دراسات تطوير الفساد
الخير والشر في صراع ابدي ولن ينتهي هذا الصراع إلا بنهاية الدنيا. هذه واحدة من البديهيات اما الثانية وهي امتداد لها أن الانسان بطبعه كائن اناني الا من رحم ربي. سودانيا (الماسك القلم ما بيكتب روحه شقي) عربيا (اذا هبت رياحك فاغتنمها فالريح طابعها السكون) بالتالي الانتهازية موجودة في طبع الانسان . سياسيا الديمقراطية الليبرالية الغربية (الطالعة في الكفر) الآن قائمة على حكم الذين يملكون اما الذين لا يملكون فهم المحكومون ورحم الله الذي وسعت رحمته كل شيء كارل ماركس . اذا جمعنا كل هذه الفسيفساء يمكن أن نصل الى نتيجة مفادها أن الفساد اصبح من متلازمات الدولة الحديثة وبالتالي تسعى الحكومات الراشدة والمجتمعات الراقية لمكافحته بشتى السبل والآليات لا بل تسعى لاتخاذ التدابير الوقائية منه واحيانا تصيب واحيانا تخطئ ولكن تظل الحرب على الفساد ابدية لأن الفساد نفسه مؤبد الوجود.
الاستاذ صادق عبد الله عبد الماجد امد الله في ايامه قال انه عاصر كل العهود الوطنية ولكنه لم يشهد فسادا افظع من فساد هذا العهد . شواهد كثيرة تؤكد صحة ما ذهب اليه شيخ صادق . اذن الأمر محتاج لدراسة. بالمناسبة هناك دراسة اكاديمية قيمة عن الفساد اشرف عليها بروفيسور عثمان البدري بمركز الدراسات الانمائية بجامعة الخرطوم كنت ممتحنا خارجيا لها تصلح أن تكون مدخلا للدراسة المطلوبة . في تقديري أن دراسة هذا الامر في هذا العهد يمكن أن تنطلق من فكرة التمكين وذلك بتحويل مقدرات الدولة للمجتمع وفي المجتمع لأفراد وهؤلاء الأفراد هم (الجماعة) ومع ذلك هذا ليس موضوعنا اليوم.
المشكلة في أن الجماعة لم يكونوا حريفين انما نزلوا في الحكاية تووووش (ذي الغنم الوقعت ليها في لوبا ناس) فالذكاء كان يقتضي أن (تأكل) بمقدار ولا تدمر الضحية التي تتسبب لك فيما تأكل والأهم أن تأكل بمنهجية وان لا (تكلفت) المأكلة وأن لا تظهر بمظهر (صغير النفس المتهافت) وان تمارس شرط الاحسان في الضحية. اذن يا جماعة الخير الشغلانة محتاجة لدراسة وتدريب حتى يكون المفسد ود ناس، كيف؟ الامر محتاج لزمن ودراسة اعمق ولكن في هذه العجالة نأخذ مثلا واحدا نشرح به الفكرة فإن راق لكم يمكننا أن نطوره لكي نضع منهجا أو حتى ننشئ مركزا لدراسة تطوير الفساد كخطوة اولى ثم بعد ذلك نعمل على تقليل نسبته الى بضع في المائة واخيرا نقضي عليه، فالتدرج هو سنة الله في الكون.
خذ عندك القائمين على امر الزراعة رسميين ونقابيين وسياسيين فهؤلاء عندما (يضربون) التقاوي أو يدخلون المبيدات الفاسدة أو يرفعون اسعار المخصبات أو لا يعمقون الحرث أو يرفعون كوميشنات التمويل فإنهم سوف يهبطون بالانتاج ويضرون البلاد والمزارع ويجلبون السخط لأنفسهم فالأوفق أن ندربهم على أن يأكلوا من المنتج النهائي اي يسمسرون في المحصول ويرفعوا النسبة أو حتى الكوميشن وهذا يتطلب أن يعملوا على ما يزيد الانتاج باستجلاب اجود المدخلات وبأقل تكلفة فيرتفع الانتاج وبالتالي يرتفع الدخل من السمسرة ولا تتضرر الخزينة العامة لا بل تمتلئ بارتفاع العائد ثم لا يشعر المزارع بما اخذ منه لأن انتاجه كبير (والكثرة غلبت الشجاعة) ثم يستثمر (الهبرو ملو) في الزراعة لارتفارع عائدها وقد يتركون (اللغف) نهائيا لزيادة ارباحهم بـ(الدوغري) وعنوان هذا الدرس (الشفقة تطير) وختامه (اكلوا لكن في النهاية مش من البداية ) شفتو,, كيف !!!
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]