عبد اللطيف البوني

إلى أبي قناية مع التحية

إلى أبي قناية مع التحية
مشكورة مؤسسة المراجع العام التي تؤدي دورها بهمة عالية رغم الظروف التي تدعم المخالفات وتعرقل المشي على الصراط المستقيم ولكن مايقوم به المراجع من كشف للفساد والتلاعب بالمال العام لايعدو أن يكون جزءاً يسيراً جداً مما يمكن أن يحدث من تلاعب وفساد لا لقصور لدى المراجع العام بل لأن الصلاحيات التي يحددها الدستور له محددة لابل محصورة في حيز ضيق يمكن تلخيصها في ملاحقة المال الذي يخرج من خزينة الدولة ومعرفة الأوجه التي صرف فيها أما إذا كان ذلك المال لم يدخل خزينة الدولة أصلا فلا صلة للمراجع العام به وهنا بيت القصيد كما يقولون لذلك سعت معظم الدول و المنظمات العالمية لملاحقة الفساد بغير آليات المراجع العام كإنشاء مفوضيات ووزارات لمحاربة الفساد وما منظمة الشفافية الدولية ببعيدة عن الأذهان.
*الفساد الذي لايطاله المراجع في السودان معروف للجميع وواضح وضوح الشمس وفترت الأقلام والألسن من ذكره فوزارة المالية ليست لها الولاية على المال العام فكثير من مؤسسات الدولة أخذت تتعامل مالياً بعيداً عن وزارة المالية فالدستور أعطى وزارة المالية حق الولاية على المال العام وزارة المالية حددت آليات محددة للتعامل مع المال العام وهي أورنيك 15 للإيرادات وأورنيك 17 للمنصرفات وهذه الأرانيك لايتم التعامل معها إلابواسطة محاسب من وزارة المالية وأي مال يدخل خزينة الدولة أو يخرج منها من غيرهذه الأرانيك لاتطاله المراجعة العامة فانظر اليوم كميات الأموال التي تجبى بغير أورنيك 15 وتصرف بغير أورنيك 17 وكلمة جباية هنا الكلمة الصحيحة.
*الشركات الحكومية والتي يقال أن عددها تجاوز الـ500 شركة فهذه منشأة بقانون الشركات لعام 1925 ولكنها منشأة بمال عام وهي تعمل في سوق الله أكبر وتستفيد من آليات الدولة في الاحتكار والتسهيلات والذي منه وهي لاتخضع للمراجعة العامة إذا كانت نسبة أسهم الحكومة فيها أقل من 20 % لذلك يسعى البعض لإدخال الحكومة كشريك معه بنسبة تبعد المراجع العام عنه ثم يستفيد من آليات الدولة و قد صدرت عدة قرارات بتصفيتها ولكن يبدو أن المستفيدين منها كانوا أقوى.
*ظاهرة التجنيب وهي أن بعض مؤسسات الدولة تتعامل مع الأموال العامة تعاملاً مباشراً دون إخطار وزارة المالية وبما أن الحكومة سمحت للكثير من الهيئات والمؤسسات استنباط موارد ذاتية بفرض بعض الجبايات على تعاملاتها وبغير أورنيك 15 ثم سمحت لها بالتعامل المباشر في تلك الأموال أي بغير أورنيك 17 وبالتالي لاتخضع للمراجعة العامة فهناك جهات في الدولة تتصرف في أموال أكثر من أموال وزارة المالية (ذات نفسها).
*كل ما ذكرناه أعلاه يمكن أن يدخل في باب الفساد المؤسسي أي ذلك الذي أعانت الدولة عليه أما أبواب الفساد الأخرى فما أكثرها كالتلاعب في العطاءات والكوميشنات والرشاوي تحت وفوق التربيزة والحوافز ومخالفة المواصفات وبيع المعلومات والذي منه فهذه كثيرة لايمكن حصرها ولاتطالها المراجعة العامة فالآن تقول الحكومة أنها جادة في محاربة الفساد بإنشاء مفوضية يرأسها أبو قناية ففي إمكان هذه المفوضية أن تثبت صدق الحكومة وتقضي على الفساد المؤسسي وبجرة قلم وذلك بإصدار قرارات حاسمة تعطي وزارة المالية حق الولاية الكاملة على المال العام و تصفي الشركات الحكومية وتمنع تجنيب الأموال فإن فعلت هذا تكون قد بدأت فعلاً في محاربة الفساد وإلا فاليبشر الفساد بطول سلامة
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]