تحقيقات وتقارير

جسور المعونات تتارجح بين حصان طروادة واعلان الكارثة

[JUSTIFY] مع تواصل انهمار المطر في انحاء متفرقة من البلاد ومع تواتر الانباء المحذرة من هطول مستويات قياسية من الامطار في الفترة المقبلة بدأ ان البلاد مقبلة على كارثة انسانية جراء السيول والامطار ، وفتحت السيول والامطار التي ضربت الخرطوم الباب واسعا عن حجم الكارثة الانسانية التي عانى منها الناس ، على ان اللافت للنظر كان الحجم الضعيف نسبيا من المساعدات الخارجية التي قدمت للبلاد ، فقد وصلت للبلاد حتى امس طائرة قطرية تحمل معونات انسانية ترافق معها فريق البحث والإنقاذ القطري الشهير باسم ( لخويا) والذي تولى مسؤولية نقل وتوصيل المساعدات القطرية على متن طائرة مخصصة لهذا الغرض بينما وصل الرحلة الثانية تحمل 25 طناً من المواد الإغاثية المتنوعة والخيام، ليصل بذلك إجمالي المساعدات القطرية إلى 65 طناً. وحسب متابعات الصحيفة فانه من المؤمل ان يتواصل الجسر القطري اليوم حيث من المقرر أن تصل طائرتان بعد ان وقف الوفد القطري على الاحتياجات الأساسية لمتضرري السيول للعمل على توفيرها ، حيث اتضحت الحاجة إلى مزيد من الخيام ومولدات الكهرباء ، ومضخات سحب المياه، إضافة إلى مزيد من المواد الغذائية.

وأشاد الدكتور سليمان عبد الرحمن مفوض العون الإنساني بدور دولة قطر الداعم للسودان مؤكداً أن قطر دائماً تبادر بالاستجابة الفورية لكل تداعيات الأوضاع الإنسانية في السودان وأنها تقدم المساعدات الضرورية في الوقت المناسب ، وقال : نحيي قطر أميراً وحكومة وشعباً على دعمهم المقدر للشعب السوداني .
وكان السيد جابر النعيمى القائم بالأعمال بالإنابة بسفارة دولة قطر لدى السودان قد عبر تعازيه لأسر الضحايا والمتضررين من الأمطار والسيول التي عمت أرجاء واسعة من السودان، مؤكداً أن قطر ستظل دائماً داعمة للسودان.
وحملت الانباء وصول مساعدات طارئة من دولة اثيوبيا في طائرة شحن بوينج 777 وعلى متنها مايقارب 74 طن من الخيام والمشمعات لاغاثة متضررى السيول والامطار بالسودان وعلى راسها وفد برئاسة ممثل لرئيس الوزراء الاثيوبى
بينما اعلنت حكومة اليابان امس عن تقديم مواد إغاثة طارئة للسودان تتضمن خيام و أجهزة لتنقية المياه ومولدات كهرباء و حصائر للنوم و مواد أخرى بإجمالي قيمة 16 مليون ين ياباني (حوالي 166,000 دولار أمريكي) عن طريق الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) لمواجهة أضرار السيول .

وأعرب السفير الياباني ريويتشي هوريي في حفل تسليم مواد الاغاثة لإدارة الطواريء والمساعدات الإنسانية بمفوضية العون الإنساني عن تعازيه الحارة و تعاطفه العميق مع متضرري كارثة السيول، و قال السفير أن اليابان قررت تقديم مساعدات إنسانية طارئة للمتضررين في إطار علاقات الصداقة الأزلية بين اليابان و السودان واضاف السفير ( إنه كصديق قوي للشعب السوداني كان عليه أن يستجيب سريعاً لطلب حكومة السودان للمساعدة في التغلب على هذه الكارثة) ، و أعرب عن أمله أن تنجح عمليات توزيع مواد الإغاثة اليابانية في الوصول لمن هم في أشد الحوجة لها.
اذن تلك هى محصلة المساعدات التي وصلت البلاد من ثلاث دول ، ووفقا للانباء الواردة من مناطق الخرطوم المختلفة وبعض الولايات فان حجم تلك المساعدات يعتبر ضئيلا جدا بحجم الكارثة ، تلك المسالة تطرح تساؤلا اساسيا لماذا لم يستجب العالم لكارثة السيول والامطار ؟ ولماذا لم ينفعل العالم بمشاهد البيوت المدمرة والالاف الذين باتوا دون ماوى ؟ على ان السؤال المهم هو لماذا تتحرج الحكومة في اعلان ان كارثة حلت بالبلاد من جراء السيول وتدعو العالم لتقديم المعونة ؟
بروفسور العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين يقول ان عدم استجابة العالم لكارثة السيول ترجع الى اهمية العلاقات الدولية مشيرا الى ان معظم دول العالم لم تقدم مساعدات للبلاد مبينا ان اهم الدول التي تقدم المساعدات هى دول الخليج مضيفا ( بالطبع ليست الصين او ماليزيا من واهبي المساعدات الانسانية ) ودعا زين العابدين الى ضرورة عدم حساب العلاقات الدولية بمبدأ الربح والخسارة او على اسس عاطفية او شخصية مشيرا الى سوريا لم تدان من قبل مجلس الامن الدولي رغم كل ما تفعله بداخل سوريا لجهة العلاقات الدولية الجيدة وبناء تحالف قوي صامد في وجه كل المتغيرات. ودعا زين العابدين اعادة النظر في العلاقات الخارجية .

