د. عبير صالح

فـي ضيافة الصيف

فـي ضيافة الصيف
لقد هلَّ علينا فصل الصيف ونسأل الله عز وجل أن يبعد عنا أمراضه ومتاعبه، لأن ارتفاع درجة الحرارة والتعرض المستمر للرطوبة لها دور كبير في زيادة معدل الإصابة بأمراض الصيف، وأيضاً مشاكل التلوث تزداد يوماً بعد يوم، ومن أشهر أمراض التلوث التسمم الغذائي، والاسهالات المتكررة، والالتهابات المعوية، والتايفويد.. الخ، هذا بالإضافة إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يساعد الميكروبات على النمو والتكاثر وأيضاً الذباب مما يتسبب في نقل الكثير من الأمراض.

ü من الحالات التي يمكن أن تكثر في فصل الصيف:-

الرعاف:

ويحصل نزف من الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في بطانة الأنف في الجزء الداخلي أو الأوسط من التجويف الأنفي.

– تحتوي بطانة الأنف على كثير من الأوعية الدموية الدقيقة، وبسبب هذه الدقة فإن الأوعية معرَّضة للنزف في الحالات الآتية:

ü الأسباب الموضعية للرعاف:

1. ضرب أو كسر عظمة الأنف أو الحاجز الأنفي.

2. تيارات الهواء الجاف تعمل على جفاف بطانة الأنف وكذلك الأجواء الحارة «الصيف».

3. جروح وخدوش بالأنف من الداخل بسبب أصبع الطفل أو جسم غريب بالأنف.

4. نزلات البرد، والتهابات الجيوب الأنفية واللحمية، وحساسية الأنف تعمل على ضعف الأوعية الدموية، وبالتالي قد يحدث الرعافة.

5. قد يحدث رعاف بعد العمليات الجراحية مثل عمليات الحاجز الأنفي والجيوب الأنفية وأروام الأنف والإنحناء الشديد للحاجز الأنفي.

ü الأسباب العامة للرعاف:

– وهذه خاصة بحالة الجسم الصحية بصورة كاملة مثل الفشل الكلوي المزمن، ارتفاع ضغط الدم، أمراض سيولة الدم، نقص فيتامين K، الحمى الشديدة، الفشل الكبدي، أمراض القلب مثل ضيق الصمامات والفشل القلبي، بعض حالات الحمل المصحوبة بارتفاع ضغط الدم والمخدرات.

ü ما هي آلية حدوث الرعاف وخطورته؟

– يعد تعرض الشخص للعوامل السابقة الذكر أو أي منها، فإن الأوعية الدموية يحصل بها نزيف عن طريق فتحات الأنف وقد يكون من فتحة واحدة أو من الاثنتين على حسب نوع السبب، وبعد فترة قليلة يتوقف الرعاف نتيجة لتكون جلطة مبعثرة تسد جدار الأوعية النازفة.

– عادة لا يسبب الرعاف أي خطورة على الحياة، لأن النزف عادة يكون قليلاً وفي كثير من الأحيان يتوقف من تلقاء نفسه، لكن في بعض الحالات يكون الرعاف ناتجاً من مشكلة عامة في الجسم مثل أمراض سيولة الدم، فمثلاً يستمر الرعاف لفترة طويلة إذا لم يعالج ويفقد المصاب كمية كبيرة من الدم.

ü كيف تتصرف إذا كنت في المنزل أو العمل أو المدرسة مع الرعاف؟

– جميعنا يعرف أن منظر الدم مرعب لكثير من الناس، إذن فالهدوء و عدم الخوف من منظر الدم من أهم الخطوات، لأن الرعاف قد يكون بسيطاً ويمكن اسعافه في المنزل بالآتي:

– الجلوس في وضع قائم مع إنحناء الرأس قليلاً إلى الأمام ليمنع الدم من الدخول إلى البلعوم ومن ثم بلعه.

– وضع منديل أو وعاء تحت الأنف مباشرة لمنع إتساخ الملابس.

– الضغط بالابهام والسبابة على طرف الأنف اللين حوالي خمس دقائق متواصلة والتنفس من خلال الفم، فاذا لم يتوقف النزيف يجب الاستمرار في الضغط لمدة 10 دقائق.

– وضع قطعة من الثلج أو كمادة باردة على أعلى الأنف لتضييق الأوعية الدموية المؤدية لبطانة الأنف والمساعدة على توقف نزيف الأنف.

– تجنب القيام بأي مجهود يمكن أن يعيد النزف بعد توقفه لمدة تصل على الأقل 12 ساعة مثل «التمخط» أو عادة وضع الأصبع على الأنف أو تنظيف الأنف.

