سياسية

الشنبلي: مقاييس الحذاء بين نميري والإنقاذ

أورد الدكتور يوسف الكودة رئيس حزب الوسط الاسلامي في مقابلة فضائية مقولة للدكتور غازي صلاح الدين أو للمحامي غازي سليمان «لم أسمعها جيداً» بأنك إذا طلبت من «الانقاذ» نمرة «10» تعطيك مقاس «11» وهذا … يتطابق مع الطرفة التي أرسلها منصور محمد خير أحد ظرفاء أم درمان المورداب ، عندما بدأ الرئيس نميري يتشدد في خطاباته وقراراته فقال منصور «نميري لم يبق له إلا ان يطلب منا ان نلبس الفردتين شمال» وهذا واضح، ولكن ما قاله غازي يحتمل عدة تفاسير، منها ان حكومة الانقاذ تعطي لمن لا يستحقون مناصب أو مسئوليات أعلى من كفاءتهم، أو أنها تضع الشخص في حذاء واسع ليبدو مضحكاً،او يتعثر، أو ان سياسة التمكين التي انتهجتها الانقاذ كانت معطاءة، أكثر من اللازم، وهذا ما شكا منه الكودة عندما قال انه ««مفلس» بينما آخرون من زملائه في الدراسة يستخدمون «الريموت» لفتح أبواب منازلهم التي تتوسط الحدائق ذات البهجة..

كنت وما زلت حريصاً على الاستماع لإفادات الدكتور الكودة لأن فيها دائماً جديداً، وما لم أكن أعرفه ما قال بأنه لم ينتم ِ يوماً إلى الأخوان المسلمين الذين تفرخت منهم جبهة الميثاق ثم الجبهة القومية وأخيراً الحركة الاسلامية أكبر مواعين المؤتمر الوطني وحكوماته المتعاقبة، وأيضا إفادته بأن شقيقه مبارك من الناشطين في الحركة الاسلامية، بينما شقيقهما عثمان شيوعي وهو الذي قام بتهريب عبد الخالق محجوب، سكرتير الحزب الشيوعي من المعتقل..

على ذكر هذا المعتقل فقد ولجت إلى موقعه في المكان السابق لمصنع الذخيرة بضاحية الشجرة، بعد ان اصبح معسكراً لتدريب الطلاب المنتسبين للخدمة الالزامية ومنهم ابني أحمد، وعندما قمت بتوصيله إلى هناك، أشار أحدهم إلى بناية في وسط المعسكر و ان عبد الخالق كان معتقلاً فيها، كانت غرفة عادية لها باب من سيخ مقوى يفتح شرقاً وليس بها أي نوافذ، وتلتصق بها من جوانبها الجنوبية والشمالية والشرقية ساحة صغيرة ارتفاع حائطها متر ونصف المتر و فوقه سور من الحديد وأيضاً باب يفتح شرقاً قام عثمان الكد المسؤول عن الحراسة في الساعة المحددة بترك أقفال الغرفة والساحة مفتوحة، وبعد العشاء وبعد ان خفت الحركة في المعسكر خرج عبد الخالق من الغرفة ثم الساحة واتجه غرباً وقفز من حائط المعسكر الغارق في الظلام وبعد ثلاثين خطوة كان في السيارة التي ينتظره فيها هاشم العطا والضابط محجوب طلقة، وفي اليوم التالي اصدر الحزب الشيوعي بياناً قصيراً عن تحرير سكرتيره وفيه اشارة تعطي الضوء الأخضر لمنظمات الحزب للاستعداد للتغيير المطلوب للسلطة، وكان عثمان الكودة موعوداً ببعثة دراسية في إحدى دول المعسكر الاشتراكي.. يوسف الشنبلي-الراي العام