تحقيقات وتقارير
عقدة أبيي تحت منشار الخبراء
«الإنتباهة» استطلعت عدداً من القيادات الرسمية والشعبية والقانونية حول الموضوع.. فكانت الحصيلة التالية من الاستطلاع رئيس اتحاد المسيرية بدءاً يقول رئيس اتحاد المسيرية محمد خاطر جمعة: نحن أصلاً نعترض ونرفض قيام استفتاء أو انتخابات، فنحن نرفض الاستفتاء مطلقاً جملة وتفصيلاً ولا نريده سواء في أكتوبر المقبل أو غيره، فهذه بلدنا وبلد أجدادنا ولا يحتاج انتماؤنا لها أو ملكية أراضينا بها إلى تقريره عبر استفتاء، فنحن نرفض أن تكون أبيي تحت إدارة قانونية، فقد أتى الدينكا، إلى أبيي نازحين من بحر الزراف وهاربين من قبيلة النوير التي كانت تقتلهم وتسبي نساءهم وتنهب أبقارهم، فأحسنا استقبالهم وحميناهم من «النوير»، وأعضاء الحركة الشعبية هم الذين أثاروا مسألة الاستفتاء في أكتوبر المقبل، ونحن نريد أن نعيش في سلام ولا نريد الحرب أصلاً، وبما أننا السكان الأصليون فمن حقنا أن نعيش في سلام ضمن دولة شمال السودان التي نتبع لها تاريخياً، ويجب أن يكون رفض حكومة الخرطوم حاسماً، وهناك تصريحات من مسؤولي الحكومة بهذا المعنى، حيث قال رئيس المجلس الوطني في تصريحات رسمية إنه لن يكون هناك استفتاء إذا لم يوافق عليه المسيرية.
ونرفض تدويل القضية ونرفض الأطر الإدارية، ونرى أن الحل يكمن في تفويض الإدارة الأهلية للقيام بشؤون أبيي، وأن يجلس أعيان المسيرية وأعيان الدينكا سوياً لبحث الحلول، فإذا تركونا وشأننا وبعد جنوب السودان عنا فالحل السلمي مقدور عليه.
{ السيد محمد عمر الأنصاري من قيادات المسيرية يرى أن حكومة جنوب السودان إذا أصرت على قيام الاستفتاء من جانب واحد في أكتوبر، فهذا يعني إعلان الحرب. والاستفتاء بأبيي من جانب واحد يفوضه القانون لا الاتفاقية، فبروتكول أبيي نص على الطريقة التي يقوم بها الاستفتاء والذي جاء فيه: «أولاً لا بد من قيام الأجهزة المدنية بأبيي المتمثلة في إدارية أبيي والشرطة المشتركة لحفظ الأمن وتكوين مفوضية استفتاء أبيي» وهذه المفوضية معنية بالاستفتاء، لأنها جسم محايد يشرف على القاطنين بأبيي من حيث الاستفتاء، وهم دينكا نقوك والسكان الآخرون بأبيي من مسيرية وجعلية وغيرهم من السودانيين المقيمين بتلك المنطقة قبل ثلاثة أشهر من تاريخ الاستفتاء فيحق لهم الاستفتاء الذي يجب أن يكون تحت رقابة دولية.
والاستفتاء من جانب واحد يعني أنك قد امتحنت نفسك وصححت لها، فهو غير شرعي وغير معترف به من قبل السودانيين وحكومة شمال السودان والمجتمع الدولي، فهذا الاستفتاء الاحادي كرت ضغط على حكومة شمال السودان والمسيرية لتقديم تنازلات لحكومة الجنوب، ولكن هيهات فلن يحدث هذا بتاتاً.
والآن الجنوبيون بدأوا يتراجعون بعد أن رفض الجميع الاستفتاء الاحادي، فها هو لوكا بيونق أحد مسؤولي حكومة جنوب السودان يرسل لي على «الانترنت» رسالة تقول: «يا أنصاري دايرين أبيي تكون تحت مسؤولية المجتمع الدولي.. رأيك شنو؟» ورددت على سؤاله وقلت له: «أبيي تابعة أصلاً لشمال السودان، وهناك خريطة بحدود عام 1956م توضح ذلك باعتباره مرجعية تاريخية بالوثائق الرسمية، وليس هناك أي قانون يجعلها تحت الوصاية الدولية».