– الاتصال بالطبيب إذا استمر الرعاف لأكثر من 15 دقيقة أو تكرر كثيراً، وإذا كان النزيف نتيجة لحادث أو إصابة بالأنف، ليقيِّم الطبيب الحالة ويجري الفحص على الأنف ويحدد سبب النزيف ويعمل على إيقافه سواء بالمحاليل المضيقة للأوعية الدموية أو بالكي ويحدد السبب المباشر للرعاف وعلاجة.
الوقاية من الاسهالات المصاحبة لأمراض الصيف

– تعتبر حالات الاسهال من أعراض أمراض الصيف نتيجة لانتشار الجراثيم والطفيليات التي تعمل على تلوث المأكولات والمشروبات وتسبب التايفويد والجيارديا وغيرهما، كما أن الاسهال أحد أسباب الوفاة للأطفال إذا تم اهماله، فكوني حذرة وذلك باتباع الآتي:

1. النظافة الشخصية: غسل الأيدي جيداً قبل الأكل أو إعداد الطعام وتقليم الأظافر وخاصة للأطفال وكبار السن، وتأكدي أن الأظافر مهما كانت تظيفة فإنها تحمل في طياتها الجراثيم حتى وإن تم غسل اليد فإن اليد لا تكون نظيفة بسبب وجود الأظافر «بنات حواء».

2. غسل الأيدي بالماء والصابون جيداً بعد قضاء الحاجة.

3. عدم تناول الطعام المعرض للذباب في الشوارع والمطاعم غير النظيفة.

4. يجب أن تختار الطعام المريح مع جهازك الهضمي ولا يسبب لك التوعك والإرهاق الهضمي وعدم الإسراف في الأكل وعدم تعدد الأصناف.

5. فيما يختص بالأطعمة المعلبة المستوردة، يجب قراءة الديباجة للتأكد من صلاحيتها حتى لا تسبب التسمم الغذائي.

6. لا تجعل الطعام عادة بالنسبة لديك، فيجب الأكل عند الشعور بالجوع وملء المعدة.

7. يجب غسل الأطعمة التي تؤكل طازجة جيداً مثل الخضروات والفاكهة خاصة المانجو لأنها مصدر للاسهالات والتلوث.

8. تغطية الأطعمة جيداً خوفاً من توالد الذباب بداخلها ومن ثم الإسهال.

9. توفير مصادر الشرب النظيفة والمعقمة للمواطنين وكلورة المياه وخاصة مياه الكارو والبراميل.

10. التثقيف الصحي عن أسباب الإسهال وطرق الوقاية منه.

11. توفير الشبكة الصحية الجيدة للتصريف الصحي.

12. يجب على السلطات الصحية الاهتمام بالكشف على العاملين بالمطاعم خاصة في إعداد الطعام من حيث النظافة والصحة العامة.

13. الوقاية بالنسبة للأطفال:

المحافظة على الرضاعة الطبيعية والانتباه للتغيرات الجوية لعدم تعرض الطفل للبرد. عدم إعطاء الأطفال مأكولات بطيئة الهضم بعد سن 4 أشهر من العمر.. استعمال المياه النظيفة الخالية من الجراثيم والأملاح الزائدة.

المكيفات والصيف :
في فصل الصيف يتعرض معظم الناس يومياً للتكييف ولساعات طويلة.. والكثير يتساءل هل التعرض للتكييف والنوم في الغرف المكيفة يؤدي إلى الخمول في الصباح أو إلى تغيّر في الايقاع اليومي أو الساعة البيولوجية للجسم؟ والبعض يتساءل عن أضرار المكيفات في فصل الصيف؟

– في دراسة حديثة تم قياس هرمون الكورتيزون في الجسم بصورة متكررة طوال اليوم لمجموعتين من المتطوعين، المجموعة الأولى تعرضت للتكييف في الصيف لفترات قصيرة.. والمجموعة الثانية لفترات طويلة، ومن المعلوم أن الكورتيزون يزداد في الصباح الباكر ويسبب زيادة النشاط والحيوية في الصباح، ويقل في الليل ويصل أدنى مستوى له خلال النوم، وقد أظهرت الدراسة أن الذين تعرضوا للتكييف لساعات طويلة كان مستوى الهرمون منخفضاً في الصباح الباكر وتأخر ارتفاع مستوى الهرمون في الجسم مقارنة بالذين كان تعرضهم للتكييف أقل، وهذا يدعم النظرية القائلة «إن التكييف الصناعي قد يسبب الخمول».

– أما بالنسبة للأضرار الممكنة للتكييف: معروف أن الانتقال المفاجيء من حرارة مرتفعة إلى برودة في الجو يمكن أن يؤدي إلى تأثير الأغشية المخاطية داخل الأنف والحلق مما يؤدي إلى ظهور أعراض تشبه أعراض الزكام، كما أن المكيفات نفسها قد تعتبر مصدراً للمكيروبات إذا لم تخضع للصيانة المستمرة وتغيير الفلتر أو «القش» وبذلك تزيد من خطر الإصابة بالالتهابات الفيروسية المؤذية للجهاز التنفسي.