اذن هل كان العالم يحتاج الى نداء مباشر من الحكومة السودانية تعلن فيه (خروج الامر عن السيطرة ) لتتدفق المعونات على المحتاجين ؟ يجيب بروفسور العلوم السياسية بالجامعات السوداني حسن الساعوري بالقول : العالم لايحتاج لاعلان صريح من الحكومة لتقديم المساعدات مشيرا الى العالم كله يعرف حجم الكارثة ، بيد ان الساعوري يقيم المساعدات التي وصلت البلاد بانها ( ضعيفة ) ويقول ان امريكا قدمت فقط (50) الف دولار فقط ووصف الساعوري ذلك بانه ( فضيحة دبلوماسية ) ويشير الساعوري الى ان العملية برمتها تتمحور في ( الى اي مدى هى علاقاتك الدولية ) على ان الساعوري يؤكد ان الجميع كان يعرف بحجم الخريف بناء على تقارير الارصاد بيد ان الاستعدادات لم تكن مواكبة له.
ويؤكد مهتمون بشؤون المساعدات ان الحكومة لها مبرراتها في عدم دعوة دول العالم لتقديم المساعدة مشيرين ان بعض الدول تستغل ظروف الكوارث لمارب اخرى ، يقول احد العالمين باحدى المنظمات الوطنية فضل حجب اسمه ان دعوة دول العالم صراحة لتقديم المساعدات يعني ان الحكومة ( فتحت على نفسها جهنم ) مبينا ان اعمال الاغاثة لاترتبط دائما بالعمل الخيري وانما جانب منها يظل كـ( حصان طروادة ) .

لكن هل كانت الحكومة فعلا في حاجة الى اعلان الكارثة لتضمن دخول المساعدات ؟ وهل يرقى الوضع الى تصنيف الكارثة العلمي ؟
استاذ العلوم السياسية بجامعة بحري دكتور عمر عبدالعزيز يقول ان الازمات والكوارث ليست لها ابعاد سياسية ، ويشير الى الكوارث عموما تندرج تحت وصفين طبيعية او ناتجة عن اعمال البشر ويقول ان الكوارث الطبيعية تتعلق بحجم الاضرار وتقدر بقدرة الدولة على مواجهة الامر ويؤكد انه في حالة عجز الدولة والقدرات الوطنية عن مقابلة الكارثة مشيرا الى ان بنود الطوارئ في كل دول العالم لا تسمح بارسال معينات الا لمنطقة كوارث وبعد تقديم الدولة التي تعاني من الكارثة معلومات محددة عن الاوضاع مشيرا الى انه حسب المعلومات التي تقدمها الدولة المتضررة ياتي حجم المساعدات وابان عبدالعزيز انه اذا اعلنت دولة ان الامور تحت السيطرة فان ذلك يعني ان الدولة قادرة على مواجهة الكراثة لوحدها .
ومع التوقعات السائدة بهطول امطار جديدة فوق المعدل ، فان عدة تساؤلات تجد طريقها على مسارات الكارثة ، الى اي مدى تظل الحكومة صامدة في وجه انواء السيول ؟ وهل سيخرج الوضع عن السيطرة مما يفتح الباب امام المنظمات الدولية للدخول من نوافذ الخريف بعد ان غلقت الحكومة الابواب وسدت الطريق امامها ، وحدها الايام القادمات تجلي الامور. [/JUSTIFY]

تقرير : عبدالوهاب جمعة
صحيفة الصحافة