ونرفض أية أساليب بديلة، وفقط ننفذ الاتفاق الرسمي الذي تم بين الرئيس البشير وسلفا كير. ورئيس الجنوب سلفا كير لا دخل له ولا مسؤولية عما يحدث من مساعٍ لاجراء هذا الاستفتاء الاحادي في اكتوبر، والمسؤولية المباشرة تقع على أعضاء الحركة الشعبية «اولاد قرنق» من الدينكا الذين يريدون إحراج الرئيس سلفا كير بذلك، ولهم تأثير قوي على أمريكا، وفرانسيس دينق منهم ومتزوج أمريكية ومنح الجنسية الامريكية ومنصبه خبير دولي بالازمات الافريقية بمجلس الامن الدولي، وله نفوذ في الأوساط الدولية والأمريكية ومجلس الامن الدولي، ومن هذا الباب تدخل الوصاية الدولية بقوة في قضية أبيي.
وأبيي قضية كل الشعب السوداني، ونحن المسيرية وضعتنا الظروف والاقدار هنا، ولكن القضية سودانية عامة، ونرى أن الشعب السوداني مسؤول مسؤولية مباشرة عما يحدث في أبيي.
السفير عبد المحمود عبد الحليم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة السابق ومدير عام العلاقات الثنائية والاقليمية بوزارة الخارجية قال: السودان يتمسك بالمرجعيات الحاسمة لقضية أبيي المتمثلة في بروتوكول أبيي لسنة 2005م وقانون استفتاء أبيي لسنة 2009م واتفاقية الترتيبات الأمنية والإدارية المبرمة في يوينو 2011م، وحل قضية أبيي لا يكون إلا بالالتزام بتلك المرجعيات والتفاوض بين حكومتي السودان وجنوب السودان وإنزال هذه الالتزامات إلى أرض الواقع، والخطوات المطلوبة هي ضرورة تطبيق اتفاقية الترتيبات الأمنية والإدارية وتكوين المجلس التشريعي وإدارية أبيي وإنشاء قوات الشرطة والتفاوض حول الوضع النهائي لأبيي، وأي حديث حول حلول أحادية لا قيمة له وخروج كامل عن مرجعيات حل قضية أبيي، ويفتح الباب لردود فعل لا يمكن التنبؤ بعواقبها.
ولهذا لا بد من تحقيق الحل النهائي الدائم بأبيي ليضمن استدامة السلام ويصون النسيج الاجتماعي ويحافظ على التعايش السلمي الذي عرفته المنطقة، ولن يكون حل قضية أبيي في إلغاء مجتمعات كاملة وأصيلة في أبيي والانجراف وراء بعض الطامحين، وإنما يكون الحل في تحقيق السلام الاجتماعي واستقرار المنطقة، وحق أهل المنطقة بكافة مكوناتهم في العيش الكريم والطمأنينة.
لا مناص من الحل الحكومي برفيسور يسن عمر يوسف أستاذ القانون العام والمدعي العام الأسبق يقول: المشكلة الآن ليست تنصل حكومة الجنوب عن بروتكول أبيي ومرجعيات الحل والاتفاقيات، وإنما عدم اتفاق حكومة السودان بالشمال والمسيرية على كيفية الحل، فالخطوة الأولى اتفاق الأطراف بالشمال على آلية الحل النهائي قبل ابداء أي رأي في الاتفاق الأحادي.
والمسيرية يتهمون حكومة السودان بعدم الاهتمام بقضيتهم ولا مناص من حل حكومي، وأعتقد أن قيام الاستفتاء من جانب واحد خرق للقوانين والبروتكولات الخاصة بأبيي، وبالتالي هذا الخرق من قبل حكومة الجنوب يكرِّس شريعة الغابة ويبيح الفوضى، وبالتالي قد تعود الحرب بين الشمال والجنوب ثانية إذا أصرت حكومة الجنوب على هذه الخطوة الاستباقية الاحادية للاستفتاء بأبيي.
وإذا تدخلت الدول الأجنبية ووضعت أبيي تحت الوصاية، نخشى أن يصل الأمر إلى قيام محمية دولية داخل السودان، ولذلك من الأفضل عدم التصعيد والتدويل والتفاوض والاتفاق بين حكومتي الشمال والجنوب وحدهما.
ويقول القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي د. علي السيد: المفروض أن يتم الاستفتاء حسب القانون عبر مفوضية استفتاء أبيي، ولا يحق لأية جهة بالشمال أو الجنوب ان تنفرد بإجراء الاستفتاء، فأبيي منطقة حدودية متنازع عليها يكون الحوار حولها بين كل الأطراف بالشمال والجنوب، والقانون الذي أجزناه بالبرلمان يحدد آلية الاستفتاء بأبيي ومن هم الدينكا ومن هم المسيرية وفقاً للأوراق والوثائق المعتمدة الموجودة بالقانون.
