تحقيقات وتقارير

بعد مضي 60عاماً …حقوق الإنسان.. الامتحان مازال جاريا !

[ALIGN=JUSTIFY]احتفل العالم الأربعاء الماضى بفرنسا بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تهدد قيمه تحديات جديدة مثل الإرهاب، وبذلك اختتمت الأمم المتحدة حملتها التي امتدت على مدار عام تحت شعار «الكرامة والعدالة لنا جميعا»، وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن بدء الحملة التي شارك فيها جميع أعضاء أسرة الأمم المتحدة، ويرى خبراء ومراقبون ان الإنسانية ابتعدت أكثر فأكثر عن حقوق الإنسان كما أرادها واضعو الإعلان عام 1948 ، وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يجدد الدعم للإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى الذكرى الستين له، واصفة إياه بأنه «بوصلة أخلاقية» توجه عالم اليوم، وأضاف ، نص مشروع القرار ان الأمم المتحدة تأسف لحقيقة ان حقوق الإنسان والحريات الأساسية لم يتم إنجازها ولم تحترم حتى الآن عالميا. وأضاف أيضا أنه لا توجد دولة تستطيع ان تزعم أنها تحترم حقوق الإنسان بشكل تام «فى كل الأوقات على الإطلاق».
وأوضح المشروع، ان «البشر يواصلون المعاناة من الاهمال وانتهاك حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية». وحث مشروع القرار الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة على المضى قدما فى جهود تعزيز وحماية حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات «لأن الإعلان العالمى يقر ويحترم الكرامة والحرية والمساواة بين جميع البشر، وكرمت الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تضم فى عضويتها 192 دولة ستة أشخاص، من بينهم اثنان بعد وفاتهما، بمنحهم جائزتها فى مجال حقوق الإنسان لعام 2008 ، وشملت قائمة المكرمين لويس أربور مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ورمزى كلارك وزير العدل الأمريكى الأسبق، والمدافعين عن حقوق الإنسان كارولين جوميز ودنيس موكويج، ورئيسة وزراء باكستان السابقة بى نظير بوتو التى اغتيلت فى وقت سابق من عام 2008 بينما كانت تستعد لخوض انتخابات الرئاسة فى باكستان، والراهبة الفرنسية سيستر دوروتى ستانج ،ونالت سناء بن عاشور رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات المستقلة الجائزة الفرنسية لحقوق الإنسان لعام 2008 ومنحت «جائزة فايمر» الالمانية لحقوق الإنسان لعام 2008 للفلسطيني عصام يونس، مدير «مركز الميزان لحقوق الإنسان»، الذي يتخذ من قطاع غزة مقرا له.وتم تكريم هؤلاء الأشخاص لـ«مساهماتهم التى لا تقدر» فى تنفيذ الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فى فاتحة الجلسة «لقد قطعنا شوطا طويلا ولكن الحقيقة اننا لم نحقق رؤية الإعلان أو على الأقل لم نحققها بعد». وأضاف مون انه منذ توليه منصبه قبل عامين وهو يرى أن حقوق الإنسان تنتهك وغير محمية ، ودعا الى احياء الاعلان العالمى لحقوق الإنسان لأنه مازال هناك الكثير من الناس فى كل أنحاء العالم تنتهك حقوقهم الإنسانية، ودعا الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى بالخروج أولا من نطاق المساجلات التى وصفها بالزائفة، خاصةً تلك التي ترمي إلى أن حقوق الإنسان تعد قيمًا غربية تتم محاولة فرضها على أجزاء أخرى من العالم لها ثقافتها الخاصة بها ، يقول ساركوزى انه غير متفق مع هذا الرأي باعتبار ان المرأة المغتصبة قد أهينت أيًّا كانت القارة التي اُغتصبت فيها وان الرجل أو المرأة المدانان بسبب آرائهما، قد اُنكر عليهما حقهما في الإنسانية، ولخص وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير الذي انشأ منظمة «اطباء بلا حدود» الوضع بان هناك تناقضا مستمرا بين حقوق الإنسان والسياسة الخارجية للدول، حتى في فرنسا. واعلنت الامانة العامة لجامعة الدول العربية امس الاحد انها تعمل على انشاء لجنة عربية لحقوق الانسان تتولى
مراقبة تنفيذ الميثاق العربي لحقوق الانسان لدى الدول التي صادقت عليه وبميلاد هذه اللجنة تكون الجامعة قد انشات اول آلية عربية اقليمية لمراقبة حقوق الانسان وكانت الجامعة العربية اصدرت اول ميثاق عربي لحقوق الانسان في 1994 قبل ان يتم تحديثه واعادة صياغته ليتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان تم اقراره في القمة العربية في تونس عام 2004
واستغل المسؤولون السياسيون والمنظمات غير الحكومية الذكرى الستين لتقييم مدى الالتزام بالإعلان حيث طالبت منظمة العفو الدولية زعماء العالم بأن يقدموا اعتذاراً عن ستة عقود من الإخفاق على صعيد حقوق الإنسان وإعادة إلزام أنفسهم بتحقيق تحسينات محسوسة، واشارت الى ان الظلم وانعدام المساواة والإفلات من العقاب تُشكل السمات المميزة لعالمنا اليوم. ودعت الحكومات ان تتحرك الآن لسد الفجوة المتسعة بين الوعد والأداء ، واوضحت المنظمة فى تقريرها لعام 2008 أنه بعد مضي ستين عاماً على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جانب الأمم المتحدة، ظل الناس يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة في ما لا يقل عن 81 دولة، ويواجهون المحاكمات الجائرة