من عملَ على إنهيار وتدمير دولة الجنوب ؟
عملت حكومته طوال أكثر من عامين على زعزعة استقرار السودان. قدم دعماً تجاوز المليار دولار للقوى السودانية المسلحة الناشطة ضد الخرطوم، هاجم منشآت نفطية فى منطقة هجليج وألحق خسائر بمئات الملايين من الدولارات.
احتلت قواته ثلاثة مناطق غير متنازع عليها بين الدولتين. الرئيس الجنوبي فعل كل ذلك على أمل أن ينهار السودان وينفتح الطريق واسعاً أمام حركته الشعبية لتحكم الخرطوم وبذا تصبح جوبا قد كسبت الدولتين بضربة واحدة.
الرئيس كير عرقل تنفيذ اتفاقيات التعاون المشترك بين الدولتين لأكثر من عام خلا، كان يمكن أن تكون هذه الاتفاقيات حتى الآن قد حققت الكثير للدولتين. نعم لقد فعل الرئيس كير كل ما هو ضار بالسودان حتى ولو قال هو أو قال قائل إن (من هم حوله ممن انقلب عليهم الآن) هم الذين دفعوه الى ذلك فنحن هنا أمام مسئولية مباشرة للرئيس فى دولة تتبع النظام الرئاسي الذى تتركز فيه السلطة التنفيذية فى يد الرئيس ونحن حيال دولة متخلفة ناشئة لتوها؛ الرئيس فيها هو صاحب القرار وفق العرف القبلي الذي الذى ما يزال يحكم وسيظل يحكم دولة الجنوب لعقود وقرون مقبلة.
دولة الجنوب ليست دولة مؤسسات حتى يمكن تجزئة المسئولية السياسية فيها بدليل أن الرئيس كير نفسه ولأسباب تخصه ولا تخص الموقف مع السودان، استطاع إقالة حكومته بأسرها بما فى ذلك نائبه د. رياك مشار، وبما في ذلك والي منتخب هو اللواء تعبان دينق حاكم ولاية الوحدة.
فعل الرئيس الجنوبي كل ذلك بين عشية وضحاها ثم أعمل سكينه الحادة فى جسم الحركة الشعبية نفسها فأطاح وقطّع أمانتها العامة وأطاح بأمينها العام باقان أموم. رجل فعل كل ذلك فى سويعات قمين بأن يكون مسئولاً مسئولية مباشرة وكاملة عن كل الأضرار التى ألحقها بالسودان فى فترة الثلاثة أعوام الماضية ولهذا وحين يعود الرئيس الجنوبي قد وجد نفسه (بين الحطام) لإلقاء اللوم على السودان فهو دون شك يهزأ بنفسه وبحكومته وحركته الشعبية.
يهزأ بها لأنه لو كان بوسع السودان أن يعمل على انهيار وتدمير الجنوب بهذه المهارة والسرعة لما انتظر ثلاثة أعوام عانى فيها السودان ما عاني من ظلم ذوي القربى الذين كانوا قبل أعوام قلائل جزء أصيل من نسيج السودان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي.
إن انهيار دولة جنوب السودان المحتوم إن هو إلا نتاج سياسات ومواقف خرقاء اتبعتها حكومة الرئيس كير دون تبصر ودون نظر الى المستقبل وحين كُنّا نتحدث لأكثر من ثلاثة أعوام عن ضرورة انتباه الحركة الشعبية لما فعلته ضد السودان وأن الحريق الذى تشعله ربما يمسك بتلابيبها لم تكن جوبا تسمع أو تصغي أو ترى، كانت غارقة فى وهمها الجميل بأن مهمتها الثورية فى قضم ما تبقى من السودان باتت قاب قوين أو أدنى، ولم يكن الرئيس سلفا كير يهتمّ بما يجري مع أن النموذج الإثيوبي الارتري قريب منه فالدولة الأم هي الأرسخ والأقوى دائماً من الدولة الوليدة.
ولذا فإن العبرة الآن ليست بما حدث من خلاف وصراع على السلطة في الجنوب بذر بذرة دمار محتمل هنا، وإنما العبرة بما إذا كان الدرس قد أصبح بليغاً وملء سمع وبصر القادة الجنوبيين أم لا ؟
سودان سفاري
[/JUSTIFY]