المفاوضات المستحيلة !!
أولاً، الخطأ القاتل والمميت الذي وقع فيه قطاع الشمال -ولا يزال يرزح تحته- هجومه وهو يتزيّا بزيّ الجبهة الثورية على كردفان. الهجوم أسفر فيه القطاع بقصد أو بغير قصد عن وجه إنتقامي متشفيّ، اقتص واقتنص فيه المدنيين الأبرياء.
هذا الهجوم نزع عن القطاع امكانية إعادة إدماجه فى الصف الوطني فهو عمل أخرق، أعطى انطباعاً سياسياً مؤثراً بأن القطاع يسعى (لأكل الكيكة) السودانية بكاملها وأن الخطة أكبر من مجرد قطاع ثائر له مظالم سياسية، وهذه بدورها أقامت حاجزاً نفسياً بينه وبين كافة المكونات الشعبية السودانية، ففي حالة الحركة الشعبية مثلاً كان هناك خيار الانفصال باعتباره علاجاً شافياً لمرض الجنوب، وأما فى الحالة الراهنة فإن من الصعب القبول بقطاع -نفسياً وسياسياً- يسعى لتفتيت بنية الدولة السودانية لصالح قوى دولية بمالها وعتادها.
ثانياً الحكومة السودانية أدركت أن القطاع يسعى لتكرار ما كانت تفعله الحركة الشعبية فى السابق وأنه ربما يكون مقتفياً لذات أثرها ومن الطبيعي أن أي سياسي حصيف لا يكرر تجربة واحدة مرتين.
ثالثاً، القطاع نفسه ليست لديه أطروحات وطنية جادة قابلة للتنفيذ، فالطرح العلماني أمر لم يعد مستساغاً البتة فى السودان، وطرح هوية الدولة من جديد لم يعد أمراً قابلاً للتفاوض بعد كل هذه التضحيات التى قدمها السودان والثمن الباهظ الذى دفعه من وحدته، والقطاع يسعى لذات هذه الأطروحات عن عمد وسعياً لتقسيم السودان.
رابعاً التفاوض نفسه يحتاج لمعطيات على الأرض وقطاع الشمال حالياً لا يملك على الأرض سوى استناده على جوبا والقوى الدولية. ليس للقطاع أثر يذكر على الأرض، وليست هنالك قاعدة جماهيرية من أي نوع للقطاع فهو حتى فى ظل وجود الحركة الشعبية فى الفترة الانتقالية كان يعاني ما يعاني.
وأخيراً فإن أصدق ما يؤكد استحالة التفاوض أن الوسيط المشترك نفسه لم يبدِ حماساً لتحديد موعد جديد للمفاوضات. وبصرف النظر عن الأسباب فإن الرجل يعلم أن المعطيات الماثلة لا تشير الى إمكانية إحراز نجاح والأمر الأكثر خطورة أن الوسيط المشترك يعلم أن القطاع لا يتحرك وحده وإنما يلبس ملابس الثورية ويجرّ معه حركات دارفورية، وهذا سوف يعقد أي تقدم يمكن إحرازه فسوف يعود القطاع بعد أي مفاوضات إلى الثورية ويواصل عمله المسلح فيصبح الأمر مثل ساقية جحا !
سودان سفاري
[/JUSTIFY]
والله اشكالهم تخوف بس ياجوج وماجوج