في 54 بلداً على الأقل، ولا يُسمح لهم بالتحدث بحرية في 77 بلداً على الأقل، وحذرت من أن التهديد الأكبر لمستقبل حقوق الإنسان هو غياب رؤية مشتركة وقيادة جماعية، وقالت سكرتيرة المنظمة أيرين خان إن «العام 2008 يتيح فرصة غير مسبوقة أمام القادة الجدد الذين أتوا إلى السلطة والدول التي برزت حديثاً على المسرح الدولي لتحديد اتجاه جديد ورفض السياسات والممارسات قصيرة النظر التي انتُهجت في السنوات الأخيرة وجعلت العالم مكاناً أكثر خطورة وانقساماً» ، وطالبت الحكومات بأن تضع نموذجاً جديداً للقيادة الجماعية يستند إلى المبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقالت أيرين إنه «ينبغي على الدول الأقوى أن تشكل قدوة لغيرها» خاصة الصين التى قالت ينبغى أن تفي بوعود حقوق الإنسان التي قطعتها بشأن الألعاب الأوليمبية، وأن تسمح بحرية الكلام وحرية الصحافة، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تُغلق معسكر الاعتقال في غوانتنامو ومراكز الاعتقال السرية، وأن تقاضي المعتقلين بموجب معايير المحاكمة العادلة أو تُطلق سراحهم وأن ترفض رفضاً قاطعاً استخدام التعذيب وسوء المعاملة، وعلى روسيا أن تبدي درجة أكبر من التسامح إزاء المعارضة السياسية وعليها عدم التسامح مطلقاً إزاء الإفلات من العقاب بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الشيشان، وعلى الاتحاد الأوروبي أن يحقق في تواطؤ الدول الأعضاء فيه في «عمليات التسليم السري» للمتهمين بالإرهاب وان يضع معياراً واحداً لحقوق الإنسان بالنسبة لأعضائه والدول الأخرى ، ودعت بلدان العالم الثالث لاحترام حقوق الإنسان لان القلقين والغاضبين من شعوبهم لن يسكتوا ، وإن القادة لن يلوموا إلا أنفسهم إذا ما تجاهلوهم». ووجهت منظمة العفو الدولية نداء إلى الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما حول وضع حقوق الإنسان. وقالت السكرتيرة العامة للمنظمة ايرين خان إنها تأمل فعلا بأن تتخذ الولايات المتحدة موقفا حازما من حقوق الإنسان في المستقبل.
وحقوق الإنسان «تراث إنساني مشترك يحمل قيما كونية إنسانية»، وان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو بحد ذاته « توحيد لمفهوم الإنسان» وجاء لتقوية مبادئ المساواة والعدل واحقاق تلك الحقوق والنهوض بها ونشر ثقافتها. ومبدأ كونية حقوق الإنسان، الذي يستمد أسسه من مبدأ المساواة في الكرامة لجميع البشر، «يحتل مكانة محورية في النقاش السياسي والقانوني لمنظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمسارات الإصلاحية»، وقال الخبير القانوني ستيفان هيسيل البالغ من العمر 90 عاما الذي شارك في حينه في وضع النص لوكالة الصحافة الفرنسية إن المتشائمين يقولون إن الأمور تزداد سوءا وإن العالم رهيب، الآخرون مثلي أنا يقولون: انكم لا تعرفون كيف تنظرون إلى التاريخ. لقد حصل تقدم لا مثيل له منذ 60 عاما.غير أن المدافعين عن حقوق الإنسان يتحدثون عن تراجع ويبدون شكوكا وتساؤلات خصوصا منذ اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001م، وكتب الرئيس الفخري للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان باتريك بودوان في صحيفة لوموند الفرنسية يقول إن الظاهرة الابرز، ولو أنها ليست الظاهرة الوحيدة، مرتبطة بما يسمى ما بعد 11 سبتمبر/أيلول.وقال رأينا سلسلة ردود فعل من الولايات المتحدة ومن دول غربية أخرى سلبية تماما في ما يتعلق بالحريات.
والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يشكل آلية متقدمة للمجتمع الدولي ومكسبا للبشرية، يهدف إلى الارتقاء بالوجود الإنساني على جميع المستويات، بيد ان حكومات غربية كثيرة تصر على الانتخابات فى الدول غير الديمقراطية دون الضغط على الحكومات بشأن قضايا حقوق الإنسان الأساسية التي تجعل الديمقراطية فعالة، قضايا مثل حرية الصحافة والتجمع السلمي وعمل المجتمع المدني التى تسمح بمنافسة فعلية مع الحكومات والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر بعد الحرب العالمية الثانية الذى ينص في مادته الأولى على أن جميع الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق ، ويشير إلى أن هذه الحقوق إنسانية ومدنية واقتصادية واجتماعية وثقافية ولكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في الإعلان دون أي تمييز، وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 58 دولة في حينه النص، ويحتفل المجتمع الدولي بالإعلان العالمي الصادر عام 1948، كل عام في العاشر من شهر ديسمبر ، وبدأ الاحتفال به رسميا اعتبارا من عام 1950 بعد أن اعتمدت الجمعية العامة القرار الذي دعت فيه جميع الدول والمنظمات المهتمة بالأمر إلى اعتماد هذا اليوم من كل عام بوصفه يوم حقوق الإنسان.ويتألف الإعلان العالمي من ديباجة وثلاثين مادة، وهو يرسي مجموعة واسعة النطاق من الحقوق والحريات البشرية الأساسية، ويشكل أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو مصدر إلهام لمجموعة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية ذات الإلزام القانوني.
ابوزيد صبى كلو :الصحافة [/ALIGN]