– كلنا نعلم أن الحر لدينا لا يطاق، وأن التكييف ضروري ولكن علينا أخذ الاحتياطات اللازمة لوقاية أنفسنا.

أثر الصيف على الجلد والشعر :
– يعتبر فصل الصيف من أكثر الفصول تأثيراً على الجلد، فهناك العديد من الأمراض الجلدية الفطرية منها حمو النيل الذي يصيب الإنسان نظراً لارتفاع درجة حرارة الجو، وبالتالي ترتفع درجة حرارة الجلد ويزداد إفراز العرق فيحدث انسداد بفتحات الغدد العرقية ويبدأ ظهور حبيبات صغيرة حمراء في حجم رأس الدبوس وهو ما يسمى «حمو النيل» وغالباً ما يصيب الأشخاص المعرضين لارتفاع درجة الحرارة والأطفال الرضع هم أكثر المعرضين للإصابة به أكثر من البالغين، وتظهر الحبيبات في المناطق المعرضة لاحتكاك الملابس وخصوصاً تلك التي تصنع من الخيوط الصناعية لأنها تمنع نفاذ العرق وتزيد بالتالي من درجة حرارة الجسم ويصاب الإنسان بحكة شديدة.. وعند الأطفال قد تتحول هذه الحبيبات إلى «خُراج» ينتشر بكافة الجسم.

ü الوقاية:

لهذا فإن التهوية وعدم التعرض لأشعة الشمس وارتداء الملابس القطنية تساعد على تبخر العرق، مع الحرص على عدم حك الجلد باستخدام الليفة بشدة والصابون عند الاستحمام، كما ينبغي استخدام الدش البارد مع قليل من الصابون فقط دون استخدام الليفة.

– هناك العديد من الإصابات الجلدية سواء كانت فطرية أو بكتيرية وغيرها، تظهر في فصل الصيف، ولكن يمكن التغلب عليها أيضاً بالنظافة الشخصية لنا ولأطفالنا خاصة، ونظافة الشعر وعدم استخدام ملابس وبشاكير الغير، مع ضرورة غلي الملابس الداخلية والخارجية وكيها لقتل ما قد يكون بها من فطريات من فترة لأخرى.

ü أما بخصوص الشعر:

إن العناية بالشعر خلال فصل الصيف تعد من الضروريات، كما أن الاهتمام بالغذاء الصحي عموماً الذي يحتوي على الفيتامينات المختلفة يحفظ للشعر رونقه وبريقه، كما أن المبالغة في استخدام الأصباغ والدهانات والكيماويات الخاصة بالشعر وكثرة التردد على الكوافير قد يؤدي إلى عكس المطلوب في فصل الصيف فيفسد الشعر وقد يحترق ويتساقط، خصوصاً إذا ما كثر التعرض لدرجة حرارة أشعة الشمس المحرقة، حيث أنها قد تسبب احتراقاً كاملاً، وتساقط للشعر، وذلك مع إختلاط بعض الكريمات والأصباغ وتفاعلها مع بعضها البعض ومع فروة الرأس.

– يجب الحرص على عدم إرهاق الشعر بكثرة تمشيطه بطريقة حادة، ومعاملته برفق، وعدم الإكثار من غسله بالماء والصابون والشامبو، خاصة خلال الصيف مع عدم تعريضه لأشعة الشمس المباشرة.

الكسل والخمول في الصيف :
الخمول في الصيف قد يصيب البعض وخاصة إذا كان الشخص لديه زيادة في الوزن وذلك نسبة لعدم مقدرة الجسم على التخلص من الحرارة الفائضة بسبب عدم قدرته على إفراز العرق مما يؤدي إلى ارتخاء في العضلات، وأيضاً هنالك فقدان كبير للسوائل والأملاح من الجسم مما يؤدي إلى تشنج العضلات أثناء المشي.

– أيضاً تراكم الدهون تحت الجلد يحول دون تسرب حرارة الجسم إلى الجو الخارجي مما يؤدي إلى الشعور بالضيق، لذا يجب عليهم عدم الافراط بالنشاط في الجو الحار ويحاولوا شرب قدر كافي من السوائل.

– أيضاً الصيف الحار يعرض المرضى المصابين بانخفاض ضغط الدم إلى نوبات الدوخة والاغماء مع الجو الحار.

د. عبير صالح حسن صالح
صحتك بالدنيا – صحيفة آخر لحظة – 2012/2/16
[email]lalasalih@ymail.com[/email]