بشراك يا فتاة الخليج
أميل عادة الى قراءة المجلات التافهة قبل النوم، تفاديا لإجهاد ما تبقى من عقلي، ولأنني أجد في قراءتها متعة شديدة، لا أجدها في القنوات الفضائية التافهة، لأن عيب تلك القنوات يكمن في انها ترغمك على استخدام السمع والبصر للتعامل مع مصدر التفاهة، في حين ان هذا النوع من المجلات يسمح لك بتصفحه في دقائق مع الوقوف عند الأبواب الفكاهية مثل هواة المراسلة وطالبي الزواج، (أليس غريبا أنه رغم أن الانترنت وفر ساحات ومساحات هائلة للتواصل الاجتماعي بين الناس في كل القارات ما زال هناك أشخاص عرب يعلنون في الصحف رغبتهم في مراسلة آخرين بالبريد الذي يتطلب لحس الطوابع باللسان .. قرف) وأعجب كثيرا لأن معظم الراغبين في مراسلة أشخاص لا يعرفونهم، هم شباب في اول رحلة العمر، وقد تجد لهم العذر لأنهم قد يكونون محرومين حتى من الونسة في البيئات التي يعيشون فيها، أو لم يسمعوا بعد بالانترنت، ولكن ما لا افهمه هو ان أجد من بينهم شخصا تمتد صلعته الى الفقرة العاشرة من سلسلته الفقرية، ويقول انه يبحث عمن يراسله من أي بلد!! ليه؟ ليش؟ لماذا؟ واي؟ لو كان فيك خير لوجدت حولك أقارب وأصدقاء تتبادل معهم الأحاديث والونسة بدلا من السعي للونسة مع غرباء! وعلى كل حال فإنني احسد هواة المراسلة على تحليهم بطول البال، فمن اصعب الأشياء على نفسي ان اكتب رسالة لأي كائن، ورغم انني حرصت طوال عمري على نيل رضا أمي، فإنني لم انجح كثيرا في مراسلتها، وكنت أتعلل دائما بقولي لها: لا أستطيع ان أراسلك لانك تكلفين شخصا آخر بقراءة الرسائل، وهناك أسرار أود ان أبوح بها لك.. واشترط لانتظامي في مراسلتك ان تتعلمي القراءة والكتابة! فترد علي شامتة: القلم لا يزيل بَلَم، وهو مثل سوداني يعني ان القلم لا يزيل الجهالة، وبحمد الله فقد اكتشفت أمي رحمها الله قبل وفاتها بنحو سنتين ذلك الاختراع العجيب المسمى التليفون واصبحت مطالبا بمحادثتها لاسلكيا مرتين كل أسبوع، مما أرهق مواردي المالية، فاقترحت عليها ان تشترك في الانترنت لنتراسل بالبريد الإلكتروني فاتهمتني كعادتها كلما تخسر مناقشة معي بالشيوعية!
قلبت مساء البارحة مجلة ممعنة في التفاهة والركاكة والسماجة والسخافة والهيافة والقيافة (المجلات التافهة هي دائما الأكثر قيافة وأناقة) ووقفت عند زاوية طالبي الزواج، وقرأت: شاب عربي..أكمل المرحلة الابتدائية (يا عيني على العريس الفلتة) ويعمل في دولة خليجية يبحث عن عروس خليجية.. العمر لا يهم..الجمال..لا يهم.. تملك بيتا خاصا!! هذا ما جنته صحف الخليج على بنات الخليج، ففي كل صفحة مأتم وعويل عن العانسات، لأن الصحف قررت ان البنت التي تبقى بلا زواج حتى تبلغ الخامسة والعشرين تصبح عانسا! وهذا الشاب يحسب نفسه فاعل خير، ويظن بسبب ما يقرأه في صحف الخليج ان بنات المنطقة بائرات، وعلى باب الله: عريس لله يا محسنين! فقرر ان يحل مشكلة العنوسة ولكن بشرط: ان يكون لها منزل خاص!! وددت لو حصلت على عنوان ذلك الشاب كي اتوسل اليه انه اذا حصل على عروس الغفلة تلك وكانت لديها أخت بنفس المواصفات «العقارية» ان يدلني عليها.
مصيبة الكثيرين من العرب انهم يحسبون ان جميع أهل الخليج أغنياء، وان كل فرد منهم يملك بيتا خاصا وأربع سيارات، وبئرا مليئة بالريالات والدراهم يغرف منها بغير حساب، وما اعرفه بعد العيش أكثر من عشرين سنة في منطقة الخليج ان اكثر من نصف السيارات التي تسير في شوارع مدن المنطقة مرهونة، وأعرف أيضا ان الزواج بخليجية لا يعطي الزوج جواز سفر وطن الزوجة، واعرف ان الخليجية حتى لو كانت عانسا حقيقة فهي ليست من الغباء بحيث تقبل عريسا يضع عينه على بيتها الخاص قبل ان تقع عينه عليها!!
جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
التحية لأبو الجعافر ، مع الأسف الشديد يا أبو الجعافر أصبح هذا واقعا مُعاش ،، فهناك الكثيرات راغبات الزواج تحلل لنفسها هذا العرض الذي يتماشى وواقع الشباب ،، وتلجأ الكثيرات لهذا الإغراء ،لأنهم يردن العفة والستر لا أكثر ،، وذلك استنادا على قول النبي ص [تنكح المرأة لأربع ،مالها ،جمالها ،حسبها ونسبها ،واظفر بذات الدين تربت يداك ] وكثير من الزيجات تتم على أساس هذه الصفقات المادية ،، ولا نقول إلا أنها علامات آخر الزمان أجارنا الله .