أعلمها من قديم من خلال معايشة لصيقة فلكم سافرنا سوياً وتسامرنا بل وحجَجْنا إلى بيت الله الحرام وزرنا مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ووقفنا بين يديه واستمتعنا بروضته الشريفة ولا يزال حبل الود بيننا متصلاً لن تقطعه بمشيئة الله تقلُّبات السياسة وعواصفُها وخلافاتُها.
في حوار أجرته (آخر لحظة) معه شهد أمين بصدق معلوم عنه أنَّ منبر السلام العادل من أحزاب المعارضة ثم قال إنَّ المنبر (يسعى للنيل من سمعة المؤتمر الوطني والتقليل من شأنه لصالح الصراع السياسي ولصالح حظوظه السياسيَّة)!!
الصحفي أسامة عبد الماجد اختار من كل الحوار هذه المعلومة ليضعها في أعلى الصفحة بخط أحمر عريض يقول على لسان أمين: (منبر السلام من أحزاب المعارضة ويسعى للنَّيل من سمعة الوطني) والعجيب في الأمر أنَّ أسامة قال في السؤال الذي استمطر تلك الإجابة (يُقال إنَّ المجموعات والجهات الرافضة والمناهضة لأي تقارب مع الجنوب تؤثر إلى حد كبير في مواقف الحكومة)!!

أودُّ أولاً أن أؤكِّد على صحَّة كلام أمين حول معارضة منبر السلام العادل للحكومة أمَّا قوله إنَّ المنبر يسعى للنَّيل من سمعة المؤتمر الوطني فهو ما يحتاج إلى توضيح ذلك أنَّ حديث أمين يعني أنَّ النَّيل من سمعة المؤتمر الوطني ديدن ثابت ومنهج وهدف لا يتغيَّر بما يعني أنَّ المنبر يُعارض كل ما يصدر عن المؤتمر الوطني من قرارات وسياسات حتى لو جاءت مبرَّأة من كل عيب فإنَّ كان ذلك ما عناه أمين فإني أقول إنَّه تجنَّى على المنبر ولم يُنصفه البتَّة.
ربما كان أمين يعني موقف المنبر من نيفاشا وما جرَّته على البلاد من كوارث وتداعيات لا نزال نتجرَّع سمَّها الزعاف أو موقف المنبر من قضايا الفساد الذي استشرى حتى أزكم الأنوف وشهد به ديوان المراجع العام أو ربما كان يعني مواقف المنبر المناهضة للكبت والتضييق الذي تُمارسه حكومة المؤتمر الوطني على الحرِّيَّات بما في ذلك حرِّيَّة الصحافة والتعبير وحرِّيَّة الأحزاب في مخاطبة الجماهير.

القضيَّة الأخيرة تحديداً تحظى باهتمام كبير ليس من المنبر فحسب إنَّما من كل القوى والأحزاب السياسيَّة سيَّما وأنَّ المؤتمر الوطني ظل يدعو الأحزاب إلى الاستعداد للانتخابات القادمة ويحضُّها على منازلته في وقت يعلم فيه قادة المؤتمر الوطني بمن فيهم د. أمين أنَّ الحُرِّيَّات ليست مُتاحة إلا للمؤتمر الوطني ولا يحقُّ للأحزاب أن تتحدَّث إلا من داخل دُورها فكم بالله عليك يا أمين من الأحزاب تمتلك دُوراً وهل تكفي الدُّور لاستيعاب الناس وهل ينطبق هذا القيد على المؤتمر الوطني المنفرد بالساحات العامَّة وبالسُّلطة وآليَّاتها وأجهزتها بما في ذلك الإذاعات والفضائيَّات والتلفزيونات (المملوكة) للولاة وحكوماتهم الولائيَّة والثروة التي يتمرَّغ المؤتمر الوطني في نعيمها بينما تتضوَّر الأحزاب الأخرى جوعاً وتعاني من شظف العيش وضيقه؟!
أخى أمين أنت رجل الفكر والثقافة في المؤتمر الوطني وتعلم، وقد درست في أمريكا وعملت في بريطانيا، أهميَّة الديمقراطيَّة كآليَّة للشورى لا غنى عنها لإحداث التقدُّم والنهضة ومحاربة الفساد وإقامة الحكم الراشد بعيداً عن تغوُّل السُّلطة التنفيذيَّة على السلطتين الأخريَين التشريعيَّة (المعطَّلة في بلادنا) والقضائيَّة وتعلم أهميَّة الديمقراطيَّة الحقيقيَّة في عمليَّة التداول السلمي للسُّلطة بعيداً عن تزوير الانتخابات الذي لا يمكن لأحد أن يستبعده بعد التجارب المريرة التي خضناها في السابق فهل تلومنا أخي أمين إن نحن طالبنا بتهيئة المناخ من أجل الاستعداد للانتخابات القادمة من خلال إتاحة حريَّة التعبير وإنشاء الآليات المحايدة التي تضمن إجراء انتخابات نزيهة؟

كل آليات السُّلطة تابعة أو قُل خاضعة لسُلطة المؤتمر الوطني بما في ذلك الشرطة والأجهزة الأمنيَّة والإعلام (مركزيّاً وولائيّاً) فكيف لا نعترض على تكميم الأفواه وتسخير كل شيء من أجل (خلود) المؤتمر الوطني في الحكم وهل كنتم سترضَون ذلك من أي حزب حاكم لو كنتم في المعارضة وهل هذا من العدل الذي يُعتبر ركنًا ركيناً وأحد أهم القواعد التي تقوم عليها شريعة الله؟!
أخي أمين الحديث ذو شجون لكني أختم بتنبيه أسامة عبد الماجد إلى أنَّ منبر السلام العادل لا يرفض التقارب مع الجنوب وأعجب أن يقول ذلك صحفي عمل لسنوات في صحيفة (الإنتباهة).. نحن دعاة سلام يُعبِّر عنه اسمُ حزبنا لكنّا نريده سلاماً عادلاً عزيزاً يُقيم جواراً آمنًا يتبادل فيه السُّودان المنافع مع كل دول الجوار بما في ذلك دولة الجنوب التي لا تزال تحتل عدة مناطق من أرضنا الطيِّبة.[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

تعليق واحد