تحقيقات وتقارير

ورشة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتعدين

الحفاظ على الكادر البشري أصبح من أولويات الدول الواعية باعتباره الثروة الحقيقية للدولة والاستثمار الأهم في عالم اليوم ، لذا أصبحت الجهات المعنية تسعى لتوفير بيئة عمل آمنة ينعكس ايجاباً في التحفيز على الانتاج في كل المجالات.

مؤتمر السلامة والصحة المهنية الأول في السودان
في إطار الإعداد لمؤتمر السلامة والصحة المهنية الأول في السودان المزمع انعقاده في أواخر أكتوبر من العام الجاري، عقدت الإدارة العامة للسلامة والصحة المهنية بوزارة تنمية الموارد البشرية والعمل بالتعاون مع بريليانس للأعمال المتقدمة ورشة عمل حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتعدين بهدف تسليط الضوء على أهمية السلامة والصحة المهنية والمخاطر الناجمة في مجال التعدين باعتباره أحد المجالات التي برزت مؤخراً واهتم بها المواطنون في عمليات التعدين الأهلي.
وقد أكد الفريق محمد أحمد رسمي وكيل وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل سعي الوزارة في مجال السلامة والصحة المهنية معتبراً الورشة مقدمة لعدة أعمال وشراكات مع الوزارات المختلفة للسير قدماً في التوعية بأهمية السلامة.

التعدين الأهلي أشواق ومخاطر
اتجهت الورقة التي قدمها المهندس أحمد الإدريسي المتخصص في السلامة والصحة المهنية من جامعة مانسشتر في بدايتها لتأصيل السلامة والصحة المهنية وتوضيح الضرورة المجتمعية مبيناً أن الإيمان بالقضاء والقدر من الإيمان إلا أن الأخذ بالأسباب من الدين أيضاً، وتحدثت الورقة بشكل ضافي ودقيق في عدد من المحاور أولها الاقتصادي معتبراً أن السلامة والصحة المهنية تعتبر من أهم الضمانات لنماء كل الأعمال التجارية وجودة المنتج ، وأشار الخبير الادريسي إلى أن معايير السلامة أصبحت تطبق باعتبارها جانب من مسئولية الشركات ولها بُعد في الترويج الايجابي لاسم الشركة، واعتبر أن المحافظة على المورد البشري من العوامل الاقتصادية الهامة لدعم عجلة التنمية المستدامة، وأن ضعف المعايير في هذا الجانب يُبعد بعض الشركات العالمية لما لها من علاقة بالسمعة الدولية للشركات العالمية ، كما أكد على أن الاهتمام بمعايير السلامة يؤثر ايجابا في جانب الولاء للمؤسسة من قبل العاملين فيها، وفي ذات السياق أكد المهندس أحمد أبوالقاسم من وزارة التعدين في ورقته الآثار البيئية للتعدين أن للتعدين أثر واضح في هجر الزراعة والمراعي ، إلا أن للتعدين دور كبير في النهضة الصناعية والعمرانية.
وأشار الادريسي إلى الجانب القانوني مبيناً أن المرجعية متوفره في دستور 1998م ودستور 2005م وأكد على ضرورة الاهتمام بالقوانين واللوائح التي تحافظ على العاملين ، وبيّن في جانب ثقافة السلامة والصحة المهنية أنها تعتبر ضعيفة في المجتمع السوداني مما يوجب الاهتمام بها مشيراً أن تعزيز الثقافة تبدأ من التشريعات ودور الدولة في تطبيقها ورفع الوعي بأهميتها.

التعدين الأكثر تدميراً للبيئة مالم …
في الجانب البيئي أشار الدكتور الادريسي إلى عوامل كثيرة تؤثر على البيئة منها قطع الأشجار والاستخدام المفرط للمياة مما يؤثر سلباً على توفر المياه الجوفية لسكان المنطقة، وفي السياق ذاته أكد المهندس أحمد أبوالقاسم في ورقته عن التعدين أن عائدات التعدين سريعة وتدعم الاقتصاد إلا أن الآثار البيئية للتعدين ضارة على مستوى التربة والجو مالم تتخذ التدابير اللازمة . إضافة إلى التعدين في الذهب يستهلك كميات كبيرة من المياة.

