تحقيقات وتقارير

على ود حسن .. صائغ سوداني يفوز بجائزة تصميم تاج الملكة فكتوريا

تألق الصاغة قديماً في فن تصنيع وتشكيل الحلى وغيرها من الذهب، ويستخدم الصائغ حسه الذاتي وذوقه أو خبراته وتجاربه الشخصية والمهنية. وهي تعتمد على تقديم صورة مشابهة للواقع لا يمكن للإنسان الوصول إليها أو إنشاؤها مثل الفنون التطبيقية والعلمية كون المصمِّم يجب أن يكون ملمًا بخصائص المعادن النفيسة والأحجار الكريمة إضافة إلى الذوق والحس المرهف عند التصميم.
وفن «الصياغة» كفعل يشير إلى عملية إنشاء وخلق قطع جماليَّة وجذابة من المعادن، تجسِّد الحضارة التي ينتمي إليها الصائغ ويُعتبر طرازًا للمترفين من ملوك وأمراء.

تاج فكتوريا
يحكي الصاغ عثمان محمد عثمان أن تصاميم الصاغة السودانيين انحصرت في بادئ الأمر في «الحجول ــ الشولق ــ الفدو» وكانوا يُسمَّون بالحدّادة ويمارسون مهنتهم هذه على الأرض.
والحدّادة صنايعية مَهَرَة يصنعون من الذهب أشكالاً اندثرت في هذا الزمان مثل «الفدو» التي تُلبس في الأذنين و«الشفّ» الذي يُلبس على الرقبة.. و«الرشمة الزمام» اللذين يوضعان في الأنف و«الحجل» ويلبس عند القدمين..وعندما تطوَّرت مدينة أم درمان وازدهرت وأصبح بها سوق كبير وكان بهذا السوق مجموعة من الصاغة الأجانب «يهود أغاريق ــ مصريين ــ شوام ــ هنود».. أخذ السودانيون منهم بعض الفنيات وبرعوا فيها براعة شديدة، لينتقل هؤلاء البارعون من الحدادة إلى مهنة الصياغة، وأصبح الصاغة يعملون من على ترابيز بدلاً من الأرض.
وقد توارث الأبناء من الأجداد هذه المهنة إلى يومنا هذا.. وانتشر الصاغة في جميع مدن السودان..
ويُعتبر الصاغ علي ود حسن وأونسة والد الفنان مجذوب أونسة من أقدم وأشهر الصاغة، وبلغت شهرتهما بريطانيا عندما فاز علي ود حسن في مسابقة تصميم التاج الملكي للملكة فكتوريا إبان الاستعمار الإنجليزي للسُّودان.. وما يزال هذا التاج معروضًا بمتحف اللوفر بباريس.
مفتاح المدينة
ويُشير الصاغ عثمان محمد عثمان إلى أن العمل في مجال الصياغة في السُّودان آخذ في التطور مدللاً على ذلك بالطلبات الكثيرة التي تأتيهم من السفراء العرب والغربيين بالخرطوم، وقال: إن نصل «مقبض» خنجر السفير اليمني بالخرطوم قام بصناعته له من الذهب الخالص، كما قام بتنفيذ جميع أحزمة طاقم السفارتين الأردنية والجزائرية بالخرطوم من الذهب والفضة ويزن الواحد منها «250» جرامًا.وأبان أنَّه في عهد نميري قام بتنفيذ الكثير من القوايش «قوايش القوات المسلحة» لتُهدى للوفود الزائرة للقصر الجمهوري.
كما أنه صمَّم العديد من «مفتاح المدينة» لحكومة نميري ليتم إهداؤه للرؤساء الزائرين للخرطوم.