ولا بد أن تبدي الحكومة في السودان الشمالي جدية في حل مشكلة أبيي، ويكون حلاً حاسماً وقانونياً قبل أن تعمه الفوضى ويحدث ما لا يحمد عقباه. خرق واضح ويرى حسن أبو سبيب القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» أن هناك اتفاقاً بين الحكومتين يحول دون انفراد طرف بإجراء الاستفتاء، وإذا تم هذا من حكومة الجنوب فهذا يعتبر خرقاً واضحاً للقانون والشرعية وعدم التزام من الجنوب بالعهود والمواثيق، وهذا ما درجت عليه حكومة الجنوب فهي تبرم العهود والمواثيق والاتفاقيات ثم تنكص على عقبيها.
وأمريكا ودول العالم الغربي والإمبريالي لا دخل لهم بشؤونا الداخلية، وإذا زجت بهم حكومة الجنوب في شأن أبيي تكون قد ألغت كل الاتفاقيات والبروتكولات والقوانين الخاصة بأبيي.. فالسودان لا يريد تدويلاً، فإذا كان غيره يريده فنحن غير ملزمين برؤيته الدخيلة وإرادته المستلبة هذه، وحقيقة في مثل هذه الأمور الوطنية يجب على الحكومة السودانية «المؤتمر الوطني» أن تنسى اختلافاتها الحزبية وتدعو إلى كلمة سواء لحل المشكلة، وتلتقي كل القوى السياسية للخروج برأي وحل موحد، ورفض التدويل وانتهاك حكومة الجنوب شرعية بأبيي.
أحمد كرمنو وزير الدولة بوزارة العمل يعكس وجهة نظر الحكومة السودانية فيقول: قضية أبيي من القضايا العالقة باعتبار أن لها بروتوكولاً خاصاً بها، وهذه هي المعضلة الرئيسة، علماً بأن المستندات تؤكد أن أبيي شمالية، ولكن السودان حرصاً على أن تستمر العلاقات مع دولة جنوب السودان ولم يحاول أن يدخل في صراعات معها.
وحكومة الجنوب تريد القيام بخطوة استباقية خبيثة بإجراء الاستفتاء في أكتوبر بالذات، باعتبار أنه في فصل الخريف تكون قبيلة المسيرية قد خرجت للرعي وغير موجودة بالمنطقة، والحكومة لن توافق على إجراء الاستفتاء في غياب المسيرية.
والحكومة السودانية ترفض رفضاً قاطعاً تدويل القضية وتدخل أمريكا والعالم الخارجي، وتدويل حكومة الجنوب للقضية عبارة عن التفاف حول القوانين والأعراف والدساتير. هنا تكمن المعضلة اللواء يونس محمود/ الخبير العسكري يقول: أصلاً المعضلة تكمن في أن هناك اختلالاً في صياغة الاتفاقية نفسها في ما يختص ببنود بروتكول أبيي بتحديده المواطن الذي يوجد بأبيي بالدينكا والآخرين بالمنطقة دون مسميات، واستغلت حكومة الجنوب هذه الثغرة القانونية واستفادت منها معتبرة المسيرية مواطنين غير أصيليين بالمنطقة ومجرد رعاة عابرين، رغم أنهم السكان الأصليون، وهذا البند ظلمهم وجعلهم رعاة متنقلين وهم السكان الأصليون.
وقصدت حكومة الجنوب هذا التوقيت لإجراء الاستفتاء «أكتوبر» لخلو منطقة أبيي من المسيرية للظروف الطبيعية حيث يكونون خارج المنطقة شمالاً لانتشار الاوبئة، وهذا تكتيك خطير ومدبر من حكومة الجنوب. ويجب على حكومة السودان أن تكون حاسمة في هذا الأمر وعدم السماح بالاستفتاء في غياب المسيرية ومواطني المنطقة الأصليين، ويجب أن يكون استفتاءا ثنائياً بين الشمال والجنوب برقابة دولية من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وبعدها أي تجاوز من حكومة الجنوب يواجه بما يستحق من الحسم.
والعبرة ليست في نصوص الاتفاقيات وإنما في إرادة الفعل والاستعداد للتنفيذ، وهذه غير موجودة في الجنوب. والمنطقة أصلاً عبارة عن بؤرة توتر وصراع، وإذا أصرت حكومة الجنوب على موقفها الأحادي في الاستفتاء فإن الموقف قد ينفجر في أي وقت ونعود للمربع الأول، أي الحرب بين الشمال والجنوب، وخطورتها أنها سوف تكون بين دولتين وليس مثل السابق بين أطراف قبلية.
صحيفة الإنتباهة
أحلام صالح
القال لي ناس علي عثمان يرهنوا جزء من البلد للاستفتامنو عشان يجو الدينكا يعتبروا وما يعتبروا- الحكومة دي مفروض تتحاسب حساب عسير، والمطلوب منها الآن على الأقل وقفة رسمية صلبة وحشد الدعم والدخول في تحالف مع قوى عظمى بسرعة – قبل تفنين اختطاف أبيي.