الآثار الاجتماعية والصحية
في الجانب الاجتماعي أوضحت الورقتين أن هناك مشكلة في استخدام الأطفال وارتفاع معدل الجريمة إضافة للعادات المختلفة التي يكتسبها الانسان في مناطق وقرى التعدين والتأثير على السكان الأساسيين للمناطق ودخول العمالة الخارجية وظهور القرى الجديدة، وأشار الخبير الادريسي لظهور مشاكل الضغط النفسي الذي يسببه توقع الأهل للشخص الذي يذهب للتعدين ، وفي الجانب الصحي أشار إلى خطورة استنشاق الزئبق عند التنقيب عن الذهب والأمراض التي لا علاج لها في حال دخوله جسم الانسان، والعمل داخل أحواض الغسيل بدون معدات تحافظ على سلامة الشخص وتلوث المياة ووجود الفطريات والعوامل المسببة للأمراض المختلفة إضافة لانتقال العدوي ومشاكل الظهر مستقبلاً من رفع الصخور الثقيلة وأكد على نسبة الوفيات واضحة وقد تزيد في حال عدم الاهتمام بعوامل السلامة في مناطق التعدين،

الأهمية الاقتصادية للتعدين
أكدت الوزيرة إشراقة سيد محمود أن التعدين شكل مصدر دخل اقتصادي على المستوى الشخصي والقومي كما ساهم في الحد من مشاكل الفقر والبطالة ، وأوضحت أهمية الورشة باعتبارها مساعي لمحاصرة الآثار السالبة في قطاع التعدين وحماية المواطنين وتحقيق السلامة والصحة المهنية قبل تحقيق الجدوى الاقتصادية، وأضافت أن إهمال معايير السلامة أدى خسارة العديد من الشركات لمئات الملايين مبينة أن القضية هامة جداً وتسهم في دعم الاقتصاد القومي وحماية الفرد والمجتمع، وختمت بضرورة إقامة الشراكات مع الوزارات المعنية وتطوير الأوراق لتقديمها لمجلس الوزراء مقدمة الشكر لمركز بريليانس والإدارة العامة للسلامة والصحة المهنية ومقدمي الأوراق.

آليات تحد من المخاطر
أكد المهندس أحمد أبوالقاسم أن وزارة التعدين وفرت آليات تحد بشكل كبير من مخاطر التعدين كماكينة تعمل بديلاً عن أحواض الغسيل المسببة للكثير من الأمراض ، إضافة لآله تعمل على فرز الزئبق عن الذهب بشكل لايؤثر سلباً على صحة العاملين في التعدين ودون لحاجة لتبخره في الهواء وبالتالي الحد من خطر استنشاقه ، وأشار إلى المخاطر الكبيرة للزئبق الوجود بشكل مباشر مع الذهب كما اشار لخطر وجوده في “الاسكراتشات” الكريمات والبويات.

السلامة والصحة المهنية هم قومي
من أهم توصيات الورشة تكثيف حملات التوعية الوقائية الجماهيرية عبر الوسائط المختلفة خاصة الحديثة منها ، عمل دراسات مسحية للأمراض والتغيرات الاجتماعية وإلزام الشركات بتوفير الاحتياطات ومعدات السلامة المطابقة والمناسبة لأجواء السودان إضافة لتشجيع المنتج السوداني في مجال التعدين والتنسيق والتكامل مع الجميع في الوعي بالسلامة والصحة المهنية باعتباره هم وطني ، إيضاً عمل دليل سلامة مهنية للمعدنين وتفعيل الدور الرقابي للوزارة ومتابعة المواقع وتواصل عمليات الكشف الابتدائي والدوري وتوفير العلاجات بأماكن التعدين .وعمل لافتات توضيحية وإشراك المنظمات العالمية المهتمة بالسلامة والصحة المهنية

أحمد عبدالعزيز