وفي عهد الإنقاذ قام بتصميم شعار الولاية الشماليَّة من الذهب الخالص.ويفخر الصاغ عثمان بأنَّ عددًا من مشغولاته الذهبيَّة ترقد الآن بمتحف القصر الجمهوري، ومنها جرس العشاء والذي يتكوَّن من صينيَّة لحمل كوؤوس العصير وقرني عاج يتدلَّى منها جرس من الذهب الخالص وعصا صغيرة ليضرب بها الجرس حتى يرنّ من سن فيل محلاة بالذهب.كما يوجد بالمتحف عددٌ من الحراب المحلاة بالذهب من تشكيلاته.
لا يوجد عمل يدوي
ويُشير الصاغ عثمان إلى أنَّهم كثيرًا ما كانوا يستشيرون الفنان التشكيلي شبرين في «إسكتش» تشكيل بعض المصوغات الذهبيَّة.
وقال إنهم في السابق كصاغة يعرفون نقشة زملائهم، فلكل صاغ ما يُميِّزه، أما الآن فيتم العمل في قوالب، مما جعل كل التصاميم متشابهة، ولا يوجد عمل يدوي إلا في أم درمان، وهو باهظ التكاليف.
وأحيانًا تقلد مجوهرات حقيقية بهدف بيعها بأسعار رخيصة وهناك المجوهرات المطلاة بالذهب وهناك الأكسسوارات التقليدية.
ويقول العم عثمان إن مهنة الصاغة حتى وقت قريب كانت حكرًا على أُسر معيَّنة ولكن بسبب التطور الذي طرأ عليها ونقلها من العمل اليدوي إلى العمل عبر آلات دخلها كثيرون وأصبحت ليست حكرًا على أُسر بعينها.
ويُشير إلى أنَّه بدأ مزاولة هذه المهنة منذ أن كان عمره «14» عامًا ليعمل إلى جنب والده وأخيه «أحمد» في بداية السبعينيات، وورث هذه المهنة عن أبيه وجده الذي كان منزله بالخرطوم في مكان مقابر الأتراك بشارع البلديَّة ويجاوره مؤسِّس جريدة «العَلَم» عثمان منصور.
أبرز الصاغة
ويتذكَّر عثمان أنَّ من أبرز الصاغة بمدينة عطبرة الخليفة أحمد عقيد.. وعوض الكريم حداد.. ومحمد السراجابي.. والحسن ود علي، آل أونسة حسن وعثمان السيد أونسة وأحمد علي المزند ومحمد الهادي مبروك.. وأولاد بابكر علي شمشون علي وإبراهيم ومحمد والحسين البشير وأولاده صلاح وعلي وهاشم.. وفكي أحمد عبد الوهاب وابنه عبد الوهاب. وتميَّز الصاغ ضمرة الطاهر حداد عن غيره من الصاغة بأن لمحله ختمًا خاصًا يحمل اسم «ضمرة» تُوسم به كل المشغولات الذهبيَّة التي تعمل في محله كرمز جودة ودقَّة.
وفي مدينة الدامر كان الوسيلة أحمد أونسة وأخوه الحسن أحمد أونسة وجعفر السيد أونسة والزبير الطاهر حداد وآل البشير حاج رحمة والإخوان بابكر وأحمد وخالد البشير.
وفي مدينة كسلا كان محمد الحسن رحمة، والهادي مبروك، والعبيد وعبد الرحمن والطيب حمد، وبكري الحسن باشاوي، وعلي الحسن، ومحمد بابكر العود.. ومصطفى محمد أحمد.
وفي مدينة بورتسودان الصاغ سر الختم العرش، وعوض الكريم حمد، ومحمد حمد، وخرساني بابكر، وسيد علي عوض الكريم، وحسن رابعة، وعبد الله حلو الجوار ورمضان بابكر، ويسن الجاني..
* وفي القضارف عبد الله حمد وإخوانه «شيخ الدين ــ عثمان ــ عبد العاطي».
* وفي دنقلا.. كمال إسماعيل الصافي، وأولاد سيد علي ومحمد دفع الله السيد، والريح عثمان.

صحيفة الانتباهة