سياحة رسمية وأخرى فرايحية ..!!
** على سبيل المثال، أنقل بالنص – من دليل المشروعات الترويجية – ما يلي .. ( مشروع إستغلال النيل سياحيا، ببناء شاليهات ومكاتب وملاعب وشراء لنشات متوسطة وكبيرة وحافلات سياحية وعربات.. وذلك لتنظيم رحلات نيليلة وتنشيط حركة السياحة على النيل من الخرطوم عبر النيل الأبيض حتى جبل أولياء وعبر النيل الازرق حتى جزيرة التمساح وعبر النيل حتى السبلوقة..والتكلفة الكلية للمشروع حوالي 65 مليون دينار)..هكذا حال الموقع المراد به الترويج عن الإستثمار، كما حال ذاك النزيل، من زمن (الدينار والتتي )، بحيث لم يواكب حتى زمن جنيه مابعد نيفاشا، ناهيك بأن يواكب زمن جنيه ما بعد الإنفصال ..!!
** تمهل يا صديق، ليس عدم تحديث تكلفة هذا المشروع السياحي وحده هو دليل تخلفهم ، بل إقرأ ما يلي أيضا، حول ذات المشروع أيضا..(بحاجة إلى دراسة جدوى، معروض للقطاع الخاص، الجهة المنفذة شراكة بين القطاع العام والخاص، ويمكن تنفيذ المشروع فورا إذا توفر التمويل )..أها شن قولك في هذا النوع من الترويج؟ وشن قولك في طريقة العرض؟..لم يتم دراسة جدواه، ومع ذلك يروجونه بحيث يمكن تنفيذه – وكمان فورا – إذا توفر التمويل؟..هل تذكرون حكاية (نهج النظام الذي يبني الجسر أولا، ثم يبحث عن النهر لاحقا)..؟..وهكذا نهج الذين يروجون لهذا المشروع السياحي، ولو لم يكن كذلك لدرسوا المشروع بحيث يتبين تكلفته وجدواه الإقتصادي والسياحي للناس والبلد، ثم بعد ذلك لروجوه لرجال الأعمال بقلب مطمئن يؤكد (يمكن تنفيذه فورا)، أوهكذا يجب أن يتكئ التوكل على قاعدة( أعقلها)، ولكن ما نراه حاليا هو نموذج من نماذج التواكل المتكئ على ( مادرسنا جدواه، لكن ممكن تنفذوه فورا) ..هذا نموذج ترويج لمشروع إستثماري بالموقع الإلكتروني لوزارة الإستثمار، علما بأن الموقع يضج بالمشاريع الإستثمارية وتكاليفها، وكل قيمة التكاليف من ( زمن الدينار )..وعليه، فقط أصلحوا حال موقعكم الإلكتروني هذا يا ولاة أمر الإستثمار، أي إصلحوا حال االمشاريع لإستثمارية في الأسافير إن عجزتم عن إصلاح حالها على ( أرض الواقع ) ..!!
** نرجع للسياحة..هي كما الثقافة والرياضة، بحيث يجب ألا يتجاوز الدور الحكومي فيها توفير(الخدمات والقوانين)، دون الإغراق في التفاصيل التي من شاكلة ( تعال نشترك نشتري مراكب ونبني شاليهات)..إذ توفر المناخ الملائم – وهوالقانون والطرق والكهرباء والمياه – فالمجتمع ورجال أعماله هم الذين يصنعون السياحة وينشرون ثقافتها ويجلبون السواح بكل هدوء وبلا ورش عمل و مؤتمرات و سمنارات وغيرها من مرهقات خزينة الدولة..وذات مساء، سألت أمير التلب – مواطن سوداني ليس بوزير ولامدير- عن : كيف خطط ل (ملتقى الأحبة)..؟، وهو الملتقى الأسبوعي الذي يجمع أهل الثقافة والفنون والأداب بعامة الناس في الهواء الطلق على شارع النيل، بلاتذاكر وبلا عقد وتعقيدات من شاكلة : ( نرحب بالسيد الوزير الذي يبدي حرصه الشخصي على نجاح هذا المشروع السياحي)..فأجاب التلب موضحا كيفية التخطيط ( على الطلاق نحن 5 أنفار كنا بتنونس هنا وفكرنا وقررنا نستفيد من النيل ده وكنا بنجيب الشاي والكيك من بيوتنا )، هكذا كانت بداية (ملتقى الأحبة) حتى صار مكانه وزمانه فضاءا فرايحيا يرتاده زوار النيل وأهل الثقافة والصحافة، بل حتى بعض النافذين بالدولة، ولكن كمواطنين يبحثون عن ( بعض الفرح)، وهم الذين يصادرون أفراح الناس طوال ساعات النهار بسوء النهج وبؤس التطبيق..هذا نموذج سياحة يصنعها المجتمع، وفي المجتمع يكمن سر النجاح..ولذلك، نقترح لوزير سياحة الحكومة المرتقبة بأن يحث حكومته على توفير المناخ فقط لاغير( القانون والخدمات)، ثم تدع المجتمع في حاله ليحتكر كل التفاصيل التي من شاكلة ( نشتري لنشات ونمشي السبلوقة وجزيرة التمساح)..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]